حق أُريد به باطل!

  • 8/21/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عجيب أمر العلمانيين التونسيين، على الرغم من أنهم كثيراً ما هتفوا بحرية الرأي والنقد، وقبول الآخر وغيرها من الشعارات الجوفاء، التي ثبت مع مرور الأيام كذبها ومجافاتها للواقع، فإذا بهم اليوم يهتفون ضد الأزهر؛ لأنه كشف أباطيلهم وضلالهم وزيغهم، بدلاً من أن يرعووا ويثوبوا إلى الحق، وقالوا فى هتافهم: "يا الأزهر خليك في العسكر"، نعم لا ننكر أن أزهر "الطيب" تستر وسكت على كل جرائم العسكر، وقبض عربون عمالته وخيانته، لكنه اليوم قال كلمة حق فنقول له أحسنت! وكنا ننتظر من علماء تونس، أحفاد الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور، أن يصدعوا بالحق، ويقولوا لهذا المخرف: كذب السبسي وصدق الله! وقد اعتبر الأزهر أن مساواة المرأة بالرجل في الميراث هي اعتداء على حدود الله، وأن الاعتداء على حدود الله حرب على الله والأمة، وإن المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة، لا تحتمل الاجتهاد، ولا تتغير بتغيّر الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلةً لا مجملة، وأجمع عليها فقهاء الإسلام قديماً وحديثاً، ولكن بعض الناشطين التونسيين قاموا بعمل هاشتاغ بعنوان: "يا أزهر خليك في العسكر"، ورفضوا تدخل الأزهر في شؤونهم الداخلية، وأن الأزهر يعمل على تخريب تونس كما خرب مصر، وأن الأزهر سكت على تنازل قائد الانقلاب العسكري عن جزيرتي تيران وصنافير، وسكت على القمع الذي يمارسه النظام ضد المعارضين! كما أن حزب السبسي عبَّر عن غضبه من التدخل فى الشأن التونسي من أية جهة خارجية، وذلك بسبب تحفظ بعض المؤسسات الدينية في العالم العربي وفي مقدمتها الأزهر على مقترحات السبسي حول منح المرأة حق المساواة مع الرجل فى الميراث والزواج من غير المسلم. وقال القيادي في حركة نداء تونس "برهان بسيس": إنه من المفيد "التذكير بأن نقاشنا التونسي الداخلي يظل ظاهرة صحية ومطلوبة مهما بلغ حجم اختلافاتنا تجاه قضايا مثيرة للجدل مثل المساواة فى الإرث أو زواج المسلمة بغير المسلم"، ورفض تدخل مؤسسات غير تونسية في هذا الجدل، لافتاً إلى أن مقترحات السبسي قضايا تهم المجتمع التونسي فقط وليس من حق أحد الدخول فى هذا النقاش. وقالت الكاتبة التونسية "ليلى العود": أنا كامرأة تونسية لا يعنيها ما يقال من السياسيين عن حقوق وحرية المرأة؛ لأن حقوقي مضمونة بالإسلام وحريتي كفلها لي حتى في الاختيار بين الكفر والإيمان، وهو ما لا يفعله السياسيون الذين إن خطر لي أن أقول لهم إني كافرة بسياستكم ولا تلزمني في شيء، فسوف يقفون ضد هذه الحرية ولسان حالهم يقول: فمن شاء أن يكفر بما نقرر فالسجون والتعذيب والإذلال في انتظاره. فكامرأة تونسية كنت أنتظر من خطاب رئيس البلاد، بمناسبة ما يسمى "عيد المرأة" أن يفرح حرائر تونس بإعلانه تشريع المساواة في تقسيم ثروات البلاد؛ لتنال المناطق المهمشة نصيبها في التنمية والعيش الكريم، فإذا به يغفل عن ذلك ويطالب بالمساواة التامة بين الجنسين في الميراث. فكم من أسرة ستشهد فتنة بين الأخت وأخيها بسبب تمسك الأخ بأحكام القرآن، وأخذ نصيبه المفروض له من الله، وتمسك الأخت الموالية لأنظمة تتطاول على أحكام الله بنصيب مثل نصيب أخيها في الميراث، فتنة ستؤدي إلى قطيعة الرحم أكثر فأكثر وحتى إلى الاقتتال بين الإخوة. وعلى الرغم من أن عدداً من الأحزاب التونسية شنت هجوماً على الرئيس التونسي، فقد أصدر حزب قوى الرابع عشر من يناير بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لما جاء في خطاب السبسي، وأن هذا الرفض يأتي طبقاً لتعاليم الدين الإسلامي، ولن يسمح بتمرير أي قانون مخالف لشرع الله. كما دعا حزب تيار المحبة التونسي إلى سحب الثقة من السبسي، وعزله بتهمة مخالفة الدستور، وإطلاق عريضة شعبية على شبكة التواصل الاجتماعي، تطالب مجلس نواب الشعب وتلزمه بسحب الثقة من السبسي! كما نشر عادل العلمي، رئيس حزب "تونس الزيتونة"، تدوينة على صفحته الشخصية على الفيسبوك، كفّر فيها السبسي والمفتي عثمان بطيخ، قال فيها "سبسيكم ومفتيكم إذا ماتا ولم يتوبا، فلا يُغسّلا ولا يُكفّنا ولا يُصلى عليهما ولا يُدفنا في مقابر المسلمين". فى حين كان موقف حركة النهضة غير واضح وغير حاسم، وتعامل مع هذا الموضوع الخطير كقضية سياسية، ما دفع البعض إلى القول بأن هناك صفقة سياسية بين النهضة ونداء تونس، فقد قال الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة والنائب الأول لرئيس البرلمان: إن ما أعلنه السبسي في خطابه في عيد المرأة مفاجأة للجميع ولا أحد توقع مضمونه، وقال إن السبسي رجل حكيم وهو حكيم ومدرك وفاهم والكلمة اللي رماها بميزانها، وقد وجهها إلى الإطار الديني وليس إلى الأطراف السياسية. وفضيلة المفتي له رأي في الموضوع وأظنه محايداً، في حين أن القضية لم يطرحها السبسي كمشروع واضح المعالم، بل اكتفى بالتعبير عن رغبة في التسوية بين الذكور والإناث. وأن إلغاء المنشور الذي يمنع زواج التونسية من غير المسلم إلا بعد إشهار إسلامه، هو أمر يتعلق منذ البداية بإرادة الزوجة وحقها في الاختيار. كما اعتبر أن قضية الميراث في المقابل ليست قضية أفراد بل قانوناً عاماً، فبدلاً من أن يرد على هذا المروق ، ويعيد سيرة الطاهر بن عاشور؛ إذ به يكيل المديح والإطراء لهؤلاء المارقين! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :