لماذا عاد إردوغان إلى قيادة حزب العدالة والتنمية؟

  • 5/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في 27 أغسطس 2014 اضطر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الاستقالة من زعامة حزب العدالة والتنمية الذي أسسه مع عدد من أصدقائه في 14 أغسطس 2001 أي بعد ثلاثة عشر عاماً وثلاثة عشر يوماً، ليتسنى له الترشح لمنصب رئيس الجمهورية التركية، وتخلى وقتها عن حلمه -ترؤس الحزب والبلاد في آن معا- ولكن إلى حين. وخلال السنوات الثلاث التي تلت استقالته من رئاسة الحزب، عمل إردوغان ليل نهار، ودون كلل أو ملل على تحقيق ذلك الحلم الذي لم يستطع أسلافه تورغوت أوزال وسليمان ديميريل تحقيقه رغم تمنيهم ذلك علناً. ولتحقيق الحلم لجأ إلى الشعب الذي كان يدرك إردوغان أنه مل وسئم بل وكره الحكومات الائتلافية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، والتي لم تجلب لتركيا سوى الفقر والدمار السياسي، وأن هذا الشعب يبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولأن إردوغان حقق ذلك الاستقرار للشعب خلال حكمه الذي بدأ في عام 2003، ولأنه ليس لإردوغان بديل يملأ مكانه، دعا إلى استفتاء شعبي لتعديلات دستورية تمكن إردوغان من جمع السلطات التنفيذية في يديه، وكان له ما أراد، وحصل على موافقة نحو 52% من الناخبين ليبدأ الخطوة الأولى نحو عهد جديد في تركيا، ثم تلت ذلك الخطوة الثانية وهي العودة إلى رئاسة الحزب، وقد تحققت هي الأخرى أيضا، ويأتي الدور الآن على الخطوة الثالثة وهي إلغاء منصب رئيس الوزراء وتشكيل برلمان جديد مكون من 600 عضو بدلا من 550 عضوا وذلك عقب الانتخابات الرئاسية والنيابية المنتظرة في عام 2019. وللوصول إلى الخطوة الثالثة يتوقع أن يقوم الرئيس إردوغان بعدد من العمليات الجراحية في حزب العدالة والتنمية والحكومة، ووفق ما يدور في كواليس السياسة في أنقرة، فإن أولى العمليات بدأت مع انتخابه من جديد لقيادة الحزب الحاكم، بتغيير 19 عضواً من أعضاء المجلس المركزي لاتخاذ القرار في حزب العدالة والتنمية المكون من خمسين عضواً، وهو الفريق الذي سيعمل معه إردوغان في الحزب في المرحلة المقبلة، ويلاحظ في المجلس الجديد خلوه من الحرس القديم للحزب الحاكم فيما عدا أربعة أو خمسة أسماء معروفة بولائها التام للرئيس إردوغان، والحضور القوي للشباب الذي يوليه إردوغان اهتماما خاصا، ويؤكد على إحتضانه وإعطائه الفرصة للقيادة داخل الحزب والحكومة. والعملية الثانية ستطال الحكومة الحالية التي يرأسها - الرجل الوفي لاردوغان – بن علي يلديريم، ويتوقع أن يجري إردوغان تغييراً وزارياً بسيطاً قبل نهاية هذا الأسبوع يطال على الأقل عشرة وزراء من الوزراء الحاليين، على أن يطال التغيير الوزارات الخدمية أكثر من غيرها. والعملية الثالثة ينتظر أن تطال بعض رؤساء البلديات غير المرضي عنهم، والذين كثرت شكاوى المواطنين منهم، فضلاً عن ضعف أدائهم في الاستفتاء الأخير الذي خسر فيه حزب العدالة والتنمية بعض قلاعه كاسطنبول وأنقرة وحتى بعض البلدات والأحياء داخل تلك القلاع، وبحكم أن رؤساء البلديات وصلوا إلى مواقعهم بالانتخابات الشعبية، فإن إردوغان لن يعمل على عزلهم أو تغييرهم، وإنما قد يلجأ إلى أساليب تأديبية أخرى مع بقائهم على رأس عملهم إلى موعد الانتخابات البلدية في عام 2019 الذي سيكون عام الانتخابات بامتياز في تركيا. الرئيس إردوغان وفي خطاب عودته إلى قيادة الحزب الحاكم قال إنه سيرسم خارطة طريق مدتها ستة أشهر، ويتوقع أن تحدد هذه الأشهر الستة ملامح العهد الجديد في تركيا. وكان لافتاً للنظر تأكيده أنه لا هوادة في محاربة التنظيمات الارهابية، وعلى رأسها جماعة فتح الله غولان التي أصبحت خطا أحمر بالنسبة له، وأنه لا تصالح أبدا معها، وسيواصل محاربته لها حتى النهاية، أما التنظيم الآخر فهو حزب العمال الكردستاني الذي قال إن سيعمل على محوه تماما، ولن يلغي حالة الطوارئ المعمولة بها في البلاد منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو الماضي إلى أن تنعم تركيا بالاستقرار والأمن والرفاه، داعيا إلى نسيان عملية السلام التي قادتها الحكومة مع حزب العمال الكردستاني لحل المشكلة الكردية في تركيا قبل بضع سنوات ولم تنجح لأسباب كثيرة، مؤكدا أن أي عملية سلام جديدة ستكون وفق ظروفها. ولم يغلق إردوغان الباب أمام الاتحاد الأوربي، وتركه مواربا، ولكنه أرسل رسائل مهمة للاتحاد الذي يخوض مع تركيا مفاوضات ماراثونية منذ عام 2005 لضم تركيا إلى عضويته، ويبدو أن قمة حلف الشمال الأكلسي – ناتو – بعد أيام قليلة في بروكسل، ولقاءات الرئيس إردوغان مع نظرائه الأوربيين ستحدد بشكل أوضح مستقبل العلاقات التركية الأوربية، وفي كل حال من الأحوال وحتى إن لم تحصل تركيا على عضوية الاتحاد، وهو المتوقع في نهاية المطاف، فإن القيادة السياسية التركية لن تعمل على قطع علاقاتها بالاتحاد ولا بدوله، وستحافظ على شعرة معاوية في تلك العلاقات. والخلاصة أن العامين المقبلين ولا سيما الأشهر الستة الأولى منهما ستحمل كثيرا من المفاجآت السياسية في تركيا سواء على صعيد السياسة الخارجية أم السياسة الداخلية.

مشاركة :