تستمر شبيبة حزب العدالة والتنمية في تقديم النموذج المصغر لإسقاط مفهوم الديمقراطية داخل الفضاء الداخلي الحزبي، هذه الديمقراطية التي تبشّرنا بها شبيبة المصباح، تعمل وفق منطق النقل قبل العقل، مع استنساخ خطاب العنف اللفظي وازدراء الآخرين حتى لو كانوا يمثلون الحزب في الحكومة تبعاً لقرار المساندة والمواصلة الذي اتخذه مؤتمر حزب العدالة والتنمية الثامن. فإذا كانت الديمقراطية تجسد مساراً طويلاً وشاقاً، وإذا كانت الأحزاب السياسية هي مختبر الديمقراطية، فإن شبيبة حزب العدالة والتنمية تعطي مؤشرات من خلال سلوكياتها السياسية داخل الفضاء الحزبي على أن إقرار الخيار الديمقراطي ليس صعب المنال فقط بل هو شبيه المستحيل. وذلك لأن "عقلية المظلومية الصورية" التي تسعى بها شبيبة حزب العدالة والتنمية هي، فعلاً، تسريع ساذج لزمن "الانفجار الكبير" للحزب. فالواعي سياسياً يدرك جيداً أن نهج التضخيم الافتراضي لكل تجربة حزبية في خضم محكها الحكومي تنتج، بعاقبتها، تضخيماً لحجم المحاسبة الشعبية عند الفشل، فالموضوعية شرط أساسي لضمان المواكبة السياسية؛ لأن مهلة الصوت الصامت لن تطول مع لعبة خلط الأوراق، ولا بفزاعات التنظيم المنضبط دعوياً، بل ما هي إلا أيام ويصطدم الجميع بواقع أن ديمقراطية شبيبة العدالة والتنمية لا تقنع عقلها فكيف لها بإقناع الآخر؟! وأن استمرار الممارسة السياسية الممزوجة بالخطاب الدعوي يُشَكل "تفجيراً انتحارياً" للدين الإسلامي الحنيف! فهل الفشل السياسي والتنموي لحزب العدالة والتنمية سيُنسب عند المحاسبة الشعبية للإسلام كدين؟! أم أنه من حسن المسؤولية السياسية ومن حسن بصيرتها نسبة الفشل لمشروع الأفراد وأداتهم التنظيمية؟! إنها الأسئلة التي لم ترتق حشود الشبيبة الدعوية لمستوى التأمل في أجوبتها حتى يتسنى لنا كأولاد الشعب الإقرار بأن مؤتمر شبيبة حزب العدالة والتنمية: هو المؤتمر الشبابي الأكثر وضوحاً ونضجاً ووعياً وفق مسايرته الحكيمة لماهية الإصلاح الدستوري. فاختزال مفهوم التأطير الشبيبي في رفع شعار "نضال ووفاء في خدمة الوطن والإرادة الشعبية" مع استيلاب تنظيمي للشباب نحو اعتماد نهج التدين الإشهاري وتهييج الأتباع بمظلومية وهمية لن يلهينا عن مكر التقية السياسية، من خلال استمرار التناقض بين خطاب شبيبة الحزب وخطاب الأمين العام سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، والذي يشكل تضليلاً بئيساً "للأتباع" وللمتعاطفات والمتعاطفين وللمغاربة أجمعين. هذا التضليل سيحكم فعلاً على مسار التحول الديمقراطي المغربي بالفشل الذريع، في حين أن الوضوح الفكري والسياسي المتين لشبيبة حزب العدالة والتنمية كان سيشكل تأهيلاً سياسياً معطاءً لمشروع حزب العدالة والتنمية قصد مسايرة الزمن السياسي الدستوري. فلا يمكن بأي حال من الأحوال العودة مجدداً لزمن ما قبل دستور 2011، غير أن شبيبة حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، هي شبيبة تستمر في العمل بنفس العقل النقلي الذي يُحَرِّف المصطلحات السياسية عن مواضعها. ويبدو أن قيادة شبيبة حزب العدالة والتنمية أدمنت لعب دور المعارضة الشعبوية، ورغم تكليف الحزب منذ سبع سنوات بالمشاركة في تسيير أمور الدولة، وجدت هذه القيادة أنها عاجزة عن المساهمة في إنجاز المشروع التنموي المغربي من داخل المؤسسات، فاتجهت إلى محاولة إلهاء العقل الشعبي بثقافة إلقاء اللوم على الآخر، والتنصل من واجب التضامن الحكومي، وهذا ما يجعل الأغلبية الحكومية تبدو مثل تحالف مسخ بين مجموعة من " الأشخاص الذاتيين " وليس بين أحزاب ذات برامج، وما يؤكد ذلك هو تأثر التحالف الحكومي بالهزات الارتدادية التي يعرفها حزب العدالة والتنمية. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :