التشاؤم يطغى على مشاعر الشباب في تركيايفقد أغلب الشباب التركي أسباب الابتهاج بالحياة والشعور بالأمل في المستقبل. وبالرغم من محاولات السلطات السياسية في البلاد التأكيد على أن الشباب عماد المستقبل، وترديدها لمقولات أنه يحظى بالدعم وتفتح أمامه الأبواب للنجاح وتحقيق طموحاته، إلا أن ذلك يظل في مستوى البهرج السياسي. وقد أثبتت العديد من الأحداث والمظاهرات في السنوات القليلة الماضية سخط الشباب التركي على واقعه وهو ما أكدته دراسة حديثة لجمعية غير حكومية.العرب [نُشر في 2017/05/24، العدد: 10642، ص(12)]صوت الشباب لا يصل حتى عبر الاحتجاجات أنقرة – كشفت نتائج دراسة أعدتها جمعية “هابيات أسوسييشن” أن واحدا من بين كل ثلاثة شبان أتراك يشعر باليأس ويفقد الأمل في المستقبل. وورد في تقرير المنظمة غير الحكومية أن العدد الأكبر من هؤلاء الشباب اليائسين هم أولئك الذين يبحثون عن وظيفة، وقد أعرب حوالي 50 بالمئة منهم عن توقعات متشائمة للمستقبل. وأجرت الجمعية دراستها من خلال تنظيم مقابلات وجها لوجه مع حوالي 1200 شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، في 16 مقاطعة مختلفة من أجل تكوين صورة عامة عن حياة الشباب في تركيا. وعندما تم فحص مستويات الرضا عن الحياة بالنسبة إلى الشباب، قال 10 بالمئة من الذكور و14 بالمئة من الإناث أنهم غير راضين عن حياتهم مطلقا. في حين قال 16 بالمئة من الذكور والإناث أنهم غير راضين كثيرا. وبحسب آخر المؤشرات الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية فإن فئة الشباب تمثل نسبة 16.3 بالمئة من مجموع السكان في تركيا، حيث وصل تعدادهم إلى قرابة 13 مليونا. ورغم غياب دراسات من الجهات الرسمية تكشف أسباب وقوع هذه النسبة من الشباب التركي في دوامة اليأس إلا أن المتأمل في الواقع التركي يجد الكثير من العوامل التي تبرر وصولهم إلى اليأس. ولعل المظاهرات التي شهدتها أكبر المدن التركية خلال السنوات الأخيرة والتي غصت بالشباب في الميادين الكبرى مثل ميدان تقسيم في مدينة إسطنبول وغيرها والعنف الذي قوبلت به من قبل أجهزة الدولة، تقدم برهانا قاطعا على تأزم وضع الشباب التركي وعلى غضبه وعدم رضاه على واقعه. ففي الوقت الذي يتحدث فيه رئيس الدولة رجب طيب أردوغان في خطبه عندما يثير المواضيع المتعلقة بالشباب على أهمية هذه الفئة في المجتمع ودورها المفصلي في تحقيق التنمية ويعلن عن توجهات الحكومة لدعم الشباب وتشجيعه على العمل وتمكينه من المواقع والمناصب الريادية في مختلف المجالات، يعاني الشباب التركي من التهميش في كل المجالات. ويسجل الملاحظون غياب الشباب في المناصب السياسية البارزة في الحكومة وفي المؤسسات الكبرى بالدولة، فجل الوزراء ونواب البرلمان وأعضاء حكومة أردوغان من الكبار في السن. ولا نجد أي شخصية سياسية بارزة من الشباب. كما أن الشباب مغيب عن مواقع صنع القرار السياسي بالرغم من أنه قادر على أن يكون فاعلا ومساهما في تحديد واختيار التوجهات الكبرى لسياسات الدولة الداخلية والخارجية. ونفس الغياب للشباب نلاحظه صلب الأحزاب السياسية ومن بينها حزب العدالة والتنمية الحاكم حيث لم تبرز أي شخصية شابة ضمن قيادات الحزب. ولم توكل إليهم المناصب المؤثرة داخل الحزب. وهناك فروع وهيئات داخل الأحزاب تهتم بفئة الشباب وتعمل على استقطابهم، حيث يوكل أحيانا الإشراف عليها إلى عنصر شاب من داخل الحزب. وقال 78.2 بالمئة من الشباب في الدراسة الأخيرة إنهم شاركوا بالتصويت في الانتخابات العامة والمحلية، في حين بلغت نسبة النشطاء السياسيين 3.9 بالمئة. ويعاني الشباب التركي من الناحية الاقتصادية حيث تجابه نسبة هامة منه البطالة، وقد أظهرت آخر البيانات التي نشرتها هيئة الإحصاء التركية أن المعدل الإجمالي للبطالة في البلاد بلغ نسبة 12.6 بالمئة، مسجلة ارتفاعا بنسبة 1.7 بالمئة مقابل الشهر نفسه من العام الماضي. وبلغت معدلات البطالة في صفوف الشباب، غير العاملين وغير الملتحقين بالتعليم 23.03 بالمئة.الشباب التركي يعاني من الناحية الاقتصادية حيث تجابه نسبة هامة منه البطالة، وقد أظهرت آخر البيانات أن المعدل الإجمالي للبطالة في البلاد بلغ نسبة 12.6 بالمئة وإلى جانب ذلك أصبح انخفاض الدخل والعجز على توفير الموارد المالية الكافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلالية سمة في حياة الشاب التركي، حيث قال 30 بالمئة إنهم يتقاضون 600 ليرة تركية أو أقل بينما بلغت نسبة الذين يتقاضون ما بين 601 و1500 ليرة شهريا 33 بالمئة. أما نسبة 22 بالمئة من الشباب فقد صرحوا أنهم يتقاضون ما يتراوح بين 1500 و2400 ليرة شهرياً وتقل النسبة حتى تصل إلى 11 بالمئة للذين يتقاضون 2400 ليرة أو أكثر. وكانت نسبة رضا الطلبة الذين يتابعون التعليم عن بعد والذين يخضعون لبرنامج التدريس ذي العامين في الجامعة أقل من نظرائهم من طلاب المدارس الثانوية الذين قالوا أنهم راضون عن واقعهم المعيشي. ولعل ذلك يفسر أن الطلاب الأصغر سنا لا يدركون واقع البطالة بعد التخرج حيث مازالوا منكبين على التعلم. وقد عبر جانب هام من الشباب في عينة الدراسة (13 بالمئة من الذكور و15 بالمئة من الإناث) عن حاجته إلى الدعم النفسي، وهو ما يفسر مشاعر الإحباط التي تدفع واحدا من كل اثنين من الشباب إلى تدخين السجائر أو منتجات مماثلة من التبغ. وبسبب فقدان مشاعر التعلق بالحياة لا يقبل الشباب التركي على الانخراط في الأنشطة المجتمعية حيث سجلت الدراسة مشاركة نسبة 5 بالمئة منهم فقط في الأنشطة التطوعية. وفي ما يتعلق بالأنشطة الثقافية، قال 81 بالمئة أنهم لا يذهبون إلى المسارح أو الحفلات الموسيقية، في حين قال 43 بالمئة أنهم لا يذهبون إلى السينما لمشاهدة الأفلام. وقال 55 بالمئة إنهم لا يشترون الكتب، بينما قال حوالي 66 بالمئة أنهم لا يشترون الموسيقى أو الأفلام.
مشاركة :