لا خلاف ان حرية الرأي والتعبير حق مكفول للإنسان في العديد من المواثيق والعهود الدولية، ولم يغفل الدستور العراقي الدائم لعام 2005 هذه الحقيقة حيث ثبتها في المادة (38) التي نصت: تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: اولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثا: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون. لكن التساؤل: اين غاب المشرع العراقي طيلة السنوات الماضية عن تنظيم هذا الحق بقانون؟ ولماذا أثير هذا الموضوع عام 2011 مع حراك التظاهرات آنذاك، ويثار اليوم أيضا؟ ولماذا هذه التقييدات العديدة للحقوق والحريات العامة من قبيل: • ما نصت عليه المادة السادسة - اولا من القانون: "للمواطنين حرية عقد الاجتماعات الخاصة ودون الحاجة الى اذن مسبق ويحظر على رجال الامن حضور هذهِ الاجتماعات"، وكان على المشرع هنا عدم التعرض الى الحقوق الفردية باعتبار الاجتماعات الخاصة حقوق طبيعية وعرف دارج وبكثرة في المجتمع العراقي. • الغاء الحق في الاعتصام طبقا لما ورد في المادة السابعة - ثالثا، والمادة العاشرة – ثانيا، بتحديدها للتظاهرات بين السابعة صباحا والعاشرة ليلا وعدم جواز تنظيم او امتداد التظاهرات او الاجتماعات العامة خارج ذلك، بما يعني الغاء حق الاعتصام.. وكان على المشرع تنظيم هذا الحق دون الغاءه. • اعاد القانون العمل بعقوبات النظام السابق، من خلال الغاء امر سلطة الائتلاف رقم (19) الذي اوقف العمل بالمواد (220 – 222) من قانون العقوبات بسبب تعارضها مع حق المواطنين الطبيعي في ممارسة حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي ولعدم ملائمتها لطبيعة التغير الديمقراطي الذي حصل بعد 2003، لكن مشرع القانون الحالي وفي المادة (15) قرر الغاء العمل بالإمر اعلاه دون الالتفات الى ان ذلك يؤدي الى عودة نفاذ تلك المواد المجحفة من قانون العقوبات مرة اخرى. • المادة السادسة عشر من القانون نصت على اشراك "وزير الدولة لشؤون المجتمع المدني" في وضع تعليمات لتسهيل تنفيذ هذا القانون علما ان هذه الوزارة الغيت في الترشيق الوزاري الماضي، وقد انتبهت اللجنة القانونية لهذا الخلل وعالجته بإلغاء هذه الفقرة.. ما يؤكد ان مسودة قانون 2011 التي اشرنا اليها سابقا هي من عادت الى النقاش لا غيرها. يضاف الى ذلك الكثير من الملاحظات الشكلية والموضوعية المهمة التي ثبتت حول هذه المسودة عبر وسائل الاعلام طيلة الاسبوعين الماضيين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل نقاش القانون حاليا واقراره حاجة مجتمعية ووطنية لمرحلة ما بعد داعش ام انه حاجة السلطة لتقييد المعارضين... ورغم ما ورد في القانون من ايجابيات تتعلق باحترام المذاهب والشعائر والاديان، الا اننا نحتاج الان الى تنظيم الحقوق للمرحلة المقبلة وتعزيز الديمقراطية والحرية... لا تقييدها. جواد العطار
مشاركة :