نعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الكاتب والمترجم دينيس جونسون ديفيز، الذي خسرته الثقافة العربية والعالمية أمس الأول عن عمر يناهز 95 عاماً. وقال حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد في بيان صدر أمس، إن دينيس جونسون ديفيز كان صديقاً للعرب بالمعنى الحقيقي للصداقة، حيث الحب والاحترام والتقدير بعيداً عن حسابات المصالح وتبادل الخدمات، وقد أسس الراحل الكبير خلال حياته الحافلة لنوع من العلاقة بالثقافة العربية تجاوز المفهوم التقليدي الملتبس لمصطلحي (الاستعراب) و(الاستشراق)، ليكون انتماء فيه عمق وحماس وإيمان. وأشاد الصايغ بترجمات الراحل، وقال إن معظمها تم بمبادرات شخصية منه، لكنها مع ذلك أثرت تأثيراً قوياً في مجال تعريف الآخر بالثقافة العربية القديمة والحديثة على حد سواء، كما كان لاختياراته دور في عملية تبديد التصور النمطي لدى الغرب عن هذه الثقافة باتجاه تصور آخر واقعي وحقيقي. وقال الصايغ: إن المساحة التي اشتغل عليها دينيس جونسون ديفيز كانت واسعة، حيث شملت ترجماته القرآن الكريم، وامتدت وصولاً إلى نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والطيب صالح وزكريا تامر وصنع الله إبراهيم ومحمود درويش وسواهم ممن يعدون اليوم علامات فارقة في مسيرة الأدب العربي الحديث. وذكّر الصايغ بالصداقة المتينة التي ربطت دينيس جونسون ديفيز بمعظم الأقطار العربية، ومنها الإمارات، حيث كان هنالك إعجاب متبادل بين القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودينيس جونسون ديفيز، وقد جمعتهما لقاءات عدة منذ ستينات القرن الماضي، وقد كرمته الإمارات عام 2007 بتسميته شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد الدولية للكتاب، وأضاف الصايغ: كان صديقاً شخصياً أيضاً، وقد لمست عن قرب مناقبيته العالية، والتزامه الأخلاقي، كما كان مدهشاً في موسوعيته وإلمامه الواسع بحركة الثقافة عربياً وعالمياً. ودعا الصايغ إلى دراسة تجربة ديفيز بوصفها نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الشرق والغرب، بحيث تتخفف من أعباء الارتهان إلى حسابات الهيمنة والمركزية، التي حكمت معظم تجارب الاستشراق السابقة، وقال إن أهم ما ميز عمل ديفيز هو احترامه للثقافة العربية، وإيمانه بثرائها وحقها في أن تكون ثقافة عالمية متصدرة، وإن اختلفت في هويتها وخصائصها عن الثقافات المكرسة والمدعومة إعلامياً وسياسياً. كما دعا الصايغ إلى الاهتمام كذلك بترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية بوصفها ضرورة ملحة في هذه المرحلة، وأكد الحاجة إلى اقتران ذلك بخطط وبرامج عملية تضمن نشر هذه الترجمات وإيصالها لا إلى المؤسسات النخبوية فقط كالأكاديميات ومراكز البحوث، بل إلى القارئ العادي أيضاً، وهذا الخيار الضرورة سبق لدينيس جونسون ديفيز نفسه أن أكدّه في كثير من المناسبات.
مشاركة :