مخاوف العقوبات الأميركية تجدد ولاية حاكم مصرف لبنان المركزيقال محللون إن المخاوف من فرض عقوبات مصرفية أميركية على لبنان تقف خلف التوافق السياسي الذي أدى لتجديد ولاية حاكم البنك المركزي لمواصلة الالتزام بالمعايير المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب والعقوبات المرتبطة بجماعة حزب الله اللبناني.العرب [نُشر في 2017/05/25، العدد: 10643، ص(11)]النظام المصرفي خارج التجاذبات السياسية بيروت – أعلن وزير الإعلام اللبناني ملحم الرياشي أمس أن الحكومة أعادت تعيين حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لمدة ستة أعوام أخرى. وقال إن هذا الاقتراح طرح على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال “وتمت الموافقة عليه بالإجماع”. وكان مصدر حكومي لبناني قد أكد أن وزير المالية علي حسن خليل طلب رسميا من مجلس الوزراء تمديد ولاية سلامة التي تنتهي في أول أغسطس المقبل. وأكد محللون أن المخاوف من فرض عقوبات مصرفية أميركية على لبنان هي التي أدت إلى التوافق السياسي على تجديد ولاية حاكم البنك المركزي من أجل مواصلة الالتزام بالمعايير المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب والعقوبات المرتبطة بجماعة حزب الله اللبناني. وتولى سلامة منصبه منذ نحو 24 عاما وينظر إليه على نطاق واسع على أنه ضامن للاستقرار النقدي في البلاد.رياض سلامة: انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وضعا الأساس لتحقيق نمو اقتصادي أفضل وواجه اقتصاد لبنان عقبات على مدى سنوات بسبب الاضطرابات في المنطقة بما في ذلك الحرب في سوريا المجاورة والأزمة السياسية في البلاد. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي اللبناني سجل نموا بنسبة واحد في المئة سنويا خلال العامين الماضيين. وبلغ الدين العام ما يعادل نحو 138 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015. وقال سلامة إن انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للبلاد في أكتوبر الماضي بعد خلو المنصب لمدة عامين ونصف العام وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري في أواخر العام الماضي، وضعا الأساس لتحقيق نمو أفضل. اتسعت المخاوف مؤخرا من فرض عقوبات أميركية جديدة على النظام المصرفي اللبناني بعد الكشف عن المئات من حالات غسيل الأموال من قبل لجنة تحقيق تابعة للبنك المركزي. وحذر محللون في تصريحات لـ“العرب” من أن آثارها قد لا تقتصر على الجهات المستهدفة بل تمتد إلى عموم الاقتصاد والمواطنين اللبنانيين. وكشف التقرير السنوي الصادر عن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان المركزي عن تسجيل 470 حالة غسيل أموال خلال العام الماضي. وأكدت أن نسبة الحالات المرتبطة بجهات أجنبية استأثرت بنحو 77 بالمئة منها مقابل 23 بالمئة للحالات المحلية. وذكرت مصادر مطلعة على عمل الهيئة أن التحقيقات طالت 399 حالة وأن 71 حالة لا تزال قيد الدرس. وطلبت الهيئة رفع السرية المصرفية عن 42 حسابا استنادا إلى المعلومات التي توصلت إليها التحقيقات. وكانت بيروت قد أطلقت في 2002 حزمة من الإجراءات المصرفية والقانونية بهدف تفعيل مراقبة ومتابعة سير العمليات المالية التي تجريها المصارف اللبنانية. وسمحت تلك الإجراءات بإزالة اسم لبنان من لائحة الدول التي لا تكافح غسيل الأموال. وأشار تقرير في النشرة الأسبوعية لبنك الاعتماد اللبناني إلى أن عمليات الاختلاس شكلت النسبة الأكبر من حالات غسيل الأموال، تليها حالات التزوير والحالات المرتبطة بالإرهاب وتمويله. وتسيطر أجواء القلق والتوتر على الأوساط المصرفية والمالية في لبنان بسبب حزمة العقوبات الأميركية الجديدة المفروضة على حزب الله، خصوصا مع ورود معلومات تفيد بأنها ستطال مؤسسات وجمعيات ولن تقتصر على الأشخاص.جاسم عجاقة: سلامة نجح في منع تحول سجال العقوبات السابقة إلى نزاع دموي وقال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي جاسم عجاقة لـ“العرب” إن عمليات تبييض الأموال التي أعلنت عنها هيئة التحقيق تدخل في نطاق استهداف قانون العقوبات الأميركية لجماعة حزب الله. وأكد أن العقوبات والإحصاءات حول تبييض الأموال الصادرة عن لجنة التحقيق، عجلت إنجاز التوافق السياسي على التجديد لسلامة، بعد نجاحه في تجنب تحويل السجال حول العقوبات السابقة إلى نزاع دموي. وكان حاكم المصرف المركزي قد اتخذ حزمة إجراءات للتعامل مع موجة العقوبات السابقة التي فرضت العام الماضي. وترك فيها للمصارف حق تقدير الأمور واتخاذ القرارات بشأن إقفال أي حساب بنكي. ورجح عجاقة أن تختلف طريقة المعالجة هذه المرة حيث سيعمد الحاكم الى التدخل مباشرة في آلية تطبيق العقوبات داخل المصارف وفي اتخاذ القرار بشأن التعامل مع أي حساب مشبوه. وخرجت تحليلات كثيرة في الفترة الأخيرة تعتبر أن الولايات المتحدة لن تذهب في تطبيق العقوبات إلى الحدود القصوى، وأنها ستراعي الخصوصية اللبنانية والظروف الحرجة التي يمر بها. ويرى عجاقة أن تلك التحليلات تتعامى عن الوقائع الواضحة، التي تقول بوضوح إن أي مصرف يوضع في دائرة الشبهات الأميركية فإن مصيره “سيكون مهددا ولا تستطيع أي جهة لبنانية أو غير لبنانية ان تفعل شيئا لإنقاذه”. وأوضح أن واشنطن سبق لها أن فرضت عقوبات على دول ذات ثقل دولي كبير مثل روسيا. وتساءل بلهجة ساخرة “هل يتوقع أحد أن تكون أميركا خائفة من لبنان مثلا؟”.
مشاركة :