تعبّد واحتفالات في مناخ من الطمأنينة والتسامح بمشاركة رئيس الوزراء يوسف الشاهد •وزيرة السياحة التونسية لــ«المجلة»: زيادة عدد الوافدين على جربة بمناسبة موسم حج اليهود… والتغطية الإعلامية العالمية فاقت التوقعات تونس: بوبكر بن عمر على غرار المسلمين الذين يحجون إلى مكة، يحج اليهود إلى كنيس الغريبة بجزيرة جربة الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية، حيث يأتي آلاف اليهود من كافة أنحاء العالم في مثل هذه الفترة من كل سنة (منتصف شهر مايو/ أيار) في زيارة سنوية لهذا المعبد تدوم 6 أيام يقومون خلالها بشعائرهم في تونس التي يدين شعبها بالإسلام وبها آلاف اليهود الذين يعيشون فيها ويحملون جنسيتها ويشتغلون فيها بشكل طبيعي وفي مناخ من التعايش والتسامح. هذه الزيارة السنوية هي أهم احتفال ديني لليهود يلتقون فيه للتعبد دون أنّ يتعرضوا إلى أي مضايقة من جانب التونسيين الذين يحترمون اليهود وطقوس ديانتهم. وإلى حدود سنة 2010 كان معدل عدد الزوار اليهود إلى جربة 7 آلاف يهودي تقريبا يأتون سنويا إلى معبد الغريبة. ولكن بعد الثورة ومع تدهور الوضع الأمني وخوفا من مخاطر الاعتداء عليهم تراجع العدد ليصبح في حدود بعض المئات من الزوار سنويا، رغم ما تبذله السلطات في تونس من جهود لحماية المعبد وزواره وما يتم بثه من تطمينات للزوار الذين يأتون عادة للسياحة والتعبد، ويتم بالمناسبة تعزيز الإجراءات الأمنية في جزيرة جربة بأكملها وخاصة حول كنيس الغريبة.مشاهد من طقوس و احتفالات اليهود في جربة التونسية (غيتي) وقد بني هذا الكنيس الذي يحتضن هذا التجمع اليهودي السنوي قبل 2600 سنة ويحظى برعاية الدولة التونسية من حيث الحماية والصيانة والقيام بما تتطلبه من أشغال ترميم وتحسين ويتكون من بيت صلاة وقاعة لإقامة الاحتفالات وتوزيع الأكلات التونسية على الزوار. أما طقوس اليهود في هذه المناسبة فتتمثل في إقامة الصلاة في الكنيس وقراءة الكتب اليهودية المقدسة (التوراة والتلمود) مع إقامة جو احتفالي تقربا إلى الله من خلال ترديد أغان وأناشيد مستمدة من التراث الغنائي التونسي وإيقاد الشموع داخل المعبد. كما تتخلل فترة الحج هذه، خروجا جماعيا للقيام بجولة في الحي الذي يوجد به المعبد حيث يخرج كل الزوار معا سيرا على الأقدام مرددين أهازيج وأغاني ثم يعودون إلى المعبد. وفي لقاء خاص قالت سلمى اللومي وزيرة السياحة التونسية لــ«المجلة» إن عدد الوافدين على جربة بمناسبة موسم حج الطائفة اليهودية هذه السنة بلغ 2500 حاج بالإضافة إلى عدة مئات من اليهود المقيمين في تونس، وقد جاء أغلب الوافدين من الخارج من فرنسا والبقية من إيطاليا وألمانيا وروسيا وبريطانيا بعد أن كان هذا الرقم في حدود 900 حاج سنة 2016، وبلغ عدد السياح الذين جاءوا إلى جربة في فترة الحج حوالي 12500 سائح.رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد يتحدث للصحافة خلال حضوره مراسم احتفال يهود تونسي السنوي في كنيس الغريبة في جربة (غيتي) وأضافت أنّ هذا يؤشر على نجاح الموسم السياحي الجاري بعد أن تحسنت صورة تونس في الخارج كوجهة سياحية آمنة وتتوفر على منتوج سياحي جيد. وأضافت سلمى اللومي وزيرة السياحة التونسية أنّ التغطية الإعلامية في فترة حج الطائفة اليهودية كانت متميزة وفاقت التوقعات؛ حيث حضر نحو 150 صحافيا من وسائل إعلامية أجنبية جاءت لتغطية الحدث وهم ممثلون لصحف وقنوات تلفزيونية إيطالية وروسية وفرنسية، إضافة إلى وسائل إعلام جزائرية ومحلية. كما حضرت أيضا عدة شخصيات منها رئيس المنظمة الأوروبية اليهودية وسفراء أميركا وفرنسا وكندا وغيرهم وعدد كبير من الأساتذة الجامعيين في أوروبا، وقد ساعد على نجاح التظاهرة الحضور الأمني الذي أضفى على معبد الغريبة جوا من الطمأنينة والارتياح لدى السياح الوافدين للحج فضلا عن حفاوة وحسن تعامل سكان جزيرة جربة (الذين هم مسلمون) مع الحجيج اليهود. يذكر أنّ مئات اليهود يعيشون في جربة وبعض المدن التونسية الأخرى كالعاصمة تونس وحلق الوادي وسوسة وصفاقس وجرجيس، ويحملون الجنسية التونسية ولا يجدون أي صعوبة في التعامل والتعايش مع باقي التونسيين المسلمين وهو دليل على روح التسامح التي عرف بها التونسيون وقدرتهم على التأقلم والتعايش مع من يختلف معهم.
مشاركة :