كرس حياته في التعليم والتعلم، فكان له في كل مجال مساهمة وعمل، دعم تجاربه بخبرة واقعية تشكلت من معاصرته لنهضة الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص. فاطلع على طموحاتها ومساعداتها وأعمالها الخيرية في الداخل والخارج والتي اتبعتها منذ عقود من الزمن، فتأثر بنهجها، ليقدم جملة من المشاريع التي خففت معاناة الكثير من الفقراء حول العالم. سعيد بن أحمد لوتاه رئيس مجلس إدارة مجموعة سعيد أحمد لوتاه وأولاده ورئيس مجلس أمناء المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بدبي مشاريعه الخيرية يكشف في حديثه مع «البيان» عن الأسباب الذي وضعت العطاء الإماراتي في الصدارة على مستوى العالم، والأسباب الذي تدفع الأشخاص للعطاء والإقدام على فعل الخير، متطرقاً في حديثه عن بعض المشاريع الخيرية التي قدمها داخل الدولة وخارجها وكيف كان أثرها. فعل الخير في بداية حديثه قال سعيد لوتاه إن العطاء هو تقديم ما تحب للمحتاجين والفقراء لتخفيف المعاناة عنهم، وهو لا يتم إلا بعد الوصول إلى قناعة والشعور بالولاء للمكان الذي تعيش على أرضه وقادته، وهو ما برز جلياً على أرض الإمارات التي يتسابق فيها الصغير قبل الكبير لفعل الخير، والمواطن والمقيم، والتاجر والموظف. ولذلك عندما يتساءل البعض عن الأسباب التي جعلت العطاء الإماراتي بهذا الحجم، ولماذا هي في صدارة الدول المانحة على مستوى العالم، فإن الإجابة يمكن اختصارها في الولاء للوطن وقيادته. وتابع: من دون شك أن صدارة الدولة في العطاء تعود إلى نهج القيادة الرشيدة الذي اتبعته منذ القدم بمساعدة المحتاجين والفقراء والمسارعة في إغاثة المنكوبين، حتى أصبحت قدوة لكل من يشاهدها، وكان من أكثر من تأثر بها أبناؤها وهو أمر طبيعي، ولكن ما يدفعنا للتساؤل مرة أخرى لماذا نجد المقيمين على أرض الدولة يتبعون نفس القيم والنهج؟، ولماذا بعض رجال الأعمال يختلف دينهم عن دينيها وعاداتهم عن عاداتنا نجدهم يسارعون في العطاء والمساهمة في مشاريع الخير داخل الدولة وخارجها عبر مؤسسات خيرية إماراتية أو باسم الإمارات. موضحاً أن الجواب هو ببساطة هو ولاء هؤلاء الأشخاص لأرض الإمارات والذي تشكل لديهم نظراً لما يجدونه من تعايش وانسجام وراحة وتسامح على أرضها جعلهم يشعرون بأنهم جزء منها وهم فعلاً كذلك. غيرة وحرص وتطرق لوتاه في حديثه إلى موقف يترجم حرص المقيمين وغيرتهم على الإمارات، حيث جاء في إحدى السنوات أحد رجال الأعمال غاضباً إلى مجلس المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، مؤسس نهضة دبي، وبدأ الحديث عن قرار أصدرته جهة حكومية في تلك الفترة. والذي فسره بأنه سوف ينعكس سلباً على حرية التجارة على الرغم من عدم تأثر تجارته بالقرار، ولكن حرصه وغيرته على دبي فرضا عليه أن يناقش ذلك، وبعد انتهائه من حديثه وضح له المغفور له الشيخ راشد بن سعيد الهدف من القرار. والذي وجده التاجر فيما بعد بأنه يخدم فعلاً التجارة بشكل عام ويفتح لها مجالاً أوسع في المستقبل، وعلى الرغم من الفهم الخاطئ في الموقف إلا أنه يمكن ملاحظة كمية الولاء التي يحملها المقيمون في داخلهم للإمارات، وهو أحد أسباب العطاء الذي يقدمه الأشخاص وساهم في صدارة الدولة. وأشار لوتاه في حديثه إلى أن عام الخير تتويج للعطاء الإماراتي، وهو يعكس الرؤية الصائبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في تجسيد معاني التراحم والتكافل المجتمعي وفتح منافذ كثيرة للخير تفيد الجميع. ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومساعيه الرامية إلى النهوض بالمجتمع من خلال إيجاد الوسائل التي تكفل له الرفاهية والسعادة والعيش الكريم وتصقل في نفوسه قيم العطاء عبر أفكار ومبادرات عام الخير التي تتشارك فيها كافة المؤسسات. معالجة الفقر وعرج لوتاه في حديثه إلى المشاريع الخيرية التي يقدمها وأثرها في على بعض أفراد المجتمعات حيث قال: أنشأنا منذ مدة مشروعاً للسكن المنتج في الجمهورية السودانية وآخر في الجمهورية واليمنية وقدمنا للفقراء مجموعات مقدرة من الماشية والأغنام والدواجن وخلايا نحل لإنتاج العسل ضمن مشروع لإنماء الصدقات. وكان القصد منه تحويل الفقراء من متلقين للصداقات إلى متصدقين على غيرهم حيث أنهم يخرجون نسبة مقدرة مما ينتجونه وما يحصلون عليه من مواليد الأغنام والماشية ويتصدقون به على فقراء آخرين وهكذا حتى تكتمل دائرة معالجة الفقر، وأثبتت هذه المبادرة نجاحها، وعام بعد آخر اتسع عدد المستفيدين فيها. وعلى غرار ذلك تم تأسيس مصنعاً للنسيج في جمهورية سريلانكا بالماكينات اليدوية لإنتاج الأقمشة، ومصنعاً للملابس الجاهزة. وتم توفير أدوات الإنتاج لكي تتعلم وتعلم النساء في وقت يتاح لهم التفرع لرعاية وتربية أبنائهن تربية سليمة حتى يكونوا أفراداً صالحين منتجين في المجتمع ودون الحاجة إلى ترك بلدهن أو قريتهن، ويسير العمل بأسلوب متميز حيث يتم استيعاب بين الحين والآخر دفعة جديدة بعد أن يتم تدريبها. كلية الأسرة وفي دبي عملت على تأسيس مركز لوتاه التقني تحت شعار «تعلم مهنة وامتلك ورشة» وهو مركز به كل التخصصات المهنية والفنية والتقنية ومفتوح لكل الراغبين من الجنسين، وأثمر المركز مخرجات علمية وفنية متطورة، انخرط بعضها في سوق العمل وأثبتوا نجاحهم في مجالات مختلفة، وانطلاقاً من النتائج الإيجابية التي حققها المركز في العطاء واستقطاب ذوي الدخل المحدود، يجري العمل حالياً على تأسيس كلية تعنى بشئون الأسرة من حيث تسليط الضوء على طرق الرعاية الصحيحة وأساليب الغذاء المثالية بهدف رفع نسبة الوعي البيئي والنفسي والثقافي لدى أفراد المجتمع من أجل إسعادهم حيث أن الأسرة هي نواة المجتمع ودورها في النهوض به يعد من أهم الأدوار. وأكد لوتاه أنه بمثل هذه النماذج وغيرها تكون لأعمال الخير أثرها المباشر في حياة الناس وتحقق بها جملة من الأهداف التى تجعل منهم مجتمعات عاملة منتجة مكتفية ذاتياً لا تنتظر الغوث والمدد وينحصر تفكيرها في كيف ترقى وتزيد من إنتاجها وكيف تتعاون مع الآخرين وتتراحم فتكون مجتمعات سعيدة متسامحة. على صفحة العطاء تركوا بصماتهم.. موقنين أن الخير مفتاح الذكر الحسن وإكسير الخلود، معاهدين الحياة ألا يتركوها كما جاؤوا إليها، ويسابقون الزمان بحثاً عن أبواب خير يطرقونها.. في هذه الصفحة اليومية وطوال الشهر الفضيل نتفيأ ظلال الخير في أصحاب البصمات العطرة في دولة الإمارات.
مشاركة :