الجزائر تتذرع بالتحديات الأمنية لتبرير صفقات تسليح الجيش بقلم: صابر بليدي

  • 5/27/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

المؤسسة العسكرية في البلاد لاكتساب إمكانيات عسكرية وبشرية لمواجهة التحديات الأمنية المحيطة بالجزائر. وقال “التوترات الأمنية في المنطقة تدفع بالوضع إلى الانزلاق، والتهديدات الإرهابية على الحدود لم تترك خيارا آخر للجزائر إلا بتعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التحديات المحيطة بها، وتسخير كل الإمكانيات المادية والمالية لتطوير أداء وإمكانيات المؤسسة العسكرية”. ويذهب محللون إلى أن التوجه العسكري الجزائري اللافت يستهدف تحقيق التفوق الاستراتيجي في المنطقة خاصة في ظل توتر علاقاتها مع المغرب والسعي المستمر لأن تكون القوة العسكرية الأولى في المنطقة، والاستثمار في موقعها الاستراتيجي في شمال أفريقيا لأن تكون البوابة الأولى في المنطقة. وتذهب انتقادات سياسية إلى اعتبار الجموح العسكري يأتي على حساب الحاجيات المحلية للشعب وعلى حساب أولوية توظيف مقدراتها المالية في تطوير الاقتصاد المحلي وتحسين الخدمات والاعتناء بالمطالب الاجتماعية الفئوية. وهو ما نفاه المصدر العسكري في تصريحه لـ”العرب”، بكون الجزائر صارت أكبر البلدان الأفريقية مساحة بعد تقسيم السودان، وحدودها البرية تفوق ستة آلاف كلم، إضافة إلى تضاريسها الجغرافية الصعبة والمتنوعة، وهو ما يشكل تحدّيا كبيرا أمام السلطات العليا لضمان سلامة وأمن الإقليم. وقال “الجزائر عاشت حصارا غير معلن أثناء العشرية السوداء حيث كانت مؤسستا الجيش والأمن تواجهان همجيّة الإرهاب لوحدهما، بينما كان العالم يتفرج وبعض العواصم الغربية والعربية تحتضن منظري الفكر الجهادي في الجزائر”.الإمعان في سياسة التسليح يعيق التفرغ والاهتمام بالقطاعات الأخرى وتحسين الخدمات، ويرسم صورة البلد المتخلف وأضاف “التباس الأزمة الأمنية مع الأزمة السياسية في حقبة التسعينات من القرن الماضي وضع البلاد في وضع جد حرج اقتصاديا وعسكريا، حيث ظلت القوى العسكرية ترفض تزويد الجيش الجزائري بالسلاح والمعدات بدعوى توقيف المسار الانتخابي ومواجهة المدنيين”. وينتقد معارضون سياسيون التذرّع بالأوضاع الأمنية والتوترات الإقليمية، لتبرير الإفراط في سياسة التسليح والاستحواذ على حصة ضخمة من مجموع الموازنات الضخمة على حساب التنمية المحلية وتطوير الاقتصاد المحلي. وسبق للبرلماني السابق عن جبهة التحرير الوطني وحيد بوعبدالله، أن انتقد ما أسماه بـ”استثناء المؤسسة العسكرية من المساءلة والحساب، أو عرض السياسة العسكرية والأمنية للنقاش داخل البرلمان”. واعتبر أن الإمعان في سياسة التسليح يعيق التفرغ والاهتمام بالقطاعات المتخلفة وتحسين الخدمات، ويرسم صورة البلد المتخلف المقترنة بدول العالم الثالث والعالم العربي تحديدا، كون الأنظمة الحاكمة وفّرت السلاح وأهملت تنشئة العقول. ودخلت الجزائر في تعاون عسكري لافت مع عدة دول مصدّرة للسلاح، منذ مجيء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى قصر المرادية في 1999، لا سيما مع ارتفاع مداخيل خزينة الدولة من العائدات النفطية، حيث أبرمت عدة صفقات عسكرية ضخمة وعلى رأسها الصفقة التي أبرمها بوتفليقة مع نظيره الروسي في العام 2006 بقيمة ثمانية مليارات دولار لتزويد الجيش بمعدات وتجهيزات ثقيلة ومتطورة. وكانت تقارير مؤسسة “غلوبال فاير باور” العسكرية صنفت الجيش الجزائري في المرتبة الثالثة عربيا والـ26 عالميا بعد كل من الجيش المصري والسعودي، والأول في المنطقة، مشيرة إلى اقتطاعه نقاطا إضافية في السنوات الأخيرة، ما يعكس مفعول الاهتمام الذي توليه له القيادة السياسية في البلاد. ويرى مراقبون أن المؤسسة العسكرية في الجزائر تحتل مكانة مرموقة في سلّم الدولة بالنظر إلى طبيعة النظام السياسي الذي حكم البلاد خلال العقود الماضية. وتوجهت القيادة العسكرية في السنوات الأخيرة إلى تنويع مصادر التسليح رغم هيمنة السوق الروسية على تموين الجيش الجزائري، حيث أبرمت عدة اتفاقيات مع دول أوروبية وآسيوية للتزوّد بتجهيزات متطورة على غرار الصين وألمانيا، وذلك بهدف تدارك الفراغ الذي تركه حصار حقبة التسعينات من القرن الماضي. وتذكر مصادر عسكرية أن التوترات الأمنية التي تعرفها دول الجوار الشرقي والجنوبي وتحكم الجيش الجزائري في تأمين الحدود الإقليمية من اختراقات محتملة من طرف التنظيمات الجهادية في ليبيا والساحل، يؤكدان دور التموين اللوجيستي والتجهيزات المتطورة التي سمحت للوحدات المرابطة على طول الحدود البرية برصد كل التحركات في الجانب المقابل. ونفذت وحدات من الجيش الجزائري الأسبوع الماضي لأول مرة مناورات برية في إقليم الناحية الرابعة بمحافظة ورقلة على الحدود الليبية باستعمال الدبابة الصينية “بي آل زاد 45” التي استفادت منها القوات البرية بموجب صفقة عسكرية أبرمت بين البلدين. وتشير المصادر إلى أن النتائج المحققة في السنوات الأخيرة في مجال محاربة الإرهاب والتهريب المستعمل في تمويل التنظيمات الجهادية تعود بالدرجة الأولى إلى التجهيزات العسكرية التي يزود بها الجيش تباعا.

مشاركة :