أشار تقرير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، إلى أن التعليم هو صناعة الإنسان، وفي أدبيات الاقتصاد، يقولون إن الإنسان هو وسيلة وغاية التنمية، أي أن التنمية يصنعها الإنسان القادر.وبين تقرير «الشال» أن هدف التنمية الأسمى هو استدامة رفاه الإنسان، ولذلك تصبح نوعية التعليم الذي يتلقاه وعلاقته الوطيدة بسوق العمل، أحد أهم ركائز نجاح مشروع التنمية.وذكر أن الإنفاق على التعليم يفترض أن يكون مؤشراً على جدية مشروع التنمية، ولكنها فقط نصف الحقيقة، فجدوى الإنفاق على التعليم مشروطة، وبقوة، بالتناسب الطردي ما بين حجم الإنفاق ومخرجات نظام التعليم، أي ارتقاء مستواه بزيادة الإنفاق عليه.وأوضح التقرير أنه في الكويت، تبلغ نفقات التعليم المقدرة في موازنة 2017/2018 نحو 3.237 مليار دينار وفقاً لمشروع «كويت جديدة»، أو نحو 16 في المئة من مجمل النفقات العامة، أو نحو 9.6 في المئة من حجم الناتج المحلي الإسمي لعام 2016 كما يقدره بنك الكويت المركزي.ولفت التقرير إلى أن المعدل المذكور يعد من أعلى معدلات الإنفاق في العالم، وتبلغ نحو 74.6 في المئة من كل النفقات العامة للكويت في موازنة (1999 /2000). ونوه بانه ضمنها دعم تعليمي، مثل نفقات الابتعاث الخارجي والداخلي ومكافآت الطلبة، بنحو 624 مليون دينار، وهو دعم غير مشروط بالمواءمة ما بين التخصص التعليمي ومتطلبات سوق العمل، وضمنها أيضاً نفقات إنشائية بنحو 250 مليون دينار، معظمها لمبنى جامعة وحيدة تأخر 7 سنوات، وشب حريقه السابع قبل فترة قريبة.وشدد التقرير على أن مستوى مخرجات التعليم وفقاً لتقرير للبنك الدولي بمستوى دولة فقيرة ومُدمرة مثل كمبوديا، ومعظم الخريجين ينتهي بهم المطاف بالتسجيل وانتظار الدور لوظيفة حكومية، وهو جهاز أكثر من نصفه بطالة مقنعة، ولا علاقة لمعظم الوظائف بالاختصاص في مجال العمل، إن وجد في الأصل عمل.ورأى أنه أمام تراخٍ مقصود، بات بعض التعليم، يدرس من قبل حاصلين على شهادات علمية مزورة، وفي كل التخصصات.واعتبر أن أي مشروع تنمية يتساهل مع مستوى تعليمي بهذا المستوى، نتيجته تنمية عكسية، أو تخلف، لأنها إصابة مباشرة وأليمة لرأس المال البشري.وتشير إحصاءات «الهيئة العامة للمعلومات المدنية» في 31 ديسمبر 2016، إلى أن هناك أكثر من 135 ألف كويتية وكويتي يحملون الشهادات الجامعية وما فوق، أو نحو 10 في المئة من السكان المواطنين، وهي نسبة عالية جداً، بينما المؤشرات قاطعة على تخلف الدولة تنموياً.وبين أنه في دليل على أن الإنسان المواطن ليس وسيلة أو غاية التنمية، تشير بيانات «الهيئة العامة للمعلومات المدنية»، إلى أن نحو 34 في المئة من المواطنين، أي واحد من كل ثلاثة مواطنين، غير معروف تحصيله التعليمي، أي ما إذا كان أمياً أو يحمل شهادة من أي مستوى، في تخلف إحصائي وغياب لأهمية الإنسان المواطن في مشروع التنمية. وتابع أنه يبدو أن علاقة الإنفاق على التعليم ومخرجاته باتت عكسية، وأن مقولة إن الإنسان المواطن هو وسيلة وغاية مشروع التنمية غير صحيح، وإن كان هدف فهو يتحقق بشكل عكسي.وذكر أنه وبدلاً من التودد الحكومي والنيابي لشراء ولائه، فالأولوية الصحيحة هي لحماية مستقبله، وذلك يتطلب بعض الجهد لصناعة مهاراته بشكل أفضل، حتى يستطيع مواجهة تداعيات شح إيرادات النفط، لأن الوضع الحالي على مساوئه، غير قابل للاستدامة.البورصةمن ناحية ثانية، اعتبر «الشال» أن استمرار هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت، في مشروع إعادة البورصة إلى الحجم الصحي، سياسة صحيحة، إذ إن المخاطر ستنخفض، والمضاربات الضارة ستقل، وتوجه وتوزيع السيولة بين الشركات سيكون أفضل.وبين «الشال» في تقريره الاقتصادي الأسبوعي، أنه صحيح أنه إجراء تأخر، ولكن خفض عدد الشركات المدرجة في السوق الرسمي بنحو 26 شركة في عام واحد، خطوة كبيرة في اتجاه التصحيح، حتى وإن تأخرت نتائجها الإيجابية قليلاً.وأشار التقرير إلى أن هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت، تخططان وتعملان على أن يكون حجم البورصة، أي عدد شركاتها المدرجة أصغر، بما يتناسب وحجم سيولتها الحالية.ولفت إلى أن الأهم، هو أن مكونات البورصة ستصبح أفضل في العام الحالي، مبينا أنه حتى نهاية شهر أبريل الفائت، اكتمل الانسحاب الاختياري من الإدراج في السوق الرسمي لـ 7 شركات، ليصبح عدد الشركات المدرجة 177 شركة.وقدر أن يكتمل انسحاب 8 شركات راغبة أخرى حتى نهاية العام الحالي، لينخفض عدد الشركات المدرجة إلى 169 شركة.وأوضح التقرير أنه من أصل 15 شركة مطلوب منها توفيق أوضاعها مع متطلبات الاستمرار في الإدراج، قررت هيئة أسواق المال نقل 11 شركة للسوق الموازي، ليصبح عدد الشركات المدرجة مع نهاية العام الحالي نحو 158، وأعطيت لـ 4 شركات أخرى مهلة حتى شهر أغسطس المقبل لتوفيق أوضاعها، وما لم توفق، كلها أو بعضها قد ينقل إلى السوق الموازي.وأفاد أن معظم الشركات المنسحبة أو المنقولة إلى السوق الموازي، ضعيفة القيمة والسيولة، فالشركات الـ 7 التي تم انسحابها تمثل 3.8 في المئة من عدد الشركات المدرجة، ولكنها لا تساهم سوى بـ 0.54 في المئة من قيمة شركات البورصة. وأضاف أن الشركات الـ 8 المقدر انسحابها حتى نهاية العام الحالي، تمثل نحو 4.5 في المئة من المتبقي من عدد الشركات المدرجة، ولكنها لا تساهم سوى بنحو 0.74 في المئة من قيمة شركات البورصة.وتابع أن الشركات الـ 11 التي انتقلت إلى السوق الموازي، تمثل نحو 6.5 في المئة من عدد المتبقي من الشركات المدرجة، ولا تساهم سوى بنحو 0.3 في المئة من قيمة شركات البورصة.ولفت إلى أنه حتى عام 2008، كان إنتاج الشركات وإدراجها في البورصة، هدفاً بحد ذاته، ورغم الاختلاف الجوهري في بيئة الأعمال ما بعد الأزمة، ظل هذا الوهم سائداً حتى عام 2011 عندما بلغ عدد الشركات المدرجة أقصاه، وتسبب الازدحام في تكاليف لا ضرورة لها.من جهة أخرى، لفت «الشال» إلى أن التقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية في 15 مايو 2017، يكشف عن بلوغ إيرادات النفط لدول أوبك مجتمعة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، نحو 175 مليار دولار، وتقدر أن تبلغ تلك الإيرادات لكامل عام 2017 نحو 527 مليار دولار. ونوه التقرير بأن تلك الإيرادات للسنوات 2011 و2012 و2013 تراوخت حول معدل 1.100 مليار دولار في السنة الواحدة، أي أنها للعام الحالي بحدود 48 في المئة من مستويات السنوات الثلاث المذكورة.وكشف أن تلك الإيرادات لن ترتفع كثيراً عام 2018، إذ تقدرها بحدود 570 مليار دولار، ويظل تقديراً مشروطاً باستمرار اتفاق ضبط الإنتاج ضمن «أوبك» والمنتجين المصدرين للنفط خارجها.ورأى التقرير أن الأثر الموجب للاتفاق على ضبط معدلات الإنتاج بائن، فبعد مستوى قياس أدنى لتلك الإيرادات حين بلغت لأوبك نحو 433 مليار دولار عام 2016، أدى الإتفاق إلى ارتفاعها بنحو 22 في المئة ضمن تقديرات عام 2017.واعتبر أن إبقاء الأسعار في حدود 55 دولاراً، هو أقصى ما يمكن تحقيقه، ومن دون ضمانة لاستمراره.
مشاركة :