عادت الأحداث الأمنية لتهز استقرار بلدة عرسال اللبنانية الواقعة على الحدود الشرقية مع سوريا، التي تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين. فبعد الحادث الذي شهدته يوم الجمعة الماضي حين فجّر انتحاري من البلدة نفسه خلال محاولة الجيش إلقاء القبض عليه، اندلعت يوم أمس السبت اشتباكات عنيفة بين تنظيم داعش و«جبهة النصرة» في منطقة الجرود التي يسيطران عليها. وجاء هذا التطور بعد أيام معدودة من دعوة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أهالي عرسال والحكومة اللبنانية إلى «بذل الجهد من أجل إنهاء الواقع القائم في جرودها».«الوكالة الوطنية للإعلام» أفادت بأن اشتباكات عنيفة وإصابات كثيرة وقعت في صفوف مسلحي تنظيم داعش و«جبهة النصرة»، بعد هجوم عناصر التنظيم على مواقع «النصرة» في جرود عرسال، ومن 3 محاور هي شميس العجرم وخربة داود والشاحوط - سرج النمورة، في اتجاه وادي حميد، الملاهي والعجرم وخربة يونين. وأوضحت الوكالة أن «سرايا أهل الشام» وقفت إلى جانب «النصرة» بالتصدي لهجوم «داعش»، «ما أدى إلى سقوط كثير من القتلى والجرحى بين الطرفين وسط حالة من الفوضى والتوتر داخل مخيمات وادي حميد».هذا، وتزامنت المواجهات بين المسلحين السوريين في الجرود مع قصف المدفعية الثقيلة للجيش اللبناني تحركاتهم، بينما أعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني، جورج كتانة، أن سيارات تابعة للمنظمة الدولية نقلت بالتنسيق مع الجيش، 4 سوريين ينتمون إلى «جبهة النصرة»، إلى مستشفى فرحات في منطقة جب جنين، لافتا إلى أن معظم الإصابات بالغة وجميعها من بلدة حوش عرب. ومن جانبه، نشر «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» صورا لقتلى قال إنهم عناصر من تنظيم داعش بعد صد «جبهة النصرة» و«سرايا أهل الشام» هجومهم في جرود عرسال، لافتا إلى مقتل 30 عنصرا من التنظيم خلال الهجوم.وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت نائبة رئيس بلدية عرسال، ريما كرنبي، إن أهالي بلدة عرسال سمعوا يوم أمس مدفعية الجيش تقصف منطقة الجرود، وأردفت أن القصف «كان غير اعتيادي من حيث الكثافة... كذلك رصدنا تحركا لسيارات الصليب الأحمر ولعدد من سيارات الإسعاف باتجاه مناطق خارج حدود بلدتنا». واعتبرت كرنبي، أن ما شهدته البلدة يوم أمس يتزامن مع ما يتردد عن «اقتراب الحل العسكري»، في إشارة إلى نية «حزب الله» مواجهة المجموعات المسلحة المتمركزة في الجرود بالقوة بعدما تردد عن مفاوضات مفتوحة بينهم وبينه لانسحابهم منها باتجاه الأراضي السورية. وتابعت كرنبي: «الاشتباكات في الجرود سبقها يوم الجمعة حادث أمني داخل عرسال، إذ قال الجيش إن أحد أبناء البلدة فجّر نفسه خلال محاولة إلقاء القبض عليه، علما بأننا نعرف تماما هذا الشاب، ولم يكن ممن يبدو عليهم الانتماء لـ(داعش). بل كان يرتدي الملابس الحديثة وحتى سراويل الجينز الممزقة». واستطردت أن «كل ما يجري حاليا يجعل أهالي عرسال يعيشون في جو من القلق والترقب لما قد يكون مقبلا عليهم». أما بالنسبة للجيش اللبناني، فكانت قيادة الجيش قد أعلنت في وقت متأخر الجمعة (أول من أمس) أنه «وأثناء قيام قوة من الجيش في بلدة عرسال بدهم مكان وجود الإرهابي بلال إبراهيم بريدي، وهو أحد المشاركين بالتفجيرات التي حصلت في بلدة رأس بعلبك بتاريخ 24 - 5 - 2017، أقدم الأخير على تفجير نفسه، مما أدى إلى مقتله وإصابة بعض العسكريين بجروح غير خطرة، حيث تم نقلهم إلى أحد المستشفيات للمعالجة».ونوّه قائد الجيش جوزيف عون يوم أمس بـ«العمليات النوعية الاستباقية التي نفّذتها مديرية المخابرات خلال الأيام الماضية في منطقة عرسال»، مشيرا إلى أن «توقيف الإرهابيين المسؤولين عن تفجيرات بلدة رأس بعلبك بالسرعة القصوى، قد حال دون استمرارهم في تنفيذ مخطّطاتهم الإجرامية، وجنّب وقوع كثير من الضحايا في صفوف المواطنين». وتابع عون خلال جولة على العسكريين «القدرة الاستخباراتية والاستعلامية للجيش على اجتثاث الخلايا الإرهابية من مخابئها أينما وجدت»، لافتا إلى أن «هذه القدرة تسير جنبا إلى جنب مع مواصلة الوحدات الميدانية مهاجمة مواقع التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، وتضييق الخناق عليها وصولا إلى دحرها بصورة نهائية». وطمأن «أنّ استقرار البلاد هو في حمى الجيش، الذي لن يسمح بالعبث به تحت أي ظرفٍ من الظروف». جدير بالذكر أن هذه التطورات في عرسال أتت بعد تأكيد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إطلالته الأخيرة قبل أيام على وجوب «وضع حد للوضع القائم في جرود عرسال، حيث إن هناك جماعات مسلحة لديها السيارات المفخخة والانتحاريون، ويمكن أن تهدد قرى وبلدات هذه المنطقة في أي لحظة من اللحظات»، مشيرا إلى «حرص» حزبه على «حقن الدماء وإنهاء هذا الملف بالطرق السلمية والتسويات الممكنة». وفي إطار العمليات الاستباقية التي تنفذها الأجهزة الأمنية اللبنانية، أعلنت «المديرية العامة للأمن العام» يوم أمس، أنّه «في إطار متابعة نشاطات المجموعات الإرهابية ورصد خلاياها النائمة في لبنان، وبناءً على إشارة النيابة العامة المختصة، أوقفت أحد اللبنانيين لانتمائه إلى تنظيم إرهابي». وأوضحت المديرية، في بيان، أنّه «وبالتحقيق معه، اعترف بما نسب إليه، وبأنه بايع تنظيم جبهة النصرة الإرهابي على يد الإرهابي أسامة منصور، وانضم إلى مجموعته بعد متابعة دورة عسكرية تحت إشرافه، وأنه نشط على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر صورا ومدونات تحرّض على الجيش اللبناني». وأضافت: «كما أنّه ومن خلال نشاطه هذا تواصل مع إرهابيين للمغادرة إلى مصر والالتحاق بصفوف مجموعات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في شبه جزيرة سيناء، بعد ذلك تواصل مع الإرهابي هلال الحصني الملقب بـ(أبو ماريا) الذي عرض عليه الانتقال إلى سوريا والالتحاق بإحدى مجموعات الانتحاريين التابعة لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي، فوافق صاحب العلاقة، إلا أن توقيفه حال دون ذلك».
مشاركة :