الفيلم يتخذ شكل المغامرة المثيرة التي تميز هذا النوع من الأفلام الأميركية، وتبرز في الفيلم بوجه خاص، الأساليب حديثة التقنية.العرب أمير العمري [نُشر في 2017/05/28، العدد: 10646، ص(16)]علاقة صداقة بين الفتاة والخنزيرة العملاقة أوكجا ما أن بدأ عرض فيلم “أوكجا” للمخرج الكوري بونغ جون هوو، أمام أكثر من ألفي شخص في مسرح لوميير الكبير بمهرجان كان، إلا وبدأ الجمهور في الصراخ والصياح والصفير في شكل احتجاجي لم يحدث من قبل. انفجر صياح الاحتجاج بمجرد ظهور شعار شركة “نيتفليكس” الأميركية منتجة الفيلم الذي صور أصلا للعرض على أجهزة الأيباد والهواتف المحمولة وغير ذلك من البدع الجديدة في عالم التكنولوجيا الرقمية، وليس للعرض على شاشة السينما. وقد فهم البعض أن الاحتجاج موجه لمشاركة “نيتفليكس” في مسابقة المهرجان الكبير خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس لجنة التحكيم المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار خلال المؤتمر الصحافي قبيل افتتاح المهرجان، مستنكرا أن يتسابق فيلم لن يعرض على الشاشات الكبيرة، مع غيره من الأفلام السينمائية (الطبيعية)، ومضى ألمودوفار أبعد من ذلك حينما أكد أنه ليس من الممكن منح جائزة لفيلم لن يعرض على الشاشة الكبيرة. وكان مهرجان كان قد أعلن على لسان رئيسه أن المهرجان لن يقبل في مسابقته بدءا من العام القادم، أيّ فيلم لا يكون لديه موزع سينمائي للعرض في فرنسا، أي ضرورة أن يعرض في قاعات السينما. إلى جانب الاحتجاج على “نيتفليكس” كان السبب الرئيسي للضجة التي ثارت مع بدء فيلم “أوكجا” طريقة العرض التي أخفت جزءا من الصورة من أعلى، وبعد مضي نحو 15 دقيقة اضطر المسؤولون إلى وقف العرض لمدة عشرة دقائق حتى تم إصلاح الخطأ التقني، وأصدر المركز الصحافي للمهرجان بيان اعتذار عمّا حدث وانتهى الأمر، لكن ظل التساؤل قائما: لماذا قبل المهرجان العريق فيلما من هذا النوع أصلا في مسابقته؟ يبدو فيلم “أوكجا” وكأنه مصنوع للأطفال، فالفيلم يصوّر كيف تتحايل شركة “أميركية” من أجل إقناع المستهلكين في العالم بأنها تقدم لهم لحوما طبيعية جيدة لم تتدخل فيها الوسائل الحديثة في التهجين والهندسة الوراثية والتلاعب بالجينات وما إلى ذلك، فتلجأ إلى استخدام الوسائل الصناعية الحديثة لإنتاج عدة آلاف من الخنازير العملاقة ترسل منها 26 فقط إلى أماكن متفرقة من العالم لتصبح في رعاية رعاة مختارين.وجود الفيلم الذي يحمل الكثير من التسلية والإثارة داخل مسابقة كان أمر غريب، فهو ليس من الأفلام التي اعتاد المهرجان عرضها في مسابقته الرئيسية للأفلام الطويلة وترتبط الخنزيرة العملاقة “أوكجا” الموجودة في كوريا منذ طفولتها بعلاقة صداقة قوية مع فتاة صغيرة تدعى “ميجا”، تعتبرها ملكا خاصا لها بعد أن يتخلى لها عنها جدها، تعاملها بحب ورفق شديدين تماما كما نتعامل مع الحيوانات الأليفة، تصحبها للرعي في الغابات والمناطق الجبلية الخلابة في كوريا. مديرة الدعاية في الشركة، التي تقوم بدورها الممثلة البريطانية تيلدا سوينتون، تشرح في المشهد الأول من الفيلم وسط حضور كبير، أمام كاميرات التلفزيون، كيف أن هذه الخنازير العملاقة (السوبر) ستصبح الحل العملي لأزمة الغذاء في العالم. وتقيم الشركة مسابقة لاختيار أكبر خنزيرة لتفوز الخنزيرة أوكجا باللقب، ولكن يتعين أن يأتوا بها من كوريا إلى نيويورك لكي يتم تكريمها ثم ذبحها وتوزيع لحمها. تتدخل جماعة دولية لحماية الحيوانات وتسعى لإفساد الخطة لكنها تقنع صاحبة الخنزيرة (ميغا) بأن تقبل بنقل أوكجا إلى نيويورك ثم فضح ممارسات الشركة أمام الرأي العام واستعادة أوكجا وإعادتها إليها. يتخذ الفيلم شكل المغامرة المثيرة التي تميز هذا النوع من الأفلام الأميركية، وتبرز في الفيلم بوجه خاص، الأساليب حديثة التقنية سواء في تصميم الخنزيرة التي تتسع لها بالكاد شاحنة ضخمة، ثم تصويرها داخل حظيرة هائلة تضم أعدادا كبيرة من الخنازير العملاقة، ثم تهريبها وما يعقب ذلك من مطاردة مثيرة، تقذف خلالها أوكجا على مطارديها فضلات من مؤخرتها في مشهد مضحك، ثم حسّها المرهف، كما نرى كيف تبكي بين ذراعي صديقتها، وكيف تتفاعل مع البشر، وكلها تفاصيل ستعجب جمهور الأطفال، سبقت تجربتها من قبل في أفلام كنغ كونغ الشهيرة. وجود الفيلم الذي يحمل الكثير من التسلية والإثارة داخل مسابقة كان أمر غريب، فهو ليس من الأفلام التي اعتاد المهرجان عرضها في مسابقته الرئيسية للأفلام الطويلة، كما أن الاستخدام المكثف للوسائل التقنية الحديثة في الصورة غرضه الأساسي استعراض العضلات وتوليد أكبر قدر من التشويق والإثارة على طريقة الفيلم الأميركي الشائع، كما أن أداء جاك غلينهال في دور مهرج تلفزيوني يعمل لحساب الدعاية في الشركة يضحك الجمهور عن طريق شقلباته وحركاته المبالغ فيها، لم يكن موفّقا بل ظل ثقيل الوطأة. والنتيجة أننا أمام فيلم من تلك الأفلام التي ربما يشاهده كثيرون، دون أن يبقى في الذاكرة طويلا.
مشاركة :