إعادة تعريف الرقيب على وسائل الإعلام ـ

  • 5/28/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الرقيب الجديد هو مدونة أخلاقية ومهنية ملزمة، لكن مواقع التواصل الاجتماعي عاجزة عن صياغتها لضبط أداء أكثر من ملياري مستخدم، بدا تأثير ما ينشرونه صادما ويمس سلامة الناس وكرامتهم وينشر الكراهية والإرهاب، الحرية المتاحة للمدونين منحتهم فرصة لتعريف أنفسهم بما يكرهون، وفق تعبير الروائي سلمان رشدي. مثل تلك الحاجة الماسة العاجلة تصاعدت أمس بعد أن كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن مدونة النشر في فيسبوك، في وقت أصبح المحتوى ضخما ولم يعد من السهل إخضاعه لمراقبة دقيقة. تعترف مديرة سياسة التدبير في فيسبوك، مونيكا بيكيرت، بأن وجود ملياري مستخدم لفيسبوك يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق حول ما ينبغي نشره وما يتوجب حظره. وتقول مثل هذا “يتطلب الكثير من التفكير في أسئلة مفصلة وكثيرا ما تكون صعبة وتوفير الإجابة الصحيحة أمر نتعامل معه بجدية بالغة، فمهما جرى الاجتهاد في ضبط المحتوى، ستظل هناك مساحة رمادية يصعب الحسم فيها إزاء عدد من النقاط، إذ من الصعب مثلا إيجاد حدود التماس بين السخرية والتهكّم المسيء”. تعطي بيكيرت، التي قضت أكثر من عقد من الزمان تعمل مدعيا جنائيا في الولايات المتحدة، مثالا مقنعا يمس أكثر وسائل الإعلام في تغطيتها الخبرية وقصصها التحليلية فتقول في السياق الثقافي قد يكون انتقاد النظام السياسي الملكي مقبولا في المملكة المتحدة، لكن في بعض بلدان العالم سوف تحصل على حكم بالسجن، إن لم يكن الإعدام كما كان ولم يزل! لهذا لا ترى مديرة سياسة التدبير في فيسبوك من السهل الامتثال لقانون واضح. ومع أن إدارة فيسبوك لا تسمح للمستخدمين بالمشاركة في تفاصيل السياسة التحريرية، لأنها لا تريد أن تشجع الناس على إيجاد الحلول، حسب بيكيرت، لكنها تنشر المعايير المجتمعية التي تحدد ما هو غير مسموح به ولماذا. وتلك المعايير عرضة للتغيير مع مرور الوقت ونمو المجتمعات وحساسياتها تجاه القضايا المعروضة. المناطق الرمادية التي اتسعت مع توسّع المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي صارت تمس قيم المجتمعات والأمن القومي للبلدان، الأمر الذي دفع مارك زوكربيرغ إلى القول بعد نشر فيديو قتل على فيسبوك “لدينا الكثير من العمل للقيام به”. مع كل ذلك يتصاعد الضغط السياسي من قبل الحكومات الديمقراطية على الشركات الكبرى كفيسبوك وغوغل وتويتر، لتزيد من الرقابة على المحتوى المنشور في محاولة جادة لمنع انتشار الإرهاب والكراهية والتحريض على القتل. لكن إدارة فيسبوك ترى فوائد المشاركة تفوق بكثير المخاطر المتوقعة مما ينشر، لكن فكرة مديرة سياسة التدبير بأن المجتمع لا يزال يدرك ما هو مقبول وما هو ضار، بحاجة إلى أكثر من ذلك في بعض المجتمعات، والحال أن مجرد إطلاق مثل هذا الكلام يجعل الرقيب المقتول يهنأ في قبره، وربما يستعد للعودة إلى الحياة ليكون الميّت الأول الذي يحيا ثانية في العصر الرقمي!   كرم نعمة karam@alarab.co.uk

مشاركة :