يسعى بعض الموظفين للحصول على تقارير طبية كاذبة لأخذ إجازات مرضية في أعمالهم، على الرغم من النصائح التي ساقتها لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الإسلامية لكافة الموظفين والموظفات في الدولة والقطاع الخاص، والتي نصحت بعدم الانسياق وراء الكذب والنفاق من خلال التلاعب بالقوانين والحصول على تقارير طبية، بعد أن باتت هذه الألاعيب أشبه بالظاهرة تغزو أماكن العمل؛ بسبب ضعف الوازع الديني لبعض هؤلاء العاملين، إذ إنّ الإجازات المرضية للتغيب عن العمل من الكذب والتزوير الذي لا يأتي به إلاّ من غاب عنه محاسبة النفس، كما أنّ هناك أطباء يساعدون هذه الفئة من الموظفين بارتكاب مثل هذه المخالفة، وبالتالي يتشاركون معاً في عدم استقرار العمل الوظيفي، وينالون مرتباتهم زوراً وبهتاناً. وتعدّ هذه الممارسات نوعاً من الجرائم التي لا بد أن تطالها عصا القانون، سواء للموظف أو الطبيب، لا سيما وأنّ أي موظف لا يتمتع بالأخلاق الوظيفية بوسعه أن يتغيّب عن العمل في أي وقت يريده، من خلال التعرف على طبيب يسهّل له الحصول على تقرير طبي، وغياب القوانين الصارمة التي ساهمت في استهتار بعض الموظفين والأطباء، خصوصاً وأنّ هذه التقارير قد تحمل أختاماً من بعض الجهات الطبية المسموح لها بمنح الإجازات المرضية. وامتعض "عبدالغني الزهراني" -مسؤول في إدارة مطار الملك عبدالعزيز بجدة- من مساعدة بعض الأطباء للموظفين بمنحهم إجازات مرضية، مبيّناً أنّ هناك لوائح عديدة وتعاميم كثيرة صدرت من قبل بعض الجهات الحكومية في هذا الصدد، إلاّ أنّ ضعف المسؤولية لدى بعض الموظفين ساهم في تفاقم الوضع، وتماديهم في اختلاق الأعذار التي تبرر تسيبهم. وأكّد "صالح شبرق" -تربوي- على أهمية الرصد والمتابعة المستمرة والحثيثة لمثل هذه التقارير الطبية، مشيراً إلى أنّ اللوائح الموجودة -وإن اتسمت بشيء من الضعف- يمكن أن تساهم في تقليل اللجوء إلى المستوصفات لشراء أعذار طبية، خصوصاً إذا ما اتفقت الوحدات المدرسية والمستشفيات والمراكز الصحية حول طرق منح الموظفين تقارير الإجازات المرضية. وقال "ناصر الثويني" -رجل أعمال-: "يفترض أن يتم تأهيل الموظف وتدريبة على القيم وتحمل المسؤولية المناط به، وبهذا سينأى بنفسه عن الركض وراء السلوكيات العقيمة، كما أنّ ايجاد الكثير من الضوابط الصارمة يمكن أن يحد من الأمر"، معتبراً أنّ هذه السلوكيات التي يلجأ اليها الموظفون تعطل العمل، مطالباً بمحاسبة دقيقة مع الحرمان من منح الترقيات أو الامتيازات، مستدركاً: "الموظف ليس مسؤولاً وحده عن الفوضى، بل هناك قيادات واهنة لا تقدر على إنزال العقوبات بحق بعض المقصرين، الذين دائماً ما يوظفون علاقاتهم مع المديرين، حتى لا يصيبهم شيء من العقاب، مثل هؤلاء يتسببون كثيراً في افشاء التلاعب الوظيفي والفساد الإداري". وأضاف "خالد العبود" -رئيس شركة سياحية- أنّ التعامل مع مثل هذه الفئة من الموظفين يحتاج إلى استحداث إدارات خاصة بكل المرافق، تكمن مهامها في التنقيب عن هذه التقارير، من خلال المستشفيات التي منحتها، مبيّناً أنّ حرمان الموظف الذي يستأذن أكثر من (4) مرات من الامتيازات سيؤدي إلى حرصه على العمل، وعدم ممارسة الخداع والتلاعب بالتقارير الطبية للحصول على الإجازات، مطالباً بإنزال أشد العقوبات على الأطباء الذين يوافقون على منح الموظفين إجازات مرضية وهمية، مشدداً على أهمية تقديم الحوافز المادية للموظف الذي لا يلجأ للتحايل بالتقارير الطبية، إذ قد يكون سبباً في انضباط زملائه الآخرين. وأشار "م.خالد الزهراني" إلى أنّ تزايد هذه السلوكيات له عواقب كثيرة في المجال الاقتصادي، حيث ترسخ في عقول الشباب الكثير من عوامل الترف واللامبالاة، مبيّناً أنّ هذه الفئة تحتاج إلى نوع من التربية الوطنية، حتى تدرك أنّ الإنتاج أو العطاء المتواصل للوطن هو من شيم المواطن الصالح، الذي يحب وطنه، مطالباً أن يكون هناك دور للمؤسسات التربوية، من خلال تعريف الطلاب بمعنى الإخلاص للوطن عبر العمل الإداري.
مشاركة :