دبي: مساعد الزياني قال تقرير اقتصادي صدر أخيرا بأن الشركات ستحتاج إلى معرفة وضعها في إطار نضج البيانات الضخمة الذي يتألف من ثلاثة عناصر وهي جاهزية البيئة، والقدرات الداخلية للشركة، وسبل استخدام البيانات الضخمة، في الوقت الذي كشفت فيه البحوث الأخيرة وجود صلة بين استخدام البيانات الضخمة وجودة الأداء المؤسسي للشركات. وقال التقرير الصادر من شركة استراتيجي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بأن هناك القليل جدا من الشركات التي تستفيد من البيانات الضخمة بشكل فعلي، حيث تحتاج الشركات إلى فهم المزايا التجارية التي يمكن أن تجلبها البيانات الضخمة وكيفية تطوير قدراتها وثقافتها لاستغلال تلك الإمكانات. وبين التقرير الذي عنون بـ«تحدي البيانات الضخمة» أنه بالإمكان في هذا الإطار مساعدة الشركات في معرفة مدى التقدم الذي أحرزته، وتحديد أكثر ما يجب القيام به لتحقيق ما تصبو إليه، ويوضح هذا الإطار إمكانية استخدام البيانات الضخمة في مختلف مراحل النضج وأكثرها تطورا، وقد تكون البيانات ذات نطاق محدود لا يتعدى تحسين كفاءة العمليات القائمة. أو يمكنها، في مرحلتها الأكثر تطورا، إعادة تشكيل طبيعة الأعمال بشكل جذري، وتطوير الشركات، وتمهيد الطريق للشركات الناشئة والمبتكرة، واستحداث صناعات جديدة كليا. وقال بهجت الدرويش الشريك في «استراتيجي» بأن مرحلة النضج الأولى، وهي إدارة الأداء، للمسؤولين التنفيذيين تسمح برؤية أعمالهم الخاصة بشكل أكثر وضوحا من خلال، على سبيل المثال، جداول متابعة معلومات الإدارة سهلة الاستخدام، وهذا عادة يشمل البيانات المستحدثة داخليا. وأضاف: «أما مرحلة النضج الثانية، وهي تميز المجالات الوظيفية، فتشمل استخدام الشركات لكل من البيانات الداخلية والخارجية على حد سواء لتحسين مجالات أعمال مختارة. وقد يؤدي هذا إلى تعزيز أساليب المبيعات والتسويق، أو تطوير الكفاءة التشغيلية. فعلى سبيل المثال، قامت شركة ألمانية لصناعة السيارات بمتابعة أداء آلات الإنتاج بشكل فوري لتُحقق زيادة بنسبة 20 في المائة في معدل الإنتاجية، حيث تم متابعة أداء كل آلة عن كثب لتحديد وقت التوقف عن العمل، مما ساهم في تمكين الشركة من تحقيق الاستفادة المثلى من استخدام جميع الآلات». وأشار الدرويش إلى أن مرحلة النضج الثالثة، وهي تعزيز المزايا المقدمة، تسمح للشركات بالبدء في استحداث مصدرا جديدا للميزة التنافسية يتجاوز نطاق التحسين التدريجي للعمليات والخدمات القائمة. وقد يستلزم هذا توصيات فورية أو تخصيص الخدمات، للارتقاء بجودة تجربة العملاء. واستشهد التقرير بنجاح متجر تجزئة عالمي في زيادة أرباحه لكل عميل بنسبة 37 في المائة من خلال تطبيق تحليلات العملاء المتقدمة لتحديد أفضل عملائه ثم تقديم عروض شخصية لهم، مما أثمر عن ارتفاع وتيرة مشتريات هؤلاء العملاء المستهدفين بنحو الربع، ونمو متوسط عدد الوحدات المبيعة بنحو 10 في المائة. وأكد التقرير إلى أن أحد البنوك الأوروبية تمكّن من زيادة المبيعات بنسبة 12 في المائة من خلال تنويع محتوى موقعه على شبكة الإنترنت، وذلك عند قيام العملاء بتسجيل الدخول إلى الموقع الرئيسي، يظهر لهم موقع بديل على أساس تاريخ معاملاتهم الفردية وشرائحهم ومحفظة منتجات الشركة بشكل عام، وقد تم تعديل المحتوى وفقا لاحتياجات العملاء المتوقعة من أجل تحقيق أقصى قدر من المبيعات. وبالعودة إلى الشريك في «استراتيجي» تأتي المرحلة الرابعة والأخيرة، وهي تطوير نموذج الأعمال، عندما تسهم البيانات الضخمة في إحداث تغيير جوهري، بحيث تصير ممارسات البيانات الضخمة راسخة بعمق داخل منظومة عمل الشركة وتعمل على تشكيل طبيعة الأعمال فضلا عن طريقة اتخاذ القرارات التنفيذية. وأكد التقرير أنه بمقدور شركات الخدمات والمنتجات على حد سواء الوصول إلى هذه المرحلة، وزاد: «أوضحت شركة جنرال إلكتريك، وهي شركة منتجات، إيمانها بقوة البيانات الضخمة، حيث تتوقع الشركة قريبا أن يتم تزويد الآلات والمعدات بأجهزة استشعار تعرض بيانات الخدمة التفصيلية بشكل فوري وعلى مدار فترات زمنية أطول. ولذا، تُنفق جنرال موتورز ما يربو على مليار دولار أميركي على بناء قدراتها في مجال علم البيانات لتقديم خدمات البيانات والتحليلات عبر مختلف وظائف ومناطق الأعمال». من جهته قال الدكتور وليد طعمة الشريك في «استراتيجي» أن عملية الاندماج المقترحة في عام 2013 بين اثنتين من الشركات الإعلانية، وهما أومنيكوم وبوبليسيس، أدى إلى تطور أوسع قائم على البيانات على مستوى شركات تقديم الخدمات، حيث تتجه صناعة الإعلان إلى أن تكون صناعة قائمة على العلم ومعتمدة على البيانات وتهدف إلى إيصال رسائل إعلانية شخصية، وسوف يهيمن على هذا العالم الجديد تلك الشركات الكبرى التي تمتلك البيانات الأكثر شمولا حول الأشخاص، ورغم إلغائهما لعملية الاندماج في مايو (أيار) 2014. اعتقدت كل من أومنيكوم وبوبليسيس أن حجمهما مجتمعتين سوف يثمر عن الوصول إلى حجم البيانات المنشود. وزاد: «لكن رغم الاهتمام الواسع بالبيانات الضخمة، تواجه الشركات الكثير من العوائق التي تتعلق معظمها بأنظمتها وثقافتها، وتتمثل أحد أبرز تلك العوائق في النقص في علماء البيانات المتاحين الحاصلين على تعليم متقدم في الرياضيات أو الإحصاء والذين بمقدورهم أيضا ترجمة البيانات الأولية إلى رؤى تجارية قابلة للتنفيذ، ورغم بدء الكثير من المؤسسات التعليمية في تقديم دورات تدريسية ذات صلة بهذا المجال، فإن الطلب في السوق على مثل هؤلاء الخبراء كبير بالفعل». وتابع طعمة: «يتعين على الشركات إعادة تشكيل ثقافة صنع القرار الحالية، حيث ينبغي على كبار المسؤولين التنفيذيين اتخاذ المزيد من القرارات على أساس رؤى مستندة إلى بيانات واضحة، بدلا من مجرد اللجوء إلى حدسهم كما كان يحدث في الماضي». وبحسب التقرير الذي أشار إلى أن قد يسهم تغيير ثقافة الشركات بهذه الطريقة إلى حد كبير في القضاء على المخاوف المتعلقة بالأوضاع، مع تزايد تصادم حدس المسؤولين التنفيذيين مع حقائق البيانات الثابتة، ومع ذلك، وبينما يمكن أن تساعد البيانات في حل مشكلة فعلية، إلا أنه في الحقيقة لا بد للإدارة العليا أولا أن تطرح أسئلة يمكن للبيانات المتوافرة لديها الإجابة عنها بشكل مفيد، بدلا من معالجتها دون التفكير في هدف استراتيجي واضح. وهو ما يعني أن قيمة المسؤول التنفيذي ذي الرؤية الثاقبة لن تتضاءل في هذا العصر الجديد، وإنما يمكن تعزيزها بفضل البيانات الضخمة. وأكد أن على مدى السنوات الخمس المقبلة، ستصبح البيانات الضخمة هي القاعدة وستُمكّن فرص تغيير معالم الكثير من الصناعات والقطاعات، وعلى الشركات الاستجابة في الوقت المناسب لتحديد كيفية تطبيق تكنولوجيا البيانات الضخمة بأكثر الطرق فعالية، ومن ثم وضع الأسس المناسبة لها، ومن دون حماس القيادات العليا ورعايتها لتحقيق الإمكانات الهائلة من البيانات الضخمة، فمن المحتمل أن يكتسب المنافسون المتمرسون ميزة قد تكون فارقة. ولفت إلى أن التكنولوجيا الأفضل ستساعد على تخزين وتحليل الكم الهائل من البيانات التي يتم إنتاجها حاليا، فإن ما سيصنع الفارق هو بناء القدرات والثقافة الصحيحة. ومن أجل تحقيق ذلك.
مشاركة :