حرب الاخوان على المصريين لا تستثني أحدا فيمكن أن تكون جريمة المنيا هي واحدة من فقرات تلك الحرب. وهي حرب خُطط لها أن تكون طويلة. ذلك لأن إزاحة الفكر الاخواني الذي هو مصدر كل الإرهاب الذي ضرب المنطقة يتطلب نفسا طويلا وخبرة أمنية وزمنا ليس بالقصير إضافة إلى اعتماد برامج تعليمية وتثقيفية تستند بشكل أساس إلى مراجعة الأخطاء الثقافية البشعة التي ارتكبت في حق الإنسان المصري عبر عهدي الرئيسين السادات ومبارك. التركيز على الطابع الديني لجريمة المنيا هو من وجهة نظري خطأ انجر إليه الكثيرون من غير أن ينتبهوا إلى الأهداف السياسية التي يسعى إليها ارهابيو الاخوان. وهي أهداف تبدأ بضرب الوحدة الوطنية وانهاء السلم الأهلي ووضع مصر على لائحة الدول المرشحة للحروب الأهلية. لذلك فإن كل رصاصة وجهت إلى صدور أطفال المنيا الأبرياء انما كانت موجهة إلى رأس كل مصري لا يزال يؤمن بالمواطنة. جريمة المنيا هي جزء من حرب سياسية أريد لها أن تلوث المجتمع المصري بعار العنصرية التي ينطوي عليها تاريخ الحرب الدينية. لذلك فإن الدفاع عن حق الأقباط في العيش الآمن والكريم باعتبارهم أقلية في بلدهم انما يعبر عن سوء فهم واضطراب في الرؤية وهو ما يمكن أن يجر الجميع إلى المنطقة موقع القتل الذي هيأه الارهابيون. هي مؤامرة سياسية تقوم قواعدها على أساس الفتنة الدينية. وما من جهة يمكن أن تفكر سياسيا بذلك الغطاء الديني سوى جماعة الاخوان التي تأكد لها أن مشروع اقصائها قائم وإلى الأبد وأن الشعب المصري قد طوى صفحتها بعد أن ذاق مرارة سنة واحدة من حكمها. لا يحتاج الاخوان إلى الاستعانة بداعش لتنفيذ مؤامرتهم. فما يجب الاعتراف به جهرا أن جزءا لا يُستهان به من الشعب المصري لا يزال مؤمنا بحق الجماعة المهزومة في الحكم أو على الأقل لا يزال متعاطفا مع الرئيس محمد مرسي الذي عاد إلى السجن الذي سبق له وأن غادره إلى قصر الرئاسة. وكما يحتاج اجتثاث فكر الاخوان إلى زمن طويل فإن فهم تقنيات المؤامرة الاخوانية يتطلب وعيا جريئا وصادقا، بعيدا عن الانزلاق إلى مهاوي الأكاذيب التي تسعى الجماعة الظلامية إلى اشاعتها باعتبارها حقائق حياة. فلا حرب دينية في مصر. مَن يصدق أن ما جرى في المنيا هو تجسيد لاحتقان ديني إنما يضع نفسه وصوته في خدمة الاخوان ويرهن وعيه لرؤيتهم التي تقوم على الانتقام السياسي. ما يجب استيعابه في هذه المرحلة الخطيرة أن جماعة الاخوان بكل فروعها وتجلياتها هي الجماعة الأكثر وعيا لمهماتها التدميرية وهي إذ تجيد التعمية على صلتها بالجرائم التي ترتكب في حق المدنيين المصريين فإنها في الوقت نفسه تسعى إلى تعبئة المجتمع المصري بالألغام. فاروق يوسف
مشاركة :