ألغام قديمة تحت أقدام حكومة جديدة في الجزائر

  • 8/23/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ألغام قديمة تحت أقدام حكومة جديدة في الجزائرتتواصل الأزمة السياسية في الجزائر في التصعيد وسط أجواء زاد من حدة توترها وضع اقتصادي وسياسي واجتماعي استثنائي بسبب ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية وسياسة التقشف المنتهجة من قبل الدولة، بالإضافة إلى الصراع بين أجنحة السلطة على خلافة الرئيس المريض عبدالعزيز بتوفليقة، ضمن واقع يشكل تحديا كبيرا للحكومة الجزائرية الجديدة التي وجدت نفسها تسير في طريق مزروعة ألغاما.العرب  [نُشر في 2017/08/23، العدد: 10731، ص(7)]الإحباط يسيطر على الشارع الجزائري الجزائر - كشفت إقالة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الوزير الأول عبدالمجيد تبون بعد أقل من ثلاثة أشهر من تعيينه في هذا المنصب عن أزمة سياسية غير معلنة تعيشها الجزائر، إضافة إلى مأزق اقتصادي واجتماعي يعصف بالبلاد ما يشكل تحديا أمام الحكومة الجديدة. وتنتظر ملفات اقتصادية وسياسية واجتماعية مهمة وساخنة الحكومة الجزائرية الجديدة، التي تم الإعلان عن تشكيلها الخميس الماضي، عقب إقالة رئيس الوزراء السابق، عبدالمجيد تبون (71 عاما)، بعد 83 يوما فقط من رئاسته لها. وتواجه الحكومة الجديدة، بقيادة أحمد أويحيى، زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الموالي للحكومة، تحديات ورهانات كبيرة وسط وضع اقتصادي وسياسي واجتماعي يوصف بأنه استثنائي، بسبب ما تعانيه البلاد من تراجع في مصادر الدخل، جرّاء هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، وسياسة التقشف. وخلافا لسلفه تبون، الذي قرر فصل السياسة عن الاقتصاد، سيعمل أويحيى وفق مراقبين على استمالة رجال الأعمال لمساعدة الحكومة في ظل الظرف المالي الصعب الذي تمر به البلاد. وينتظر أن يكون ذلك في لقاء ما يعرف بـ”الثلاثية”، الذي يجمع الحكومة والمركزية النقابية، الممثلة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين (أكبر تنظيم نقابي في البلاد)، وأصحاب العمل، ومنتدى رؤساء المؤسسات (أكبر تنظيم لأرباب العمل). ويرى محللون أن التجارة الخارجية ستكون ورقة مهمة للنقاش في حكومة أويحيى نظرا إلى تقليص فاتورة الواردات وتنظيم تراخيص الاستيراد من قبل تبون، الذي تعامل مع الموضوع بحزم وصرامة، ما أدى إلى تخوّف المستثمرين ورجال الأعمال بالقطاع الخاص، وهو ما يرى البعض أنه كان سببا وراء الإطاحة به. وتعاني الجزائر منذ نحو 3 سنوات أزمة اقتصادية؛ جرّاء انهيار أسعار النفط، وتقول السلطات إن البلاد فقدت جزءا كبيرا من مصادر دخلها من النقد الأجنبي، حيث تراجعت من 60 مليار دولار عام 2014، إلى 27.5 مليار دولار في 2016. وأدى ذلك بدوره إلى تراجع كبير في احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي، فهبطت من 194 مليار دولار، نهاية ديسمبر 2013، إلى 112 مليار دولار، في فبراير هذا العام. وأشار فيصل مطاوي، وهو إعلامي جزائري مهتم بالشأن الاقتصادي، في تصريحات إعلامية بأنه على “الحكومة الجديدة أن تعمل على ترشيد النفقات العمومية وإطلاق مشاريع استثمارية، فضلا عن ضمان شركاء استثمار أجانب وتحديث المنظومة البنكية ومحاربة البيروقراطية”. وأضاف أن “الطلبات ذات البُعد الاجتماعي تمثل ضغطا رهيبا بالنسبة للحكومة الجديدة، في ظل البطالة المتفشية بصورة كبيرة، إذ ارتفعت، حسب أحدث تقرير للديوان الوطني للإحصاءات (حكومي)، إلى 12.3 بالمئة في أبريل الماضي، مقارنة بـ10.5 بالمئة، في سبتمبر عام 2016، ما يعني وجود 1.5 مليون عاطل في الجزائر”.التحدي الأول لحكومة أويحيى هو فتح نقاش حول مستقبل العملية السياسية في ظل التحضيرات للانتخابات الرئاسية المقبلة وأعتبر مطاوي أن “على الحكومة الجديدة مراعاة طلبات البطالة والتوظيف بخلق فرص عمل، وتفعيل القطاع العام الذي يعاني حالة ضعف جراء الأزمة المالية الحالية”. وتابع أن “نجاح الحكومة في تجاوز العقبات الاقتصادية والاجتماعية مرهون بمدى استعدادها لإقناع رجال الأعمال من ممثلي القطاع الخاص بمساعدتها في تمويل المشاريع الاستثمارية المختلفة وتفادي الاستدانة الخارجية”. وجاء تعيين حكومة أويحيى بعد بضعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، التي أفرزت فوز حزب جبهة التحرير الوطني بأغلبية مقاعد البرلمان، بـ164 مقعدا من إجمالي 462 مقعدا، والتحضير للانتخابات المحلية (المجلس الشعبي البلدي) المقررة في نوفمبر المقبل، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2019. ويرى محللون أن الجزائر تمر منذ فترة بمرحلة غموض سياسي على خلفية الإقالة السريعة لتبون وتعيين أويحيى خلفا له. وكان تبون يحظى بثقة الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، ويحظى بتزكية نواب البرلمان، بما فيه حزبا السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي)، لكن قرار إنهاء مهامه كان مفاجئا. واعتبر المحلل السياسي الجزائري، توفيق بوقعدة، أن “أكبر تحدّ يواجه حكومة أويحيى هو الاستمرار في ظل التجاذبات السياسية على أعلى هرم السلطة، حيث قد يؤدي التدافع السلطوي إلى إقالة الحكومة مثلما حدث لحكومة تبون”. وأوضح بوقعدة، الأستاذ بكلية العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أنّ “التحدي الأول لحكومة أويحيى هو فتح نقاش سياسي موسّع حول مستقبل العملية السياسية في ظل التحضيرات للانتخابات الرئاسية المقبلة”. وتابع أن ذلك “يأتي خاصة في ظل حالة الإحباط التي تعيشها الطبقة السياسية وعموم الشارع الجزائري في الآونة الأخيرة”. ووصف إقالة تبون بـ”الإخراج المبتذل”، معتبرا أن “بيان الرئاسة بخصوص التشكيل الحكومي الجديد يؤكد غياب التوافق بين الجماعة الحاكمة واللامبالاة في تدقيق ما يصدر عن أعلى هرم السلطة”. وأشار بوقعدة إلى أنّ “كل الحكومات المتعاقبة في الجزائر، بما فيها الفترات الثلاث التي تولى فيها أويحيى رئاسة الحكومة عجزت عن تفكيك ألغام الاقتصاد، وفي مقدمتها الميزانية، التي هي رهينة الريع البترولي”. ولم يستبعد أن “تلجأ إلى الاستدانة من المؤسسات الدولية”، رغم تصريح أويحيى سابقا بأن “اللجوء إلى الاستدانة ممنوع”. ويعتقد المحلل الجزائري أن “التحدي الاقتصادي خلّف تحديا اجتماعيا لما يتطلبه من جهود حكومية في امتصاص الغضب الشعبي وكيفية “تهدئة الجبهة الاجتماعية”، معتبرا أن “الشريك الاجتماعي، الممثل في الاتحاد العام للعمال الجزائريين غير قادر على امتصاص شحنة غضب المجتمع”.

مشاركة :