برلين- قال وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل الاثنين، إن الولايات المتحدة "لم يعد لها دور قيادي بالغرب" تحت قيادة دونالد ترامب، بينما اعتبر مارتن شولتز زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين بالبلاد، أن رئيس أميركا "يفضل الابتزاز السياسي على الدبلوماسية". وتأتي تصريحات غابرييل بعد أن شهدت قمة مجموعة السبع التي استضافتها صقلية الإيطالية يوما الجمعة والسبت، توترا بين ترامب وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. وتصريحات الوزير الألماني هي الأحدث في سياق التوتر بعد تصريحات للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وصفت بأنها صادمة وشكلت هزة سياسية حين دعت أوروبا إلى التعويل على نفسها وتولي مصيرها بيدها، في إشارة على نفض يدها من الشراكة مع الولايات المتحدة برئاسة ترامب. والاثنين هون متحدث باسم ميركل من تلك التصريحات مؤكدا أنها مؤمنة تماما بقوة العلاقات الألمانية الأميركية وأن تسليط الضوء على الخلافات في العلاقات مع واشنطن إنما ينبع من صراحتها في التعامل مع الولايات المتحدة. والتوتر بين أطراف القمة كان حول ملفات التجارة ومكافحة تغير المناخ ومساعدات اللاجئين، حسب صحف ألمانية أبرزها تاغس شبيغل ودي فيلت. وقال غابرييل في تصريحات للصحفيين من برلين "اعتقد أن واشنطن لم يعد لها دور قيادي في العالم الغربي تحت قيادة ترامب"، حسب ما نقلته صحيفة دي فيلت اليمينية الألمانية. وأضاف "ما حدث في قمة مجموعة السبع للأسف مجرد إشارة على التغير في موازين القوى في العالم". وتابع "الولايات المتحدة تفشل تحت قيادة ترامب في أن تكون أمة مهمة"، مضيفا أن الغرب "يصبح أصغر قليلا"، في إشارة لابتعاد واشنطن عن لعب دور في العالم الغربي وانتهاجها سياسة "انعزالية"، حسب مراقبين. وشن مارتن شولتز زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا هجوما حادا على ترامب، قائلا إنه "يفضل الابتزاز السياسي على الدبلوماسية"، في مقال لصحيفة "تاغس شبيغل" المحلية. وذكر شولتز الذي ينافس أنغيلا ميركل على منصب المستشار بالانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر/أيلول أن "الرئيس الأميركي يعول على الانعزال والحق المزعوم للأقوى وليس التعاون الدولي". وانتقد شولتز الذي شغل في السابق منصب رئيس البرلمان الأوروبي، شعار ترامب "أميركا أولا". وقال إنه "يعني الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 وإضعاف الأمم المتحدة والابتزاز السياسي بدلا من الدبلوماسية". ودعا القادة الأوروبيين إلى الدفاع عن اتفاقية باريس للمناخ خلال قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في هامبورغ مطلع يوليو/تموز. كما دعا الدول الأوروبية إلى "الاقتراب من بعضها البعض أكثر من أي وقت مضي وتعزيز تعاونها على كافة المستويات" للرد على نهج ترامب "الانعزالي". وأحدثت ميركل هزة في واشنطن ولندن حينما قالت الأحد إنه يتعين على أوروبا أن تمسك زمام مصيرها بيديها في تلميح إلى أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب وبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي لم يعودا شريكين يمكن الاعتماد عليهما. وأدلت بهذه التصريحات بعدما انتقد ترامب شركاء رئيسيين بحلف شمال الأطلسي بشأن الإنفاق العسكري ورفض تأييد اتفاق المناخ خلال اجتماعات قمة متتالية الأسبوع الماضي. وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسمها في مؤتمر صحفي دوري في برلين "كلمات المستشارة تعبر عن نفسها. إنها واضحة ومفهومة". وأضاف "من تتكلم هي شخصية على قناعة عميقة بالعلاقات عبر الأطلسي". وبعد اجتماعات حلف شمال الأطلسي ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى قالت ميركل وسط حشد في ميونيخ "الوقت الذي كان بإمكاننا فيه الاعتماد بالكامل على آخرين انقضى نوعا ما. شهدت ذلك في الأيام القليلة الماضية". وتابعت "لذلك يمكنني القول أننا نحن الأوروبيون يجب أن نمسك بزمام مصائرنا بأيادينا بالطبع مع الاحتفاظ بصداقتنا مع الولايات المتحدة الأميركية وصداقتنا مع بريطانيا العظمى وكجيران طيبين كلما أمكن ذلك مع دول أخرى حتى مع روسيا". وكانت تصريحات ميركل التي أدلت بها أمام حلفاء حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي تتزعمه في الائتلاف الحاكم في ميونيخ صادمة للغاية نظرا إلى أن ميركل معجبة بالولايات المتحدة منذ سنوات مراهقتها في ألمانيا الشرقية الشيوعية وكانت دائما معروفة بإيمانها بالتعاون بين أوروبا والولايات المتحدة. وأكد زايبرت على أنها مازالت كذلك. وقال في مؤتمر صحفي "من منكم قام بتغطية أخبار المستشارة على مدى فترة زمنية طويلة يعلم أهمية العلاقات الألمانية الأميركية بالنسبة لها." وأضاف "إنها عماد قوي لسياستنا الخارجية والأمنية وستواصل ألمانيا العمل على تعزيز هذه العلاقات". وتابع أن ميركل قالت من قبل إن أوروبا يجب أن تمسك بزمام مصيرها "لأن العلاقات عبر الأطلسي هامة للغاية بالنسبة إلى هذه المستشارة فمن الصائب من وجهة نظرها التحدث بصراحة عن الخلافات". وفي فيينا سئل إيوالد نووتني عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي عما إذا كانت العلاقات الصعبة بين أوروبا والولايات المتحدة تتسبب في أي مخاطر على الاقتصاد العالمي قائلا "لا. يتعين علي القول أن هذه ميزة للبنوك المركزية بالمقارنة بالحكومات..." ووصف نووتني تعاون البنك المركزي الأوروبي مع الاحتياطي الاتحادي الأميركي بأنه "جيد جدا ومكثف جدا". وقال "لحسن الحظ فإن البنوك المركزية مستقلة ولا تعتمد على مناقشات سياسية قصيرة الأجل."
مشاركة :