يبدو أن الأزمة التي خلقتها تصريحات الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، مازالت تتفاعل بشكل متسارع وتم تداولها ولو بشكل مقتضب عبر مقالات أو تعليقات لباحثين أميركيين معنيين بمنطقة الشرق الأوسط حول الأزمة. وقد دعا قادة رأي في مراكز دراسات وكتاب في صحف ومجلات أميركية إلى وضع حد للدور التخريبي لدولة قطر في دعم منظمات إرهابية واللعب على أكثر من وتر عبر التظاهر بالتحالف مع الأميركيين من جهة ودعم وتمويل منظمات إرهابية من جهة أخرى. وقال الصحافي والمتخصص في الشؤون الدولية، جيمس دورسي: «لقد سعت الدوحة إلى التقليل من شأن الأزمة والزعم بأن التصريحات المنسوبة إلى الشيخ تميم كانت أخباراً مزورة، غير أن مشكلة قطر الآن تتمثل في أن المسألة تعدت التصريحات ودخلت مرحلة الفعل المباشر، خصوصاً بعد قيام أمير قطر بتوجيه سلطات بلاده لتعزيز العلاقات مع إيران. . تمويل وتسليح كما نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، مقالاً وضح سياسات قطر في المنطقة، حيث تخطت دور الممول للجماعات المتطرفة وقامت بتسليحهم مباشرة. وتحت عنوان «الاتهامات ضد قطر لا تحصى.. لكن عينة منها ترسم صورة كافية»، وضحت فورين بوليسي، في المقالة التي كتبها جون هانا، سياسات قطر في المنطقة التي وصفتها بالمدمرة والمساهمة في زعزعة الاستقرار. وبحسب التقرير، فإن قطر حولت الربيع العربي إلى فرصة لنشر التطرف، بتمويلها لجهود الإخوان ورئاستهم في مصر، ثم بمحاولتها إلحاق الضرر بشرعية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فضلاً عن تخطيها دور الممول في ليبيا وسوريا لتسلح جماعات متطرفة في البلدين بشكل مباشر في تناقض مع السياسات الأميركية في كلتا الأزمتين. وذكر التقرير أيضا الغضب الأميركي على الدوحة حينما هرب منها الإرهابي خالد الشيخ محمد، بعد تسريب خبر له من أعلى الهرم الحكومي القطري بأن واشنطن ناقشت مع الدوحة مسألة تسليمه للولايات المتحدة، ليصبح خالد الشيخ محمد لاحقاً مخطط هجوم الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك. هذا وسلطت فورين بوليسي أيضاً الضوء على ازدواجية التحركات القطرية، خاصة في حرب العراق. فبينما أقلعت الطائرات الأميركية من قاعدة «العديد» تجاه العراق لشن ضرباتها، قامت وسائل الإعلام القطرية بالتنديد بالحرب والتحريض ضد واشنطن. تلك المنابر الإعلامية نفسها باتت المصدر الأول لبث تسجيلات أسامة بن لادن، وفقا لتقرير المجلة، فيما كانت كاميرات قناة الجزيرة متواجدة «صدفة» لتوثق هجمات القاعدة على القوات الأميركية في العراق قبل وقوعها. وأشار المقال إلى أن فاتورة الاتهامات ضد قطر طويلة أكثر مما ينبغي للنظر فيها بالكامل. لكن العينات كانت سيئة جدا. كانت قطر الداعم الرئيسي لحركة حماس على مدى سنوات، بل الممول الأهم كما الملجأ الآمن لقيادات الحركة. وأفاد بأن «جيران قطر، أصبحوا أكثر تخوفاً من الدور التخريبي لها في زرع عدم الاستقرار الإقليمي. وسواء اكترث القطريون للاعتراف بالأمر أم لا، الواقع هو، أنه ببطء وبشكل موثوق، فإن العلاقات مع الولايات المتحدة كانت تضمحل بشكل سيئ». وختم هانا بالقول «فيما كانت الفجوة في محاربة الإرهاب تضيق ببطء مع بلدان المنطقة منذ الحادي عشر من سبتمبر، فيما مع القطريين كانت تتسع. وأوضحت أنه على الرغم من أن قطر تعد لاعباً مهماً في سوق الطاقة العالمي، لكنها مجرد بقعة في شبه الجزيرة العربية». وأكد الباحثان البارزان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات كيت هارفارد وجوناثان شانزر، في مقال على صفحات مجلة «نيوزويك» أن احتضان قطر لتنظيمات تعتبر إرهابية من وجهة النظر الدولية، هو شيء مروع إلى حد ما في ظل استمرار الولايات المتحدة في اعتبار قطر حليفاً في المنطقة. وأن العلاقة مع قطر وخاصة في ظل وجود واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأميركية هي علاقة تعاقدية، بمعنى أنه لا يجوز أن تقوم على منح قطر الجيش الأميركي حرية العمل من قاعدة العديد، وهي القاعدة التي أصبحت حاسمة لعمليات الجيش المستقبلية في الشرق الأوسط ضد تنظيمي داعش والقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى، وهي (أي قطر) تأوي إرهابيين. ويضيف الباحثان أن البعض في الجيش الأميركي يصر على أن هذه ليست مشكلة، وأن بعض المحللين الأميركيين يعتقدون أن الحكومة في الدوحة في مرحلة تغير. ولكن هذا ليس سوى جزء من حملة علاقات عامة تعمل عليها قطر في أميركا، حسب وصف الباحثين، «قطر ترعى الإرهاب، لقد حان الوقت للمطالبة بأن تختار هذه الدولة مع من تقف». تحوّل يقول الباحث في موقع نبض الخليج التابع لمؤسسة المونتير المعنية بالشرق الأوسط، جورجيو كافيرو أنه على الرغم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشاد بقطر باعتبارها أحد حلفاء الولايات المتحدة، يعتقد مسؤولون في واشنطن وبعض العواصم العربية أن الدوحة تعيق الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب من خلال توفير ملاذ آمن للمتطرفين في الإمارة. وهناك مؤشرات على مخاوف قطرية من أن الإدارة الأميركية ستضغط على الدوحة لتغيير سياستها الخارجية.
مشاركة :