الصينيون لديهم حكمة تجارية جميلة تقول «اجعل القريب منك سعيد، وسيقترب منك البعيد» أي كلما كان زبائنك والمتعاملين معك سعداء وراضون عن خدمتك وما تقدم لهم، فهذا خير طريق لجلب المزيد من الزبائن البعيدين، يتضح هذا حتى في محتوى ومضمون الإعلانات التجارية التي تعتمد على إظهار وتقديم صورة «رضا العميل» في الإعلان لإقناع الآخرين. الكثير من الوكالات والشركات والبنوك لدينا - للأسف - لا تعي ماهية ومفهوم هذه النصيحة القيِّمة في تقديم الخدمة الأفضل للعميل الأول «الداخلي» وهو الموظف الذي ينعكس رضاه حتماً على رضا المُتعاملين معه، كما أنَّ العميل التقليدي أو القديم يجب أن يحظى بتقدير خاص وأولوية في الخدمة، أكثر من اللهث خلف «عميل جديد» مُحتمل. القاعدة والفلسفة التجارية في هذه النصيحة تتطلب حكمة غابت عن أذهان الكثير من مقدمي الخدمات التجارية لدينا، عندما جعلوا اهتمامهم بأقسام المبيعات أفضل وأكثر من اهتمامهم بأقسام الخدمات اللاحقة - لنضرب لذلك مثالاً - عند الرغبة في شراء سيارة جديدة، السؤال الأهم الذي يطرح بكثرة عادة هو عن خدمة «الصيانة، الضمان، قطع الغيار.. وهكذا» أي خدمات ما بعد البيع، فهذه الحزمة من الخدمات هي من تحدد مستوى الرضا الفعلي، وبالتالي احتمالية زيادة العملاء وارتفاع المبيعات، وهذا ما يجب على التجار لدينا فهمه، بدلاً من تركيزهم أكثر بالبحث عن «زبون جديد» على حساب خدمة العميل السابق. بعض البنوك والمصارف لدينا بدأت بتطبيق جديد لتصنيف أرقام الانتظار حسب نوعية الخدمة المطلوبة، هناك من جعل الأولوية وسرعة الخدمة «لمن يرغبون الانضمام وفتح حسابات جديدة»، بينما العملاء السابقين عليهم الانتظار أكثر مع نقص موظفي تقديم الخدمة لهم، وهذا - برأيي - خطأ وقصور في مفهوم الخدمة المُقدمة، استفادت منه بنوك أخرى عندما جعلت الأولوية وكثرة الموظفين لخدمة عملائهم السابقين، وهو ما ضمن الإقبال عليهم أكثر. التعامل بذكاء وحكمة في هذه المسألة لا يقتصر على الناحية التجارية فقط، بل هو مفهوم في تراتبية علاقاتنا بالآخرين علينا الاستفادة منه وتوظيفه في حياتنا كلها، حتى يشعر القريبين منا ومن هم حولنا بالرضا. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :