حفلت الأيام الأخيرة بصخب بالغ.. لا.. ليست الأيام القريبة الماضية وحسب، بل الليالي كافة والأيام الماضية، منذ أشهر، بل منذ أعوام، منذ أن تطور استخدام الإنترنت وتدفقت إلينا قنوات التواصل الاجتماعي بالوسائل السمعية والبصرية كافة، وأصبح العالم بأسره يتحدث، كل من أصبحت أدنى قدراته ومواهبه هي القدرة على التحكم بلوحة مفاتيح الكمبيوتر أصبح يملك حرية كاملة كي يكتب ويقول، كل يدلي بدلوه: هذا ينقل حدثاً غير مؤكد، وآخر يحكي لنا حكاية شاهدها ذات زمن في أحد المواقع، يذكر الأحداث جيداً لكنه لا يتذكر الموقع ولا الزمان ولا أسماء الأشخاص المشاركون أو المعنيون في تلك الحكاية العجيبة! ناهيك عن «الانستجرام» الذي إن تسللت إلى صفحته العامة خلسة فستجد مشاهد مريعة، الكل يعرض مواهبه وينادي جاهداً لترويج بضاعته، سوف ترى بعض النساء بوجوههن المتشابهة التي لا تزال بصمات عمليات التجميل تمثل علامة فارقة مميزة فيها، من جانب آخر هناك استعراض أطباق الأطعمة الذي بلغ حافة الجنون على مقدم هذا الشهر الكريم، الكل يطبخ، هذه تقدم أنواعاً من المعجنات وأخرى الحلويات، والأخرى تقدم أطباقاً صحية، حتى تصاب بتخمة من مجرد استعراض صور تلك الأطباق والمأكولات «اللهم لك الحمد على نعمك». لذا كان لا بد لنا أن ندرك حقيقة مهمة يقدمها لنا هذا الشهر ضمنياً عبر نفحاته الروحانية وهي أن نخلو بأنفسنا قليلاً، أن نبتعد عن ذلك الضجيج كي نرى أنفسنا بوضوح، وليس أجمل من قراءات عميقة هادئة يتصدرها القرآن الكريم ومن ثم قراءات أخرى في ذلك الفائض من الوقت، وقد كان لي نصيب من بعض القراءات التي أعرضها لكم هنا لتشاركوني متعة قراءتها: (فقد تبين لي بعد هزائمنا العربية المتوالية أن أخطر ما نفتقده هو التأسيس المعرّف لقضايانا، قبل الترويج الأيديولوجي لها، وإن الظن لا يغني عن الحق شيئاً ومازلت أزداد يقيناً أن اللحظة التاريخية الراهنة في حياة العرب هي «لحظة ثقافية» ولحظة تصحيح للوعي المعرفي بالنفس والآخر، وأكثر منها لحظة سياسية ومواجهة خارجية..) وردت هذه الفقرة ضمن مقال للدكتور محمد جابر الأنصاري في مقال له في مجلة العربي الكويتية في يونيو 1999م. (وهناك انطباع آخر خرج به «راسل» من الزيارة التي قام بها للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1924م هو «أن عدد اليهود في أمريكا وشغلهم لمراكز بارزة هناك أمر يثير الدهشة.. لقد خيل إليّ أن أفضل الأشياء في مجالات السياسة والفكر والفن في جميع أنحاء الولايات الشرقية من ابتكار اليهود وصنعهم...) هذه السطور وردت ضمن كتاب من تأليف آلان وود عن برتراند راسل، ترجمة د. رمسيس عوض. الفقرة الأخيرة تحمل معلومة لافتة، تستحق الكثير من التأمل والتفكير وتطرح سؤالاً مخيفاً: هل شكّل العنصر اليهودي نواة تمثل جزءاً هائلاً من المجتمع الأمريكي؟!
مشاركة :