الرميحي: لا بد من تطوير «مصفوفة فقهية»

  • 5/31/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حنفي | منذ سقوط جدار برلين وقيام ما سمي بثورات الربيع في الدول التي كانت خاضعة للنفوذ السوفيتي، سابقا، ظهر عالم أحادي القطب، وبدا أن الديموقراطية الليبرالية انتصرت، وحلت فكرة العولمة بوعود التعايش وفق نظام منفتح موحد المعايير. بيد أنه ما لبثت ظاهرة صراع الهويات أن انفجرت في أوروبا نفسها. وفي عالمنا العربي برزت النعرات الطائفية وبمحاذاتها صراع الإسلام السياسي مع الدولة الحديثة. زادت حدة هذا الصراع إلى درجة تمزيق الدولة أشلاء، وتهديد السلم الاجتماعي واضطهاد الأقليات بصورة غير مسبوقة أفضت إلى موجات من الهجرات، ومن تفريغ المجتمعات من تنوعها، أو تحويل هذا التنوع نفسه إلى عصبيات منغلقة، لكنها قابلة للاشتعال والتفجر. فشلت ثورات الربيع العربي في إحلال صيغ ديموقراطية متطورة تسهم في ترسيخ دولة المواطنة ما يعود في قسم منه إلى دور الإسلام السياسي في تحويل مسارها. والقبس تفتح هذه الملفات الشائكة بمساهمة عدد من المفكرين يشتركون في تحليل الوضع القائم ووضع صيغة للتعايش والسلم الأهلي وتدعيم مفهوم عقلاني للدولة. الشحن الطائفي، مستقبل الإسلام السياسي، تجديد الخطاب الديني، كلها قضايا تزداد إلحاحاً مع الوقت، في ضوء الصراعات والاستقطابات الحادة التي يشهدها العالم العربي، ولا ينجو منها حتى الغرب مع تزايد أعداد الجاليات المسلمة وانتقال عناصر الخطاب الديني المتشدد إلى قلبها. في هذا الحوار يجيب الكاتب والباحث وأستاذ علم الاجتماع د. محمد الرميحي على الكثير من علامات الاستفهام التي تعتبر حديث الساعة محلياً وعالمياً، بما يدفع إلى صياغة وبلورة النقاش الممنهج والعقلاني بعيداً عن العصبيات والأحكام المسبقة. ◗ دعنا نبدأ هذا الحوار بنظرة شاملة على أحوال الإقليم المشتعل، وعلى أحوال عالمنا الإسلامي، فلا يختلف اثنان على أن ثمة أزمات يعيشها المسلمون في كل مكان فكيف تطل على المشهد؟ – أزمة يعيشها المسلمون في كل مكان! لا أوافق على التعميم، ربما بعض المسلمين يعيشون الأزمة نعم، فهناك تجارب ناجحة (سياسية في مجتمع جله مسلم) في جنوب شرق آسيا (ماليزيا، أندونيسيا) على سبيل المثال، تونس القريبة أيضاً تعيش مرحلة انتقالية غير مأزومة في حدها الأدنى. إذا قلنا إن هناك أزمة يعيشها كثير من المسلمين، فذلك توصيف حق. الأسباب كثيرة، دعنا أولا نُبعد ما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، ليس الإسلام هو المشكلة، لدي دليلان عقلي ونقلي، العقلي هو أن الإسلام في الأربعمئة سنة الأولى أو يزيد منذ نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قد حقق إنجازات (قل المسلمون في ذلك الوقت وفهمهم لدينهم) حققوا إنجازات في علوم الفلك والطب والرياضات والكثير من العلوم السائدة في وقتهم، لم يمنعهم الإسلام من مسايرة علوم عصرهم، كان الإسلام هناك ولم يمنعهم من ذلك. أما الدليل النقلي، فما قال به علماء مثل نجم الدين سليمان بن عبدالغني الطوفي الذي اجتهد في استنباط فقه المصلحة، قال ما معناه (ما عدا العقائد والعبادات) فإن تعارض النص مع المصلحة فُضلت المصلحة! هنا المعنى مصلحة الناس. تلك بشكل عام الفكرة، وقد بنى أهل فقه المصلحة على ما سبقهم، خاصة استحداث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه «منع قطع يد السارق في عام الرمادة» و «عدم جواز تقسيم أرض السواد في العراق» على غير ما اتبع، لأنه رأى أن توزيع الأرض يقلل الإنتاج، وفيه ضرر للجماعة المسلمة وقتها، كما قرر أن تتزوج المرأة التي تفقد زوجها «أي يختفي دون علم يقيني أين هو» بعد أربع سنوات من انقطاعه، بعد أن كان الأمر يستدعي (وفاة أقرانه) أي تنظر المرأة حتى يتوفى آخر رجل في سن زوجها كي تتزوج!). سيدنا عثمان لما توسعت المدينة قرر أن يكون أذان صلاة الظهر من يوم الجمعة مرتين (الأول والثاني) وهو ما دُرج عليه حتى اليوم، ولم يكن قد تم ذلك وقت النبي صلى الله عليه وسلم. إذن المشكلة هنا في المصفوفة الفقهية التي يعتمدها كثيرون منا ومفارقة كثير منها للعصر. الأحكام تتغير وتابع الرميحي: عقلاً لا يجوز أن تتبع ممارسة فقط لأن الآباء قد مارسوها أو تتبع رأياً فقهياً لأن الآباء قد اجتهدوا فيه، لأن «الأحكام تتغير بتغير الزمان» تلك قاعدة قل التبصر بها من لدن كثيرين اليوم «مثال إصرار البعض على مشاهدة الهلال من أول رمضان» مع وجود الحساب الفلكي الدقيق! وبالتالي اجتزاء للنصوص وتفسيرها حسب ما قدمه السلف، دون تبصر بالمتغيرات التي رآها عمر مثلا أو عثمان أو فقهاء جاءوا بعد ذلك مثل نجم الدين أو من بعده وهم كثر حتى في عصرنا الحديث!. من جهة أخرى، شخصياً، أرى ارتباطاً بين الدين الإسلامي والسياسة، وعلينا أن نعيد التفكير في «فصل الدين عن الدولة» فهي مقولة يجب ألا نضيع وقتنا في مجادلتها، لأن هذا لم يقع تاريخياً وربما لن يقع في فضائنا الثقافي الإسلامي، (على عكس العلاقة بين الدين والكنيسة الذي أدى إلى الانفصال)، بل علينا بجدية تامة النظر في (تطوير مصفوفة فقهية تنسجم مع العصر) وتتواءم مع المتغيرات العالمية التي نشهد، وسنجد الكثير من النصوص التي تقدم لنا تسهيلات للوصول إلى تلك المصفوفة، ويقيني أن ذلك هو (الثورة الفكرية القادمة) إلا أنها لا شك ستصدم بالعديد من العقبات، أولها الإسلام السياسي كما نعرفه اليوم، فهو يريد من الناس الاصطفاف في تياره، يلفظ الكثيرين من المجتهدين وهم موجودون الآن، ولكن مهمشون أو تمت مطاردتهم، أولئك الذين قرأوا النص قراءة متبصرة وقدموا اجتهادات مهمة بدءاً من الشيخ محمد عبده، وليس انتهاء بما يقوم به اليوم شخص مثل سعدالدين الهلالي وآخرين. الجهل والصدام◗ علاقة المسلم مع الآخر المختلف دينياً.. عنوان عريض للكثير من النقاشات القديمة الجديدة وهي علاقة يكتنفها التوجس لدرجة العداء فما الذي أوصل تلك العلاقة إلى نقطة الصدام؟ – ما أوصل العلاقة إلى نقطة الصدام عاملان الأول الجهل، والثاني: التكسب السياسي. فالآخر المؤمن من أهل الكتاب، هو غير الآخر المستعمر أو المعتدي. خلط الأمور ببعضها هو الذي سبب انتشار الكراهية ليس بين الأديان، بل بين المذاهب وحتى داخل المذهب الواحد، (عندما تخلط السياسة بالدين) دون وجود منهجية لدى المتلقي تتصف بقدرة كبيرة من المناعة، ومنهج عقلي منظم، تصاب بلوثة التعصب. وعلينا دائماً أن نشرح ونتحدث عن الفرق بين الدين/المذهب، والموقف السياسي. فإن اختلط الاثنان ضاعت البوصلة، دعني أضرب مثلاً، فكثيرون لهم موقف من «التمدد الإيراني في الفضاء العربي» وهو موقف سياسي، ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالموقف من (المذهب الشيعي) لكن هناك في الجانبين من يخلط عن عمد أو جهل بين الاثنين، فإن انتقدت التمدد الإيراني، يظهره البعض وكأنك انتقدت المذهب الشيعي، وكذلك العكس. مذاهب تعايشت◗ كيف تحول هذا الخلاف المذهبي إلى ثغرة نفذ منها المتطرفون المذهبيون من ناحية وأعداء المسلمين من ناحية أخرى لضرب الإسلام بسيف التفرقة المذهبية؟ – إن المشكلة ليست في المذاهب، الدليل أن هذه المذاهب تعايشت لفترة طويلة دون خلل كبير يُذكر، في ظل الدولة المدنية في العراق مثلاً «وهي كانت مدنية إلى حد» اندمجت الطوائف، ثم جاء من يشعلها لسبب سياسي أولاً، زوده الجهل من جهة، والتكسب السياسي من جهة أخرى بالوقود. لم تعرف الدولة السورية مثلا في كثير من سني عمرها بعد الاستقلال شيئا واضحا من الطائفية، حتى بُدئ في استخدامها كرافعة سياسية للبعض، وهكذا، فالخلل هنا سياسي وليس مذهبيا، كما في صراع الكاثوليك والبروتستانت في العصور السابقة، لما انتفى المقصد السياسي (بتراجع نفوذ رجال الدين، وتقدم الدولة المدنية) أصبح الجميع كل يعبد الله بطريقته، ما زال الكاثوليكي لا يصلي في الكنيسة البروتستانتية أو العكس، ولكن لا يصارعه أو يعتدي عليه.  الكثير من علماء الدين المتبصرين دعوا إلى إسلام بلا فرق أو مذاهب. ◗ التقريب بين المذاهب الإسلامية، وبعض هذه الدعوات قديم يعود إلى القرن الرابع الهجري، وبعضها تجدد في القرون الثلاثة الأخيرة، هل هذه الدعوة ممكنة في عصرنا الحالي؟ – التقارب بين المذاهب هو فهم ثقافي وليس دينيا أو مذهبيا، ولأنها ثقافة، فإن هناك أديانا سماوية وغير سماوية تتعدد فيها المذاهب بسبب تعدد سياسي أو مناطقي. هناك في البوذية مثلا (وهي ديانة غير سماوية ولكن يؤمن بها ملايين البشر) البوذية الجنوبية، والبوذية الشمالية، كذلك في الهندوسية، وكذلك في الأديان السماوية الثلاثة، فلديك عدد من المذاهب في المسيحية، ليس الكاثوليكية والبروتستانتية فقط، بل مذاهب أخرى مختلفة، منها مثلا المسيحية الشرقية بتفرعاتها، ولكن أصبح بينها اليوم تعايش بسبب تقدم الدولة المدنية، (في لبنان 18 فرقة مذهبية). لدى السنّة مثلا هناك على الأقل أربعة مذاهب معترف بها، بينها القليل من الاختلافات في تفسير بعض النصوص، وهي اختلافات مذهبية وفقهية، كانت في وقت ما سببا للقطيعة، ولكنها اليوم قل أن تذكر الفروق بينها، إن قبلنا ذلك فوجب علينا قبول التعايش في الوطن الواحد مع تعددية مذهبية. الاجتهاد والتعصب◗ «حيث يجلس المصري إلى الإيراني، أو اللبناني، أو العراقي، أو الباكستاني، أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية، وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب الإمامي والزيدي، حول مائدة واحدة تدوي أصوات فيها علم، وفيها أدب، وفيها تصوف، وفيها فقه، وفيها مع ذلك كله روح الأخوة، وذوق المودة والمحبة، وزمالة التعليم والعرفان».. العبارة السابقة لشيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت وهو يتحدث عن اجتماعات دار التقريب بين المذاهب التي أنشئت بالقاهرة في منتصف الخمسينات، هل ترى إمكانية في اللحظة الراهنة لتحقيق هذه المقولة الحالمة؟ – الشيخ شلتوت كان من رجال الدين المتبصرين، امتداد لمحمد عبده والأفغاني ورشيد رضا وغيرهم من المصلحين، الذين اجتهدوا فقهيا، ليس غريبا أن يعاد مثل هذا الأمر (إذا خلصنا الاجتهاد من التعصب السياسي والقومي)، وما دام هناك سياسيون مستفيدون من الفرقة، تحت شعارات براقة مثل تحرير فلسطين أو تحرير المستضعفين، فلن نجد مكانا للحوار، لأن الحوار تسيطر عليه أيديولوجيا تحت بعض مظاهر «السلطة القاهرة»، وهي سلطة لا تتيح الفرص للمجتهدين حسني النوايا للقاء صحي. إجراءات ضرورية◗ تجديد الخطاب الديني صيحة يتزايد أنصارها في أدبيات السياسة والفكر هذه الأيام، هل نحن في حاجة إلى تجديد هذا الخطاب؟ وكيف يكون هذا التجديد؟ ومن أين يبدأ هذا التجديد؟ – ربما الاختلاف هنا في المفاهيم، «تجديد الخطاب الديني» مفهوم مقبول لدي، ولكني استخدم للتعبير عن الهدف مفهوم «تنقية المصفوفة الفقهية»، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة الكثير من وسائلنا التربوية والإعلامية والثقافية بشكل عام، نعود إلى فقه المصالح الذي سبق أن ذكرت، أي مواءمة معاصرة بين النص وحاجات المسلمين الآنية، مثلا في التنظيم السياسي إيجاد دساتير حديثة، بناء مؤسسات بعيدة عن الفردية، إعلاء قيمة العلم الحديث والتبصر في الكون، إعلاء قيمة العمل، السواسية أمام القانون، محاربة الخرافات والخزعبلات، تنقية الفضاء الاجتماعي من عناصر الكراهية، فصل الديني عن القومي، إلى آخر متطلبات المجتمع الحديث. في تصوري أولى الخطوات أن تعيد الأحزاب أو المجموعات التي عرفت بـ«الإسلام السياسي» النظر في خطابها الجماهيري، أعرف، ويعرف غيري، صعوبة هذا العمل، ولكنه مطلوب اليوم قبل الغد، وأناقشه من حيث المنهجية، لأن كثيرا من تلك القوى تعتمد في حشدها للجماهير على الخطاب العاطفي والتفسيرات السطحية، لذلك فهناك مصالح مشتركة بين تلك القوى والتجهيل والتحشيد، ولكن بعد طول تجربة اتضح حاليا أن عدم قدرتها على الوصول إلى السلطة هو بسبب افتقادها إلى خطاب واقعي حديث. الإخوان المسلمون لم يفشلوا فقط في السنوات الأخيرة في مصر، الفشل قديم بسبب فقدانهم للخطاب الحديث. من المعروف تاريخيا اليوم أنهم كانوا في مصر من عصب ثورة 23 يوليو، التي تسمى ثورة الضباط، ولكنهم اختلفوا بسرعة معها، لأن منهجهم السياسي لم يكن ذا قدرة على المواءمة، وبعد محاولات عديدة في أكثر من مكان بين الكر والفر أصيبوا بالفشل، بل ونتج عن ذلك أمران: الأول أن كثيرا من أهل الرأي فيهم خرجوا عنهم بسبب ضيق قنوات الديموقراطية في ما بينهم، والثاني أن بعض زمرهم تطورت إلى شكل من أشكال العنف مع الأسف. الإسلام السياسي بأشكاله المتنوعة، واختلاف مذاهبه اليوم، يجد نفسه في مأزق، حتى من تولى منه سدة الحكم، أصبح فاقدا المواءمة، لأنه اعتقد نفسه أنه «الإسلام الصحيح»، ولأنه فقد «الديموقراطية في داخله»، وليس غريبا على الباحث أن يرى تشابها في المسميات والتصورات لدى الإسلام السياسي، بصرف النظر عن المذاهب، فمرشد الإخوان المسلمين هو مرشد الثورة الإيرانية! هنا مرشد، وهناك مرشد، وقد يكون الرأي الواحد مصيبا أكثر من مرة. أما الآراء المشتركة، فتكون على حق دائما. لذلك، لا أرى مستقبلا للإسلام السياسي، كما طبق حتى اليوم وبكل ألوانه، مع تحفظي على المفهوم، في إقامة حكم رشيد وحديث وموائم للعصر، إلا إذا كان يستوعب مصفوفة فقهية حديثة في فهم الدين وإدارة الدولة الحديثة. خلاف ديني أم سياسي◗ الخلاف المذهبي في الإسلام موضوع شائك وهو أحد القضايا الكبرى التي شغلت أذهان المفكرين المسلمين على مر العصور لماذا تحول هذا الخلاف إلى عداء بين أبناء الدين الواحد؟ ومن الذي يقف وراء الشحن المذهبي والطائفي؟ وهل الخلاف بين المذاهب الإسلامية خلاف ديني أم سياسي؟ وما الخطر الذي يمكن أن تحدثه الفُرقة المذهبية على الدولة الوطنية؟ – إن الخلاف سياسي بين المذاهب أُلبس بملابس دينية والأخير (الدين) منها براء. الفُرقة المذهبية خطر بالغ على أي مجتمع، دعني أضرب مثالاً من التاريخ، لقد استمرت الحرب بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا عشرات السنين، ذهب ضحيتها مئات الآلاف من البشر، وحُرقت مدن، وصُلب الآلاف من رجال الدين من الجانبين، وما الذي انتهت إليه.؟ انتهت إلى وجود الاثنين جنباً إلى جنب..! لقد كتب أحد المفكرين الأوروبيين المرموقين في القرن السابع عشر، هو جون لوك رسالة سماها «رسالة في التسامح»، ترجمت إلى العربية أكثر من مرة،  لو قرأتها اليوم، ورفعت كلمة «بروتستانت» و«كاثوليك» ووضعت بدلا منها «سنة» و«شيعة» لاستقام الأمر. تلك الأفكار هي المضادة للتعصب التي بدأ المفكرون ينشرونها لم تكن مقبولة، بل كانت مرذولة من أصحاب المصالح، لكن في النهاية هي التي ولدت لاحقاً الأفكار التي قادت إلى المطالبات بالحكم المدني كما ولدت في وقت لاحق «المواطنة المتساوية» بصرف النظر عن المذاهب أو الأعراق. الفرقة المذهبية كما تطورت في فضائنا العربي هي دليل على فشل الدولة المدنية العادلة، فالعمل على تقويم أسس الدولة المدنية الحديثة، هو شعار الآن، أما الممارسات في أغلبها فتقود إلى تقويض الدولة المدنية، وذر قرون الطائفية في المجتمع الواحد تحت شعارات شتى، لذلك فإن «الهويات»، ما دون الدولة، نراها متغلبة اليوم في فضائنا العربي.

مشاركة :