ماذا يجمع بين كل هذه الأسماء؟ الجواب سيكون واضحاً فوراً، ولكن هنا لائحة تضم شريحة صغيرة لكنها معبّرة عما يريد السائل الوصول إليه: الملكة اليزابيث الثانية التي تتربّع على عرش المملكة المتحدة منذ عام 1953. تيريزا ماي، زعيمة حزب المحافظين رئيسة وزراء المملكة المتحدة منذ عام 2016. نيكولا ستيرجن، زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي رئيسة وزراء اسكتلندا منذ عام 2014. كازيا دغديل، زعيمة حزب العمال في اسكتلندا منذ عام 2015. روث ديفيدسون، زعيمة حزب المحافظين في اسكتلندا منذ عام 2011. ليان وود، زعيمة الحزب القومي (بلايد كومري) في مقاطعة ويلز. نعم، الجواب واضح وهو أن هذه الأسماء كلها تعود إلى نساء وسياسيات، ربما باستثناء الملكة اليزابيث التي تكتفي بالإعلان عن سياسات الحكومات المنتخبة أمام البرلمان، من دون أن تتدخّل في رسمها كونها تملك ولا تحكم. وإذا كان الرجال يشعرون بأن هيمنتهم التي دامت قروناً على الساحة السياسية في بريطانيا باتت مهددة في ظل هذا «الغزو النسائي» للنشاط الحزبي، فربما عليهم أن يقلقوا أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة في 8 الجاري. فقد أفادت دراسات مختصة بأن 200 إمرأة على الأقل من بين المرشحين سيفزن في الاقتراع وسيدخلن البرلمان المقبل للمملكة المتحدة الذي يضم 650 مقعداً. وبذلك ستصير نسبة النساء واحداً تقريباً من بين كل ثلاثة نواب، وهو رقم سيتحقق للمرة الأولى. وتفيد الاستطلاعات بأن هذا التقدّم النسائي في مجلس العموم (برلمان وستمنسر) سيحصل سواء حقق حزب المحافظين فوزاً ضئيلاً في الانتخابات أو اكتساحاً تتوقعه منذ فترة مراكز سبر الآراء. ووفق الاستطلاعات ذاتها فإن عدد النساء الممكن أن يصبحن نائبات في المجلس الجديد سيرتفع إلى 212 في حال أثبت حزب العمال المعارض خطأ الترجيحات التي تتوقع خسارته، وصار هو الحزب الأكبر بين الأحزاب الممثلة في مجلس العموم. ولفتت صحيفة «إيفنينغ ستاندرد» إلى أن حساب عدد المقاعد التي ستفوز بها النساء في البرلمان يعطي حزب المحافظين الحاكم 92 إمرأة نائبة. وهو رقم لم يحققه هذا الحزب من قبل، ويزيد بكثير عن عدد نائباته في البرلمان المنتخب عام 2015 وهو 68 نائبة. أما حزب العمال فسينجح، وفق الاستطلاعات ذاتها، في إيصال 82 نائبة فقط إلى مجلس العموم، وهو رقم أقل من عدد برلمانيات الحزب في البرلمان الحالي وهو 99، علماً أن حزب العمال أوصل للمرة الأولى في تاريخه 101 نائبة إلى مجلس العموم عندما اكتسح الانتخابات في عام 1997، أيام قيادة توني بلير. ووفق دراسة حسابية نشرتها صحيفة «ايفنينغ ستاندرد»، فإن بقاء توزيع مقاعد الأحزاب المختلفة في البرلمان المقبل كما كان في برلمان انتخابات 2015، سيجعل حصة النساء 206 من عدد أعضاء مجلس العموم، وهي حصة تزيد بـ 15 مقعداً عن البرلمان المنحل الذي يحتل فيه المحافظون المرتبة الأولى (253 نائباً)، يليهم العمال (201 نائب). هل على النساء أن يكن سعيدات بمحافظتهن المتوقعة على حصتهن الحالية في البرلمان بل تحقيق زيادة جديدة فيها؟ لا يبدو أن الجواب هو الذي يتمناه الرجال. رئيسة «جمعية الإصلاح الانتخابي» كايتي غوز لم تعبّر عن سعادة كبيرة باستطلاعات الرأي الجديدة، على رغم ترحيبها بالتقدّم الطفيف المتوقّع أن تحققه النساء (مقارنة مع برلمان 2015). قالت: «هذا يُظهر أن هناك الكثير الذي يجب عمله لتحقيق المساواة بين الجنسين في السياسة والحياة العامة». وزادت أن على الأحزاب السياسية الآن أن ترفع من مستوى جهدها من أجل ضمان أن تلعب النساء دوراً أكبر ليس فقط في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بل أيضاً على صعيد مجالس البلديات وعُمد المدن الكبرى وفي المؤسسات المختلفة في المملكة المتحدة. أما صوفي وولكر زعيمة «الحزب للمساواة النسوي» فقالت في تصريحات نقلتها الـ «ستاندرد» اللندنية، إن زيادة عدد النائبات سيكون سبباً للفرح بالطبع، لكنها أشارت إلى أن فوز 200 إمرأة فقط بمقاعد في مجلس العموم سيضع المملكة المتحدة «في مرتبة متخلّفة عن زيبمابوي وأوغندا وإسبانيا والمكسيك، لجهة نسبة التمثيل النسائي في البرلمانات الوطنية. وأضافت: «هذا الأمر مقلق في شكل خاص كونه يأتي فيما نتجه نحو بريكزيت (الطلاق مع الاتحاد الأوروبي) وإصدار قانون الخروج الكبير: يجب مراقبة الحكومة عن كثب لضمان استمرار حق النساء في الراتب المتساوي مع الرجال، وحماية حقوق الحوامل، وحقوق العاملات بدوام جزئي». فرانسيس سكوت، مديرة حملة «برلمان 50 – 50» المناضلة من أجل المناصفة بين الجنسين في عدد مقاعد البرلمان، قالت، من جهتها، إن الاستطلاعات مؤشر ايجابي، لكنها حذّرت من أن الطريق لا تزال طويلة قبل تحقيق هدف «ردم الفجوة» بين النساء والرجال. سيحتج رجال بريطانيا بأن «مملكتهم» التي اعتادوا التحكّم بمقاليدها السياسية تتحوّل إلى «مملكة نساء». نساء بريطانيا، فـــي المقابل، لا يبدو أنهن راضيات بما حققنه حتى الآن. فمسيرة «المساواة»، في نظرهن، لم تكتمل بعد.
مشاركة :