لا معارضين أو مستقلين على رأس الصحف الحكومية المصرية تفاجأ الوسط الصحافي في مصر بتعيين رؤساء تحرير ومجالس إدارات للصحف القومية، معروفين بولائهم الشديد للحكومة، ما يعني أن المسؤولين عن إدارات الصحف سوف يضاعفون من تقديم فروض الطاعة إلى السلطة.العرب أميرة فكري [نُشر في 2017/06/01، العدد: 10650، ص(18)]مستقبل الصحافة غامض مع التغييرات الجديدة القاهرة – ضاعفت السلطات المصرية سيطرتها على المؤسسات الصحافية القومية، باختيار شخصيات جديدة لمناصب رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف، يكونون معروفين بالولاء للسلطة بغض النظر عن مدى الكفاءة والخبرة. واعتمدت الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، الأربعاء، باختيارها لقيادات الصحف القومية، معايير مخالفة لما كان سائدا، حيث كان يتم اختيار شخصيات تتمتع بنسبة من التوازن بين المعارضة والولاء، حتى لا يؤثر ذلك على الخط التحريري وقدرة الصحافة الحكومية على الحفاظ على مكانتها عند غالبية الأطراف في المجتمع. وتلقت الأسرة الصحافية حركة التغييرات بحالة من الاستهجان والاستغراب، بسبب تدني مهنيّة وحرفية شخصيات بعينها وغياب التاريخ الوظيفي لآخرين، فضلا عن العلاقات القوية لبعضهم مع أجهزة الحكومة، ما يشي بأن المسؤولين عن إدارات الصحف سوف يضاعفون من تقديم الولاء إلى السلطة. ولم تكن هناك معايير وشروط واضحة ومحددة تم الاختيار على أساسها، ما ينمي الاعتقاد بأن أكثرية من اختيروا للمناصب تربطهم علاقات قوية مع أجهزة مؤثرة في هياكل الدولة المصرية، وهؤلاء من أهل الثقة، وبدا الأمر وكأنه “تكريم” أو مكافأة على ما قدموه في الماضي، ومنتظر تقديمه مستقبلًا.عادل عبدالغفار: أزمات الصحافة الحكومية بحاجة إلى شخصيات تراعي حجم التغيير الإعلامي وأكد محمد شومان، الخبير الإعلامي، أنه “يخشى أن تتحوّل الصحف القومية في مصر إلى متحدث رسمي باسم الحكومة وما يتبع ذلك من إقصاء كلّي للمعارضة”. وأضاف لـ”العرب” أن مستقبل التجديد والتطوير في الصحافة مع هذه التغييرات يبدو غامضًا ويبعث برسالة قلق لقطاع كبير من الصحافيين، لغياب الشخصية الإدارية المعنية بوضع خطة للهيكلة والتطوير. وقال متابعون، إن الحكومة كانت بين خيارين، الأول أن تتم الاستعانة بشخصيات تتمتع بمهنية واحترافية عالية لكن هؤلاء سوف يثيرون مشكلات وأزمات ويرفضون الرقابة عليهم أو لجم أقلامهم بسياسة معينة. والخيار الثاني، وهو الذي وقع عليه الاختيار، أن تتم الاستعانة بشخصيات من أهل الثقة تماما، بغض النظر عن المهنية والاحترافية حتى تتجنب الحكومة أي إزعاج من المؤسسات الصحافية خلال المرحلة المقبلة واقتراب حسم العديد من الملفات، أبرزها قضية جزيرتي تيران وصنافير، والانتخابات الرئاسية ورفع أسعار السلع. وكان ملاحظا ترقية عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحافيين ومدير تحرير الأهرام، إلى رئاسة مجلس إدارتها، حيث كان العرف المتبع في حال الجمع بين المنصبين (النقيب ورأس الإدارة)، وأن يكون رئيسًا لمجلس إدارة ثم يفوز بمنصب النقيب (مثل إبراهيم نافع)، وليس أن يحدث العكس. وكشفت حركة التغييرات عن وجود إصرار من الحكومة، على أن تكون على رأس إدارة المؤسسات الكبرى شخصيات صحافية بالأساس، وليست إدارية أو حتى اقتصادية. ويخشى صحافيون أن يخلق اختيار شخصيات صحافية على رأس الإدارة صدامات مستقبلية بين رؤساء التحرير والإدارة نفسها، لأن وجود شخصية إدارية تعي وتفهم قواعد العمل الصحافي والمحظورات فيه، قد يلقي بظلال سلبية على مهام رئيس التحرير. ويرى هؤلاء أن غياب الشخصية المتخصصة في الشؤون الإدارية والاقتصادية عن رئاسة مجالس إدارات أكثرية المؤسسات يضاعف من الأزمات المالية والاقتصادية، لأن عدم وجود خطة حقيقية استثمارية إدارية يجعل المؤسسات الصحافية قابعة في خندق الخسائر المتلاحقة. وقال عادل عبدالغفار، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة، إن وجود شخصية صحافية على رأس إدارة صحيفة كبرى، قد يصنع فارقّا مهنيّا، لأنه سوف يكون مساهمًا بفاعلية في صناعة القرار الصحافي، وهنا تكمن إشكالية مدى مواءمة هذا القرار مع سياسة رئيس التحرير من عدمه. وأوضح عبدالغفار لـ”العرب” أن أزمات الصحافة الحكومية بحاجة إلى شخصيات تراعي حجم التغيير في المشهد الإعلامي في العالم، وتستهدف تنشيط الصفحات الإلكترونية وليس التوسع في إصدارات ورقيّة، فضلا عن وضع سياسة مالية داعمة للمؤسسة لمواجهة ارتفاع أسعار الطباعة والأوراق والحبار بعد تحرير سعر الصرف.
مشاركة :