الحكومة المصرية تدفع وحدها ضريبة مصادرة الصحف بقلم: أميرة فكري

  • 9/4/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحكومة المصرية تدفع وحدها ضريبة مصادرة الصحفرغم كل تبريرات المسؤولين الحكوميين لقرار مصادرة عدد الأحد من صحيفة البوابة المصرية، إلا أن الأمر انتشر كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وزاد من تداول قضية هروب المساجين التي تم منع طباعة الصحيفة بسببه.العرب أميرة فكري [نُشر في 2017/09/04، العدد: 10741، ص(18)]جذور قديمة للخلاف بين الصحافيين ووزير الداخلية القاهرة – صادرت السلطات المصرية عدد الأحد من صحيفة “البوابة” التي يمتلكها البرلماني عبدالرحيم علي، لاحتوائه على تقرير ينتقد عدم تمكن الأجهزة الأمنية من القبض على وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، الهارب منذ مايو الماضي، وهو أحد رموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وخصصت الجريدة صفحة عن وقائع هروب المساجين، وكتبت في العنوان الرئيسي “من الداخلية إلى حبيب العادلي.. كل سنة وأنت هارب يا باشا”، بطريقة ساخرة عن فشل أجهزة الأمن في إلقاء القبض على الوزير السابق. وتكررت حوادث هروب السجناء أثناء ترحيلهم إلى مكان محاكماتهم أو من داخل السجون ومنهم رجال أعمال ومسؤولون سابقون، وكان آخرها الأسبوع الماضي عندما قام 8 متهمين من كتائب حلوان الإرهابية بالهروب من داخل سيارة الترحيلات أثناء عودتهم من المحاكمة، وتمكن رجال الأمن من ضبط 6 منهم ومازال البحث جاريا عن اثنين هاربين. وعادة ما تتناول وسائل الإعلام المصرية هذه الحوادث وتتم مناقشتها مع المصادر الرسمية الموكلة بالحديث عنها. وقال أحمد الخطيب، رئيس تحرير صحيفة “البوابة” في تصريحات لـ”العرب” إن “مصادرة عدد الصحيفة تأتي بسبب خلافات بين وزير الداخلية الحالي والصحيفة، التي طالبت بمحاسبته وإقالته على خلفية تكرار حوادث تفجير الكنائس، وعدم قدرة رجال الأمن على احتواء عمليات تأخذ منحى متصاعدا”. وتسبب هذا الخلاف بمصادرتها في أبريل الماضي، وتكرر الأمر الآن للمرة الثالثة. وكشف الخطيب عن “قضاء ليلة السبت في مفاوضات مع الرقابة، التي طالبت بحذف ملف الهاربين بالكامل”. وأضاف “بالفعل وافقنا على حذف الصفحة الداخلية التي تضم الملف، لكننا رفضا حذف الخبر الذي يتحدث عن طلب نائب برلماني استدعاء وزير الداخلية لسؤاله عن الوزير الهارب، من الصفحة الأولى، وانتهى الأمر بمصادرة العدد”. وكان مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، قد تقدم بطلب إحاطة لوزير الداخلية، بشأن هروب العادلي، وطلب من لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، في مايو الماضي، سرعة عقد جلسة عاجلة للوقوف على حقيقة هروبه، والأسباب التي مكنته من الهروب.أحمد الخطيب: مصادرة البوابة تأتي بسبب خلافات بين وزير الداخلية الحالي والصحيفة وبرر مصدر أمني قرار المصادرة بالقول إن التضييق على بعض الصحف غير مقصود أو ممنهج، لكنه يكون بدوافع منطقية غالبا، وعزا السبب في حجب عدد صحيفة البوابة، إلى أنها تحبط أجهزة الأمن وتحط من شأنها وتشوه صورتها أمام رجل الشارع وتتسبب في إضعاف التعاطف الشعبي مع تضحيات جهاز الشرطة. لكن الخطيب رفض هذه الحجج وقال إن “من يضعف معنويات رجال الشرطة ويحط من قدر الجهاز هو استمرار هروب وزير داخلية سابق وعدم قدرة الجهاز، بكل ما أوتي من إمكانيات، على ضبطه، وهو ما يثير الكثير من الشكوك حول قدرات هذا الجهاز”، مؤكدا “نحن لا نكتب شيئا ضد الداخلية بشكل متعمد”. وكان تقرير الصحيفة مصحوبا بصورة كبيرة للعادلي، المحكوم عليه بالسجن 7 أعوام، في القضية المعروفة إعلاميا بـ”فساد الداخلية”، إضافة إلى إلزامه مع اثنين آخرين برد مبلغ 195 مليونا و936 ألف جنيه (حوالي 10 ملايين دولار أميركي) وتغريمهم مبلغ مماثل. وكشف الخطيب أن عدد الاثنين من البوابة يتناول استمرار هروب العادلي، ويوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق، المتهم بإقامة مبان وإنشاءات وشغلها والانتفاع بها دون سند من القانون، واستغلال النفوذ، إضافة إلى رجل الأعمال مجدي راسخ والد هايدي زوجة علاء مبارك، الذي صدر بحقه حكم بالسجن 5 سنوات بقضية فساد، دون أن يتم القبض عليه أيضا. واللافت أن عبدالرحيم علي مالك صحيفة “البوابة” قريب من أجهزة الأمن، وكان يقدم برنامجا تلفزيونيا بعنوان “الصندوق الأسود” يذيع من خلاله مكالمات هاتفية لنشطاء وسياسيين مناهضين للنظام، وقيل إنه حصل عليها من أجهزة أمنية نافذة. ويرى خبراء في الإعلام أن سياسة حجب أي صحيفة عن الصدور تأتي بردود فعل عكسية خطيرة في العصر الرقمي، حيث ينتشر عدد الصحيفة إلكترونيا عبر مواقع التواصل أكثر من الأعداد التي كان من المقرر طباعتها. وقال أشرف بيومي، أستاذ الصحافة والإعلام بالمعهد العالي للإعلام بالقاهرة، إن القائمين على إدارة الملف الإعلامي في مصر لا يدركون بعد أن التعامل مع الوسيلة الإعلامية التي تخرج عن النص بالمصادرة، فكرة قديمة، لم تعد تصلح في الوقت الراهن. وأضاف لـ “العرب” أن “الممنوع مرغوب، وهذه قاعدة مجتمعية، وبالتالي فالجميع أصبح يبحث عن الصحيفة التي صودرت لقراءتها ومطالعتها، حتى وإن كان لا يوزع من العدد سوى بضعة آلاف، ما يعني أن المصادرة في عصر الإنترنت تكون نتائجها عكسية تماما ولا تحقق أي فائدة للجهة المانعة للصدور”. وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي في مصر، حالة من الغضب الشديد من جانب المعترضين على مصادرة الصحيفة. وقال أبوالسعود محمد، عضو مجلس نقابة الصحافيين، إن مصادرة أي صحيفة “خطأ فادح” يسيء للنظام أكثر مما يفيده، وغير مطلوب أن تكون الصحف كلها تسير في اتجاه واحد أو تمنع وسيلة إعلامية بعدم الخروج عن النص. وأوضح لـ”العرب” أن هذا النهج يضر بسمعة البلاد في الخارج بشأن حرية الرأي والنشر والتعبير في مصر، ويضاعف من الضغوط الواقعة على الحكومة, وأشار إلى أن ما يحدث مع مهنة الصحافة في مصر “تخطى الحدود” بسبب قلة تدير ملـف الإعلام

مشاركة :