"حراك الريف" يسبب "حراكاً" في لغة مواقع التواصل

  • 6/1/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

"حراك الريف" حركة احتجاجية اتسعت رقعتها من معقلها في مدينة الحسيمة شمال المغرب وامتدت حتى إلى شبكات التواصل الاجتماعي. هذا "الحراك" أدى إلى انقسام في آراء الشارع المغربي وحتى إلى ظهور مصطلحات جديدة. تشهد منطقة الريف بشمال المغرب منذ حوالي ستة أشهر حراكاً شعبياً يقول متزعموه إن مطالبه تتلخص في تحقيق العدالة الاجتماعية واستثمار المزيد من الموارد في تنمية تلك المنطقة المهمشة منذ سنوات، ومحاربة فساد المسؤولين. في الآونة الأخيرة، اتسعت دائرة الاحتجاج لتتخطى حدود مدينة الحسيمة وتصل إلى عدة مدن أخرى في المغرب، بعضها ليس في منطقة الريف أيضاً، وانقسم الرأي العام في المغرب ما بين مؤيد لهذه التظاهرات والمطالب المصاحبة لها، وما بين معارض ومتهم لها بالتبعية لأجندات خارجية وبمحاولة الانفصال بالإقليم عن المغرب. ولا شك في أن سبب اتساع رقعة الاحتجاج مرده إلى انطلاق المحتجين من شوارع وميادين المدن إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيسبوك"، الذي ينشط جلّ المغاربة وخصوصا الشباب عليه. فنشأت صفحات متعددة لنقل ما يحدث من أحداث في الحسيمة وغيرها من المدن، سواءاً بمقاطع فيديو توثق الاحتجاجات وتؤكد سلميتها، أو بصور وشعارات لحثّ الآخرين على الانضمام إلى الحراك – الذي بات يُعرف بـ"حراك الريف". ولعلّ أهم ما يبرز أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نقل ما يحدث تصريح والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، محمد اليعقوبي، الذي زعم في تصريح لوكالة فرانس برس: "عند رؤية حسابات الفيسبوك لهؤلاء الناس (المحتجين) قد يعتقد المرء أن المدينة (الحسيمة) تشتعل، في حين لا شيء يحدث في الواقع". لكن الشهرة التي حظي بها "حراك الريف" على مواقع التواصل الاجتماعي جلبت معها حراكاً مضاداً يرى في الاحتجاجات الشعبية أسلوباً غير حضاري أو فعال في إيصال المطالب والمظالم إلى المسؤولين، وأحياناً تعدى ذلك ليتهم المتظاهرين برفع شعارات تلمح إلى الانفصال عن المغرب أو عدم الولاء للعاهل المغربي، الملك محمد السادس. ردّ المحتجين كان توصيف معارضي الحراك بـ"العياشة"، وهي كلمة ترمز إلى شعار "عاش الملك"، الذي ردده كثيرون في وجه محتجي الريف، للتأكيد على وحدة المغرب في وجه ما يعتبرونه "أطماعاً أجنبية وأجندات غربية" تغذي الحراك. هذ التوصيف أحدث شرخاً في المجتمع المغربي لم يحدث حتى في ذروة الثورات العربية في دول أخرى، مثل تونس ومصر وسوريا، فتجد أن النقاش والجدل الدائر حول أحقية مطالب المحتجين في الريف في شبكات التواصل الاجتماعي يتحول بسرعة إلى "إثبات للوطنية" و"خطاب تخويني". إلى ذلك يأتي دور بعض وسائل الإعلام التي ساهمت في تأجيج الخطاب بين الطرفين، عبر نقل تصريحات واتهام متزعمي حراك الريف بالتبعية للغرب تارة وبالانتماء إلى المذهب الشيعي تارة أخرى، وهو اتهام طال متزعم الحراك المعتقل حالياً، ناصر الزفزافي. هذه الهجمة الإعلامية المتواصلة أفقدت الكثير من المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي ثقتهم في تلك الوسائل، معتبرين أنها امتداد للطبقة الحاكمة الفاسدة والمعروفة في المغرب باسم "المخزن". إذاً عجلة التاريخ تكرر نفسها، وحركة الاحتجاجات التي دامت شهوراً طويلة دون أي تغطية إعلامية تذكر باتت الآن في قلب المشهد الإعلامي المحلي والعالمي أيضاً بفضل انتقالها من الفضاء الحقيقي إلى الافتراضي. ومع توارد أخبار عن مسيرات مضادة لمسيرات الحراك يقودها "بلطجيون" يعتدون على المتظاهرين، هل يتكرر السيناريو الذي حصل في مصر وسوريا، أم أن المغرب قادر على تجاوز هذه الأزمة – حقيقياً وافتراضياً – بحكمة؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة. ياسر أبو معيلق

مشاركة :