حصل أهالي محافظات خليص والكامل وعسفان على اعتذار من الشركة السعودية للكهرباء مقابل انقطاع التيار الكهربائي، والذي استمر لساعات طويلة جدا تعطلت فيها حياة أهالي تلك المحافظات تماما، ومقابل هذه (العطلة) والاستفزاز كانت الشركة تعد لهم عذرا وكلمة (آسفين)، وهي كلمة لا تغطى المعاناة التي عاش فيها آلاف المواطنين، بينما جاء العذر أن الانقطاع يعود لتعطل المحولات من الضغط العالي إلى الضغط المنخفض بسبب سوء الصيانة، ولا يوجد مولدات احتياطية (هذا هو السبب الذي يمكن لك أن تعلق عليه بأنه أقبح من الذنب نفسه، وتتمنى لو أن من صرح به أغلق فمه قبل التفوه بهذا العذر الواهي). وانقطاع المياه والكهرباء غدا داء متغلغلا في كل مدينة، وتتعامل وزارة المياه والكهرباء مع هذا الداء بقرص (آسفين) تتبعها جملة هوائية (ما في اليد حيلة). وأعذار الوزارة لا تقدم ولا تؤخر، بل تبقيها في موقع المقصر دائما، وكان بإمكاننا التعامل مع سوء خدماتها كبقية الخدمات المقدمة مجانيا، إلا أن لهذه الخدمة جيوبا تفتحها لنا شهريا لندس بها أموالنا مقابل الحصول على خدمة متميزة، وفي حالة الرداءة يستوجب على الوزارة تعويضنا عن الأضرار التي تلحق بنا من جراء الانقطاع المتكرر للخدمتين (المياه والكهرباء)، وتصبح كلمة (آسفين) غير قابلة للصرف. والطريف أن الوزارة تشتكي منا، فقد أكدت الوزارة أن معدل استهلاك المياه في المملكة تجاوز لأول مرة (8) ملايين متر مكعب يوميا، بمعدل استهلاك (265) لترا، ولكي تظهر الوزارة محاباتها لنا قالت إن ما يستهلكه الفرد المحلي يعادل ضعف استهلاك الفرد في الاتحاد الأوروبي، ولا أدري لماذا يتم ذكر الفرد الأوروبي، هل في ذلك إشارة للوعي (وهي تهمة نتبادلها مع الوزارة، فهل هو وعي الوزارة في الاتحاد الأوروبي أم الفرد الأوربي)، وأنا أرجح أن المسألة عائدة لوعي الوزارة الأوروبية، كونها سعت لأن يصل استهلاك المياه إلى الحد الأدنى، وما يؤكد هذا الظن أن وزارتنا تقول إن استهلاك الثمانية ملايين متر مكعب يوميا تشكل مياه البحر المحلاة (60%) من هذه الكمية، بينما ينتج قرابة (40%) من الآبار الجوفية.. إذ كيف لوزارة في دولة تعد من أفقر دول العالم مائيا تسمح بهدر مياه الآبار الجوفية بهذه الغزارة يوميا، إلا إن كانت لا تمتلك وعيا بأهمية المحافظة على استدامة ثروة شحيحة أدى هدرها إلى جفاف عشرات الأودية وتساهلت في استهلاكها ــ مثلها مثل وزارة الزراعة ــ على ري منتجات زراعية لا تسمن ولا تغني من جوع، فهذا الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية يدلل على غياب الوعي، فهل هو وعي الوزارة أم وعي الفرد؟ ومن زاوية أخرى يطلق على بلادنا مسمى شبه الجزيرة العربية، أي أنها محاطة بمسطحات مائية مالحة ومع توفر الميزانيات الضخمة لماذا لا تقوم الوزارة بإنشاء محطات للمياه المحلاة تلبي الاحتياج السكاني، وإن كان هذا مرهقا لها فلماذا لم تصل رسالة توعيتها وإرشادها بتقليل الاستهلاك، كما يحدث لاتحاد دول أوربا التي يستهلك فيها الفرد نصف ما يستهلك الفرد لدينا. أعتقد أنه من غير المقبول تبادل الشكوى، فنحن نشتكي من خدمات الوزارة والوزارة تشتكي منا، «وإن كان المتحدث مجنون فليكن المستمع عاقل». ولو حكمنا محايدا بين الشكويين، فسوف نسأله: من مِن الطرفين يمتلك قدرة التغير والتأثير وربما يكون حكمنا به هوى وسيحملنا جريرة كل ما يحدث من انقطاعات، ولهذا سنقبل بقرص (آسفين) مع قليل من الماء المحلى لو سمحتم.
مشاركة :