عن إحساس آخر يوم امتحانات في الثانوية العامة؛ حيث الخوف من النتيجة والمصير المجهول، عن إحساس ظهور النتيجة والخوف من عدم الالتحاق بالكلية التي تتمناها، عن إحساس أول يوم جامعة والخوف من الغربة والسفر بالنسبة للكثيرين، عن إحساس التخرج من الجامعة، والخوف من مواجهة الواقع ورحلة البحث عن العمل، عن إحساس أول يوم شغل والخوف من عدم الالتزام بالمواعيد والاستيقاظ باكراً، عن إحساس قبض أول راتب والخوف من ارتفاع الأسعار، عن إحساس أول حب في حياتك والخوف من المصارحة ورد الفعل، عن إحساس أول خطوبة والخوف من فشل العلاقة، عن إحساس أول يوم زفاف والخوف من أعباء الحياة، عن إحساس إنجاب أول طفل والخوف من مسؤولية التربية وتكوين شخصية طفلك، عن إحساس أول صلاة تتذوق فيها حلاوة الإيمان والتقرب إلى الله والخوف من مشاغل الدنيا التي ستلهيك عن الخشوع، عن إحساس أول ختمة للقرآن والخوف من الكسل وعدم الاستمرارية، عن كل إحساس مفرح يعقبه خوف الـ"فيما بعد" وترقب نتيجة الفرحة والمصير المجهول. وعن وعن طالما نعيش في الدنيا فنحن مجبرون على تحمل مشاقّها ومتاعبها، فالحياة ليست وردية ولو كانت ذلك لما كان لدار الآخرة دار البقاء والخلد طعم ومذاق يجعلنا نصبر على الابتلاءات والمصائب. فها هي الدنيا.. غدارة، قاسية، امتحان صعب، متقلبة، يوماً عليك ويوماً لك، ستمر بمواقف ربما تكون في بعض الأحيان صعبة وشديدة عليك تظل حينها طوال الوقت تدعو الله لفك الكرب وإزاحة الهم، وأن ينعم عليك بالتفكير الصواب أو الصبر والسلوان. وعلى النقيض مواقف ومنح ستفاجأ بوجودها في حياتك أو ربما كانت تعويضاً وجزاء من الله لصبرك وتحملّك المتاعب والمصائب بنفس راضية، وقلب مطمئن واثق في كرم الله. فالدنيا في النهاية دار شقاء وعناء، وأنت فيها خاضع طوال الوقت لاختبارات لا حصر لها، ونتيجتك في هذه الاختبارات هي التي ستمنحك فرصة العبور لطريق الجنة طريق الحياة الأبدية المطمئنة. فهنيئاً لكل شخص مدرك لمفهوم الدنيا قادر على اجتياز المصائب والمحن بنفس راضية وثقة في رب العالمين. كما يبين -عز وجل- في كتابه الكريم الكثير من الآيات الدالة على التفاؤل وعدم الخوف من المصير المجهول، كما في قوله تعالى: "قل لن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 51)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين" (البقرة: 153)، "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال: 46). "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب (الرعد: 28)، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً" (الطلاق: 2 و3). "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الزمر: 53). "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة: 216). ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :