وجه سياسيون مغاربة ومثقفون وحقوقيون نداء إلى 41 شخصية مغربية قصد التدخل لوقف حالة الاحتقان، التي يعيشها المغرب إثر تواصل الاحتجاجات في إقليم الحسيمة وعدد من المدن الأخرى.وناشد أصحاب المبادرة، التي حملت اسم «نداء من أجل الوطن»، رئيس الدولة الملك محمد السادس التدخل أيضا بشكل مباشر، أو غير مباشر، لطمأنة الرأي العام الوطني تغليبا منه للغة الحوار المنتج، والتفاعل الإيجابي على غرار الخطاب التاريخي لتاسع من مارس (آذار) 2011، وهو الخطاب الذي كان أعلن فيه الملك مجموعة من الإصلاحات الدستورية والسياسية، عقب الحراك الذي قادته حركة 20 فبراير (شباط).ومن أبرز الشخصيات التي وجُهت إليها هذه الدعوة «لما عرف عنها من نزاهة واستقامة» عبد الرحمن اليوسفي، محمد بنسعيد أيت يدر، عبد الله العروي، أحمد الخميليشي، عبد الكريم غلاب، نبيلة منيب، فتح الله ولعلو، محمد اليازغي، إسماعيل العلوي، محمد الأشعري، أسيدون سيون، جمال بنعمر، جامع المعتصم، إدريس جطو، أحمد حرزني، وشخصيات أخرى.وجاء في النداء، الذي أطلقه كل من عدنان الجزولي، ولطيفة البوحسيني، وحسن طارق، وعياد أبلال، وأنس الحسناوي، أن «التطورات التي تعيشها مدينة الحسيمة في إطار ما سمي بـ(حراك الريف)، وردود الأفعال التي أعقبت التصريح غير المسؤول لأحزاب الأغلبية، بما تضمنه من اتهامات كان المراد منها التغطية على المطالب الحقيقية التي كانت في عمق المسيرات الاحتجاجية العارمة التي شهدتها المدينة، وما أعقب ذلك من تعاقب لأحداث متسارعة، وحملة الاعتقالات... يتطلب من كل الضمائر الحية وكل الغيورين والغيورات على استقرار وأمن الوطن وعلى مصالح مواطنيه ومواطناته التدخل من أجل تجنيبه مآلات وعواقب وخيمة لسنا في حاجة إليها».وطالب النداء بإطلاق سراح المعتقلين الشباب، والتعامل مع الوضع باحترام تام للقانون والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان.في المقابل، ناشد النداء مختلف وجوه الحراك وفاعليه، ومن خلالهم المواطنين والمواطنات كافة بالحسيمة ونواحيها، الالتزام بالحفاظ على سلمية الحراك، وتجنيبه أي انزلاق يؤدي به إلى عكس الهدف الذي يتوخاه.وطالبت المبادرة بإدماج كل الفعاليات، سواء منها السياسية والمدنية بكل انتماءاتها، وكذلك الفاعلون الأساسيون الممثلون للحراك دون إقصاء بدل تبني المقاربة الأمنية. كما دعا النداء السلطات إلى «تهدئة الوضع من خلال عدد من الإشارات الدالة عن إرادة حقيقية في التعاطي مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات، ومن ضمنها التصدي لملفات الفساد».في سياق متصل، أودع قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالحسيمة أول من أمس خمسة معتقلين من نشطاء الحراك السجن المحلي بالحسيمة بعد إخضاعهم للاستنطاق الابتدائي من طرف قاضي التحقيق. في حين تقرر نقل معتقلين آخرين أمس للمثول أمام النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالمدينة، أما ناصر الزفزافي متزعم الحراك فما زال قيد التحقيق لدى الشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء.من جهته، كشف الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن أنه تم نقل المعتقلين الخمسة من المقر المركزي للفرقة الوطنية بالدار البيضاء على متن مروحية تابعة للدرك الملكي، ثم نقلوا إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، وبعد الاطلاع على المحاضر شرع نواب الوكيل العام في استنطاق المعتقلين على ذمة الأحداث، ثم طلبت النيابة العامة بإجراء تحقيق مع الموقوفين بخصوص ما نسب إليهم، بعد إحالتهم على قاضي التحقيق الذي تولى بدوره إجراء استنطاق ابتدائي في حق كل من الناشط محمد جلول، وسمير أغيد، إلياس الحاجي، وصلاح لخشم، وعمر بوحراس.وحسب المصدر ذاته فقد قرر قاضي التحقيق إيداع الجميع السجن المحلي بالحسيمة، ووجهت لهؤلاء النشطاء تهما تتعلق بالنسبة للناشط جلول بـ«جرائم المس بالسلامة الداخلية للدولة وتسلم هبات وفوائد أخرى لتسيير نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية». في حين وجهت لسمير أغيد وإلياس الحاجي التهم نفسها، مع إضافة تهم التقتيل والنهب وتخريب منقولات باستعمال القوة في جماعات وكسر وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، والتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة. أما المعتقل صلاح لخشم فوُجهت له تهم تتعلق بجرائم القيام عمدا بتهديدات وأعمال عنف ضد الموجودين على متن طائرة خلال تحليقها قصد المس بسلامتها والمس بالسلامة الداخلية للدولة بارتكاب اعتداء، الغرض منه إحداث تخريب والتقتيل والنهب. ووجهت للخامس وهو عمر بوحراس التهم نفسها المتعلقة بالمس بالسلامة الداخلية للدولة والتخريب والتقتيل.في غضون ذلك، شهدت مدينة الحسيمة ليلة أول من أمس مظاهرة لليلة الثامنة على التوالي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم الزفزافي.وتجمع المتظاهرون بعد الإفطار في حي سيدي عابد، وهم يهتفون «كلنا الزفزافي». وكان عدد المتظاهرين أقل بشكل ملحوظ عن الأيام السابقة، ولم يتجاوز بضع مئات من الأشخاص. إلا أن المظاهرة اتسمت بتوتر واضح مع انتشار قوات الأمن على مقربة من الحي وحوله، وقيامها بمنع الراغبين في المشاركة من التوجه إلى مكان المظاهرة.وتفرقت المظاهرة دون حوادث قبيل منتصف الليل.وكانت صدامات وقعت بعد الظهر بين المتظاهرين وعناصر من الشرطة في بلدة أمزورن (15 كلم جنوب شرقي الحسيمة) إثر صلاة الجمعة، وقال شهود عيان إن المتظاهرين، الذين كانوا يرددون شعارات حول «سلمية الاحتجاج»، رشقوا عناصر الشرطة والقوات المساعدة بوابل من الحجارة وقنينات وأكواب زجاجية، وعرضوهم لإصابات جسدية خطيرة، كما تسببوا في تخريب وتعييب ممتلكات عامة وخاصة.وذكر شهود العيان، أن قوات الأمن التزمت بضبط النفس، ولم تنساق وراء استفزازات المتجمهرين.
مشاركة :