انفراج سياسي وليس مصالحة - مقالات

  • 6/6/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لا يخفى على أحد أننا نعيش في أزمة سياسية منذ العام 2011 وربما قبل ذلك. وقد تفاقمت هذه الأزمة بعد تعديل قانون الانتخاب وانطلاق مسيرات كرامة وطن التي تلتها اعتقالات وصدور احكام بالسجن على العديد من الشباب، ثم المقاطعة الكبيرة لانتخابات ديسمبر 2012... أما أشد الهجمات فتمثلت في ما حدث في صيف 2014 عبر قرارات سحب وإسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين المحسوبين على المعارضة السياسية.اليوم وبعد مرور أكثر من ستة أعوام على تلك الأزمة السياسية التي أنهكت البلد وفككت المجتمع وعطلت كل الطموحات الإصلاحية التي ينشدها الشارع الكويتي، بدأت بوادر أولية تتشكّل للانفراج السياسي شيئاً فشيئا.فرغم فشل مجلس الأمة في إقرار اقتراح بقانون يصون المواطنة ويبسط سلطة القضاء على قرارات سحب الجنسية، إلا أن إعادة الجناسي لأسرة البرغش والوعود بعودة الجناسي لبقية الأسر التي سحبت جناسيها في تلك الفترة، يعد خطوة باتجاه الانفراج السياسي، مع رفضي التام لصفقة تحصين رئيس مجلس الوزراء التي لا تمت للعمل الدستوري بصلة.أما اقتراح قانون العفو الشامل، فقد تم رفضه أيضاً في دور الانعقاد الحالي ولم ينجح المجلس بالترويج له والحصول على دعم شعبي يقوي به موقفه أمام الحكومة ، وهذا ما يتطلب طرح اقتراح آخر بقانون في هذا الاتجاه في دور الانعقاد المقبل والعمل بجدية على كسب الشارع لتطوى هذه الصفحة.يبقى بعد ذلك إقرار قانون جديد أكثر عدلاً وديموقراطية للنظام الانتخابي... فقد أثبت نظام الصوت الواحد فشله في القضاء على الممارسات والسلبيات التي روجت على انها اهم أسباب إقراره؛ فالتعصب الطائفي والقبلي ازداد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت وفق هذا المرسوم بقانون، وارتفعت نسبة شراء الأصوات، سواء بالمال السياسي أو عبر تخليص المعاملات وغيرها من الخدمات، كما أن المشاكل في المجالس السابقة لم تختلف عنها في مجالس «الصوت الواحد»!كل هذه القضايا ذكرتها سابقاً في مقالات عدة، وتحدث عنها العديد من السياسيين على أنها اهم عناوين القضايا في المرحلة الحالية، ولكن هناك من يروّج أننا بحاجة إلى تحقيق مصالحة بين الحكومة ونواب المعارضة، وهذا خلط كبير للمفاهيم... فالأزمة في الكويت ليست بسبب عداوة بين الشعب والحكومة لتجرى مصالحة، إنما هي أزمة سياسية تعود لنهج الانفراد بالقرار، ذلك أن الخلاف بين الحكومة ومعارضيها بالآراء أمر طبيعي في الحياة السياسية لا يحتج إلى مصالحة، ولكن استخدام الحكومة لسلطتها في قمع الرأي المخالف لها، هو ما تسبب بتفاقم تلك الأزمة وهو ما يتطلب معالجته عبر تحقيق انفراج سياسي.في الختام، علينا أن نستوعب أهمية وجود الاختلاف والمعارضة، فنحن لسنا في دولة ديكتاتورية لا مجال فيها على الإطلاق للرأي الآخر، وذلك رغم تلك الهجمات الشرسة على الحريات، إلا أننا لا نزال نتمتع بهامش نسبي من حرية التعبير، وعلينا أن نحافظ عليه ونمنع أي انتقاص منه وفتح الباب أمام حياة سياسية ديموقراطية، وهذا ما يتحقق عبر البدء بانفراج سياسي ينهي الأزمة السياسية التي تفاقمت في السنوات الماضية، حيث لم يعد مقبولاً استمرارها في ظل الوضع الإقليمي المعقد، لذلك يجب أن يكون هناك انفراج سياسي قريب... وأنا على ثقة من أن هذا الانفراج سيتحقق عندما تتوافر الحكمة والإرادة الجادة.dr.hamad.alansari@gmail.comtwitter: @h_alansari

مشاركة :