واشنطن - أثارت وثيقة سرية أميركية كشفت أن قراصنة معلوماتية في الاستخبارات العسكرية الروسية حاولوا مرارا اختراق الأنظمة الانتخابية الأميركية قبل الانتخابات الرئاسية في العام 2016 قلقا جديدا حول مدى تدخل روسيا. إلا أن عملية التسريب المفترضة للوثيقة التابعة لوكالة الأمن القومي الأميركية "أن أس إيه" من قبل واحد من عشرات آلاف المتعاقدين مع وكالات الاستخبارات الأميركية بعد شهر فقط على إعداد التقرير، شكلت إحراجا جديدا للاستخبارات. وسارعت الإدارة الأميركية الساعية لوقف التسريبات فور نشر التقرير إلى توقيف المتعاقدة رياليتي ليه وينر (25 عاما) بتهمة انتهاك قانون التجسس. وأعلن نائب وزير العدل رود روزنستين في بيان أن "نشر مواد سرية دون تصريح يهدد أمن أمتنا ويقوض ثقة الرأي العام في الحكومة. لا بد من محاسبة الأشخاص الذين تعهد إليهم وثائق سرية يتعهدون حمايتها عندما يخالفون هذا الالتزام". اختراق من قبل الاستخبارات العسكرية الروسية نشر موقع "ذي إنترسبت" الإخباري الذي يركز على شؤون الأمن القومي تقرير "ان اس ايه" الاثنين. وتشير الوثيقة إلى عملية قرصنة مرتبطة بالاستخبارات العسكرية الروسية استهدفت شركات أميركية خاصة تؤمن خدمات لتسجيل الناخبين وتجهيزات لحكومات الولايات. وتابعت الوثيقة أن عملية القرصنة التي كانت ستهدد سلامة الانتخابات الأميركية لو نجحت استمرت طيلة أشهر حتى قبل أيام فقط على الاقتراع الرئاسي الذي تم في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر. ولم تتوصل وكالة الأمن القومي إلى تحديد ما إذا كان للقراصنة دور مؤثر على نتيجة الانتخابات، بحسب "ذي انترسبت"، إلا أن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية أكدوا مرارا أن إحصاء الأصوات لم يتأثر بأي قرصنة. وتابع الموقع أن الوثيقة حملت تاريخ الخامس من أيار/مايو 2017 ولم يكشف كيفية حصوله عليها. لكن وبعد ساعة فقط على نشره الوثيقة، أعلنت وزارة العدل توقيف وينر الموظفة لدى شركة متعهدة متعاقدة أمنية في أوغوستا بولاية جورجيا بتهمة تسريب معلومات سرية إلى "وسيلة إعلامية الكترونية". مع أن وزارة العدل لم توضح ما هي المعلومات التي تم تسريبها ولا كشفت عن اسم الموقع الإعلامي التي حصل عليها، فقد أشارت إلى أن المعلومات المسربة هي تقرير يحمل تاريخ الخامس من أيار/مايو. وأكد مسؤولون استخباراتيون لوسائل الإعلام الأميركية أن قضية وينر مرتبطة بما نشره "ذي انترسبت". وعلقت المتحدثة باسم "ذي انترسبت" فيفيان سيو لدى سؤالها عن توقيف الموظفة أن الموقع حصل على الوثيقة من مصدر لم يصرح عن هويته. وقالت أن "ذي انترسبت لا يعرف هوية المصدر". القرصنة استهدفت عمليات تصويت محلية وتناولت وثيقة "ان اس إيه" أيضا الادعاءات الأميركية بان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاد جهودا منسقة تشمل القرصنة والتضليل الإعلامي للتدخل في الانتخابات الأميركية من اجل مساعدة دونالد ترامب على الفوز أمام هيلاري كلينتون. وتابعت الوثيقة بحسب "ذي انترسبت" ان "عناصر من المديرية الرئيسية للاستخبارات العامة الروسية، نفذوا عمليات تجسس معلوماتي ضد شركة أميركية جرى التعاقد معها في آب/أغسطس 2016 من اجل الحصول على معلومات عن برامج معلوماتية مرتبطة بالانتخابات". وكشفت الوثيقة ان القراصنة من خلال محاولتهم سرقة بيانات الدخول واستخدامهم وسائل تصيد البريد الالكتروني لزرع البرامج المخربة، "تمكنوا من الدخول إلى حسابات عدة لجان انتخابية محلية أو على صعيد الولايات". لكنها شددت على انه لا يزال من غير الواضح مدى نجاح هذه الجهود وماهية البيانات التي سرقت. واستهدفت القرصنة الروسية شركة "في آر سيستمز" ومقرها فلوريدا وتوفر نظام التعريف عن الهوية في الانتخابات الذي استخدم في ثماني ولاية. وقالت الشركة في بيان أنها نبهت مستخدميها عندما لاحظت عملية التصيد وأن أيا منهم لم تنطل عليه الحيلة. وتابع بيان الشركة ان "محاولات التصيد الالكتروني ليست غريبة عنا ولدينا سياسات وإجراءات لحماية مستخدمينا وشركتنا". وشددت الشركة على أن أيا من منتجاتها لا يستخدم في عمليات تسجيل الأصوات أو إحصائها. ترامب غاضب من عمليات التسريب وينر هي أول شخص يتم توقيفه في قضية تسريب معلومات سرية منذ تولي ترامب منصبه قبل أكثر من أربعة أشهر. وأصدر ترامب أوامر لوزارة العدل بالتشدد إزاء المسربين. ويأتي نشر هذه الوثيقة قبل ثلاثة أيام من إدلاء المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) جيمس كومي الذي أقاله ترامب، بشهادته أمام الكونغرس الخميس في شأن التدخل الروسي في الحملة الانتخابية في 2016. والجلسة المرتقبة ستكون علنية وستجري أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في الساعة العاشرة (14,00 ت غ). وستليها جلسة مغلقة أمام أعضاء اللجنة الـ15 من جمهوريين وديمقراطيين. وسيتم التطرق إلى التواطؤ المحتمل بين أعضاء في فريق ترامب الانتخابي وروسيا باعتباره جزءا من التحقيق الذي أشرف عليه كومي قبل إقالته المفاجئة في التاسع من أيار/مايو. ولزم المدير السابق الصمت منذ إقالته المفاجئة التي هزت الولايات المتحدة. وسيستجوبه النواب أيضا للتأكد مما إذا كان ترامب مارس فعلا ضغوطا على أف بي آي لتوجيه التحقيق حول روسيا. وأكدت وسائل إعلام عدة ان كومي أورد في ملاحظات مكتوبة ان ترامب طلب منه "التخلي" عن التحقيق حول مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين الذي ورد اسمه في ملف روسيا. لكن ترامب ينفي ممارسة أي ضغوط على كومي كما ينفي أي تواطؤ مع موسكو.
مشاركة :