المنامة ــــ جاسم عباس | العباءة هوية وتراث وتاريخ، لها خصوصية في المجتمعات الإسلامية، وما زالت منذ أكثر من 400 سنة، بدأت في الحضارات القديمة، وتعتبر المرأة المسلمة المتدينة عباءتها أصالة وواجبة في لبسها ولها جذور ولا تتجزأ، وهي أنواع ولها تسميات، وزينت بالذهب والزري والبريسم، والمرأة الخليجية تعدها رمزاً لها، وحتى البنت الصغيرة عندما يصل عمرها ما بين الثامنة والتاسعة كانت تلبسها عند الخروج من البيت مع أمها، وإن لم تفعل يعتبر الأمر بالغ الغرابة والتعجب، وحتى الزائرات للأماكن المقدسة لا يدخلن إلا بالعباءة. حدثنا سيد محمد عبدالله اليوسف بائع العباءة النسائية في المنامة فقال: بدأت بهذه المهنة من قبل 45 عاماً، بعد أن توفي والدي أخذتها منه، ومشيت على دربه، كان يستورد ويفصل لأكثر من ثمانين عاماً، وكلمة عباءة عربية تعد من أهم الأزياء النسائية من دونها لا تخرج المرأة من بيتها، وهي رمز للمرأة المسلمة كان بعضهن يستخدمن البوشية أو البرقع لتغطية الوجه، والعباءة تكون فضفاضة واسعة ذات اكمام طويلة يلبسنها فوق ملابسهن، وقديما كانت تستخدم كدليل للستر والحشمة والشرف، وفي السنوات السابقة كانت تفرض على طالبات المدارس واللون الأسود تميز للعباءة، وعندما نشاهد امرأة بلا عباءة نشعر ببالغ الغرابة والتعجب، فكانت العباءة جزءاً لا يتجزأ من حياة المرأة، ومع تطور الزمن دخلت بالمنافسة مع بقية العبايات في الدول مثل: العباءة العراقية تختلف عن العباءة الكويتية أو الخليجية وغيرها من الدول. قماش العباءة قال اليوسف: خام (قماش) العباءة يستورد من الصين وكوريا واليابان، منه الحرير يأتي تحت رقم 14 و16 و18 و19، وقماش ملكي سعر العباءة 120 ديناراً تحت الدرجة الأولى 5 نجوم، وعباءة حرير 65 دينارا مفصلة وجاهزة للارتداء، وعباية «ديور» بــ55 دينارا بحرينيا، وبقية الأنواع من 25 – 35 ديناراً، والبوليستر بــ15 دينارا بحرينيا. والمرأة الكويتية ترغب بقماش الشال لفصل الشتاء، والكويتية طلباتها تختلف عن بقية النساء، فهي ترتدي وتطلب عباءة أم البلابيل عبارة عن سلاسل تزين بها أطراف العباءة وعباية أم العمايل (الزري والإبريسم) وعباءة ماهود من قماش الماهود الحرير غالي الثمن، وعباءة ونيشن على اسم الخام، وشاوية من الصوف الرخيص للفقيرات، وعباية شد عليها زخارف ومكسر، أنواع كثيرة، ونحن نختار من الأقمشة المتوافرة لطلبهن، ولكن يبقى الحرير هو المرغوب وخياطة العباءة تكون باليد أفضل من الماكينة، ومدة الخياطة 5 أيام. العباءة الريفية وقال: في القرى وفي أماكن الزيارة يزداد الطلب على العباءات خاصة المرأة العراقية تهتم بلبسها وتتفنن بالعباءة وجمالها، تطرزها ببعض السلاسل اللامعة والدانتيلات المتنوعة التفصال (مزخرفة) على اطراف العباءة، والمرأة الريفية لا ترغب بالعباءة المعروفة بـ«الجرجيت» بسبب سعرها، ومازالت البنت الريفية محافظة على نكاهة وإصالة العباءة والبعض من المطربين خاصة العراقي يغني عليها: يم العباية حلوة عباتج يا سمرة هواية زين بصفاتج والمرأة التي تلف العباءة على وسطها وتترك الجزء العلوي منها تدل على قوتها وغضبها وزعلها خاصة العراقية والمصرية الريفية، ومازالت الريفية ترتديها لما لها من ارتباط بالموروث، وتعتبر جزءا من شخصيتها وستراً من عيون الرجال، ومازالت العباءة من الضروريات والكماليات، والنساء يعرفن بعضهن من العباءة وموديلاتها على أنها ريفية او مدنية أو خليجية من الكويت أو المملكة العربية السعودية والإمارات، أو المصرية والسورية، وبعض الاوروبيات يرتدين العباءة حسب اماكن تواجدهن خاصة الأماكن الدينية، واكثر العباءات انتشارا الخليجية والمصرية والإيرانية التي تسمى «شمل» او «جادر»، والمصرية تسمى «الملاية»، والعباءات الملونة التي دخلت الى عالمنا في المناسبات، جاءت من الأتراك إبان الحكم العثماني، والآن تجددت ومازالت المرأة التركية ترتدي العباءة خاصة في الأماكن العامة. بلابيل وقال اليوسف: «أم البلابيل» كلمة كويتية تعني سلسلة ذهبية تزين أطراف العباءة النسائية، وبهذه الحالة تسمى عباءة أم «البلابيل»، وتسمى أيضاً «العميلة»، وهي زوج من الحلي تعلق على جانب العباءة وتترك العميلة متدلية، وعادة ما تكون من الذهب تتدلى منه ثلاث خرزات ذهبية تشبه فاكهة «كمثري». يبلغ طول البلابيل أو العميلة حوالي 45 سم، وأحياناً تكون كالكرات الصغيرة، وكثير من الشعراء تغنوا بها: فز قلبي فز قلبي يوم شف الغاويات والبنات عقود لولو خالفني بالصلاة يوم شفتها تتمشى قامت تلتف بالعباءة كدرّوا النوم عليّ يوم أقفوا رايحات وذكر شاعر آخر في نوع العباء «أم العمايل» ومن تلبسها: يا بنات الهنود يالابسات العمايل ارحموا ذا الفقير اللي على الدرب نايم طحت في بيرِ كم ردّوا عليَّ حِجَابي الدوا عندكم لا تحرموني شبابي. وقال: العباءة جذبت الشعراء الذين زينوا كلماتهم بالزري والذهب والحرير قال أحدهم: شافني بالزين أنا ظبي عجيب نافل حسنه على حسن البنات لو خفي نور القمر حدر المغيب نور خده بان من تحت العباة. وقال شاعر آخر: أمس العصر وافيت غزال بدون سوق الخام شفته بعيني رايح يمشي على هونه لابس عباية أم الزري والثوب تور الشام وينسف المجدول يا خالي على أمتونه. وقال اليوسف: أنا لا أبيع إلا العباءة السوداء اللون بالرغم من تغيير اللون والتصميم والعصرية غير تفاصيلها، وأخذت المرأة الكشخة (المتألقة المعجبة بلبسها) تختار ما تريدها وتلبسها بحريتها، وكل ما أقوله إن العباءة ضرورة وحماية وتراث قديم، وجزء من حياتنا، وعلى المرأة ان تلبسها في كل الأوقات، ولنفتخر أن العباءة ما زالت في بيوتنا ومع بناتنا، إنها ثقة بالنفس وعلى الرغم من دخول المسحات التجارية عن طريق الأزياء، فإن العباءة لها خصوصية وأن لا تخرج عن مفهومها واسعة سوداءة، وهي من شخصية المرأة، وأصل من أصولها، ولم تكن فجوة بينها وبين لبسها، ولم نهجرها، وسأحاول بمشيئة الله أن أوفي بهذه المهنة (مهنة تجهيز العباءات) متجنباً التغييرات التي تطرأ عليها، لأنها من واجباتنا الدينية والاجتماعية، وسنسير في طريق الاصلاح الاجتماعي ونجعل حياتنا طيبة وسعادة والعباءة منهجنا وسلوكنا وستر وحشمة. موديلات – أصبحت للعباءة موديلات حسب رغبة كل امرأة منها: عباءات ذات قطعة واحدة. – عباءة مطرزة على حاشيتها بالفصوص الخرز. – عباءة كتف تلبس من على كتفيها ولا تغطي الرأس. – في القديم كانت المرأة هي التي تولت خياطة العباءة. – قديماً ارتبطت العباءة بالبوشية (غطاء غليظ تضعه المرأة على وجهها). – أمهاتنا لا ينزعن البوشية إلا في المنزل. – عبي الأعراس مزينة بالزري وسلاسل الذهبية على أطرافها. – عباءة «شين جين» مزينة بالأبريسم (حرير) للنساء الكبيرات بالسن. بلابيل (سلاسل ذهبية) أم كلثوم بالعباءة العراقية امرأة بالعباءة تحمل آلة الخياطة عام 1955م
مشاركة :