مخاتلة (مصر ليست وجهة نظر)

  • 6/5/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - دولي للمرة الثانية يقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قولاً وفعلاً إلى جانب مصر، معززاً ومسانداً لخيارها في اختيار طريقها. للمرة الثانية يستبق عبدالله بن عبدالعزيز أي تحرك ضد مصر بإعلان موقف حازم تجاه من يمسها، حتى إنها والسعودية جغرافيا واحدة، فلا يمس إحداهما أذى حتى تنتفض الأخرى غضباً ونصرة. في اليوم ذاته لإعلان السيسي رئيساً جاء خطاب الملك وثيقة تاريخية يسجل موقفاً قائماً على الالتزام الكامل والنصرة المطلقة، ونابذاً كل متخاذل ومتهاون يجعل العروبة أحد الخيارات أو يتاجر بها حارماً نفسه من الوجود العربي، ومحملاً ذاته عواقب العزلة والوحدة حين تتناوشه الخطوب فلا يجد له نصيراً وسنداً، لأنه اتكأ على غرور واهم بالقوة العابرة، وانخدع بأضواء المسرح وظنها حياة كاملة، بينما هي نشوة سريعة الزوال حين تطفأ الأنوار وينصرف الجمهور. تهنئة الملك عبدالله للرئيس السيسي تتفرد في أنها خطة عمل سياسية لا تتوقف عند إنقاذ مصر ومساندتها في المرحلة المقبلة، بل تهديد كل من يتقاصر في ذلك أو ينزوي عنه، حتى إنها تتجاوز في دلالاتها إطار التهنئة التقليدية وتمضي إلى تأسيس هوية عربية جديدة، تجعل العالم العربي والدولي فسطاطين متقابلين: أنصار مصر الجديدة وخصومها، وقد سكنت الإمارات الفسطاط الأول مؤكدة عمق الوحدة السعودية - الإماراتية وغيرتهما على الإسلام والعروبة، عبر منع «الفوضى الخلاقة» التي حان قطافها، إذ «لا تعدو في حقيقة أمرها إلا أن تكون فوضى الضياع والمصير الغامض، الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها». يعيد الملك عبدالله التأكيد «أن لا كرامة ولا عزة لأية دولة وأمة عاجزة عن كبح جماح الخارجين على وحدة الصف والجماعة»، وهو عار سلمت منه ثلاث دول: السعودية والإمارات ومصر. بدءاً من لحظة الخطاب فإن خصوم مصر هم خصوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويصل الأمر إلى المتكاسيلن عن النصرة مع وجود القدرة والإمكان، لأن من لم ينصر مصر «العروبة والإسلام» خائن، خصوصاً إن لم ينأ بنفسه عن التدخل في «شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال، فالمساس بمصر، يعد مساساً بالإسلام والعروبة، وهو في الوقت ذاته مساس بالسعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان»، فإن لم يدرك الآخر الرسالة كان على نفسه جانياً. لا يجهل الملك عبدالله الأخطار المحيقة بمصر، ويدرك أن مجابهتها تقتضي جهاداً عسيراً ينكشف فيه المخلفون ويبرز فيه الصادقون حين تتجلى الحقائق وتتحدد الهويات وتتساقط فيه كل المواقف المائعة. هذه ليست مجرد تهنئة بل بيان تأسيس العالم العربي الجديد الناجي من عواصف «الربيع العربي»، والمتطلع إلى شكل جديد يستند إلى الثقة الواعية وإدراك المسؤولية في صيانة المجتمعات، وإعادة الهيبة المستلبة إلى الفعل العربي الذي ارتهن بالضعف والخوار فترة طويلة. خطاب الملك عبدالله ببلاغته الثرية معنى ومبنى لا يستند إلى العاطفة، فالسعودية التي أنقذت مصر 30 يوليو ورفضت مقعد مجلس الأمن ونازعت حليفها التقليدي وانتصرت للشعب السوري، لا مكان فيها للعواطف لأن الفعل منشأها ومدارها، لذلك يعرف كل ذي شأن أن الخطاب له ما يتبعه ويدعم مضمونه، ومن يشك في ذلك فعليه أن يحاول المساس بمصر. «فخامة الأخ الرئيس: إننا نعلم بأنكم مقبلون على مرحلة لا يحسدكم عليها كل محب مخلص، وفي هذا المجال اسمحوا لي بأن أذكر نفسي وأخي الكريم بأن ميزان الحكم لا يستقيم إلا بضرب هامة الباطل بسيف عماده العدل، وصلابته الحق، لا ترجح فيه كفة الظلم متى ما استقام واستقر بعروة الله الوثقى، ولنحذر جميعاً بطانة السوء، فإنها تجمّل وجه الظلم القبيح، غير آبهة إلا بمصالحها الخاصة... هؤلاء هم أعوان الشيطان وجنده في الأرض».

مشاركة :