جمعة النعيمي (أبوظبي) أكد فضيلة الدكتور حميد عشاق، مدير مساعد بمؤسسة دار الحديث الحسنية في الرباط، أحد ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، خلال محاضرة بمجلس البطين أمس، أن حب الانتماء للوطن هو غريزة فطرية وضرورة شرعية، حيث جسّدها الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر من مكة إلى المدينة، حيث ازداد اشتياقه وحنينه إلى موطنه مكة المكرمة التي هاجر منها، وكان النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، شديد التلهُّف لسماع أخبارها. وأشار عشاق إلى أن كلمة وطن تتألف من 3 حروف، ولكن تحمل في طياتها معاني كبيرة تعجز اللغة عن تفسيرها وتوضيحها، مشيراً إلى أن الوطن غريزة تتعدى الإنسان إلى غيره من سائر المخلوقات، فالدين الإسلامي حثّ الإنسان المسلم على الحفاظ على الوطن والذود عنه والتفاني والتضحية والإخلاص تجاه الوطن دائماً وأبداً. وأوضح أن المواطنة الصالحة وحب الوطن تعد فطرة بشرية أقرها الإسلام، وجعلها من الركائز الأساسية في بناء المجتمعات، ومنهجاً واضحاً للعمل الصالح وفعل الخير والتلاحم بين أبناء المجتمع، حيث ضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أعظم الأمثال حين خرج من مكة مهاجراً، والتفت إليها وقال: «ما أطيبك من بلد وأحبك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك». ولفت إلى أن حب الوطن لا يرتبط فقط بالمشاعر، بل يعتبر مسؤولية كبيرة يتحملها كل فرد في وطنه، موضحاً أن المفهوم العام يستدعي وقوف جميع أفراد الوطن على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، قرر في وثيقة المدينة، «صحيفة المدينة» الدستور الذي تمت كتابته فور هجرة النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، وهو يعتبر أول دستور مدني في التاريخ، وقد أطنب فيه المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي، واعتبروه مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومعلماً من معالم مجدها السياسي والإنساني، والذي كان بمثابة منظم للعلاقات بين جميع طوائف وجماعات المدينة، وعلى رأسها المهاجرون والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، يتصدى بمقتضاه المسلمون واليهود وجميع الفصائل لأي عدوان خارجي على المدينة. وختم عشاق بالقول: «إن بناء مجتمع متلاحم ومتماسك له 3 معايير أساسية، تشمل 3 عبارات قرآنية هي: «تواصوا بالحق»، و«تواصوا بالصبر»، و«وتواصوا بالمرحمة»، حيث يتحتَّم على كل المواطنين القيام بها تجاه وطنهم.
مشاركة :