جمركة الكلام..

  • 6/5/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القانون لجام لمن لا لجام له. والقانون بنود تشريعية لضبط حركة المجتمع من الانفلات والاعتداء، وهي ملزمة توجب العقوبة لمن اقترفها، وفي حياتنا اليومية والتعاملية لا نتنبه بتاتا لتجاوزاتنا القانونية اللفظية، فنقترف أقوالا تستوجب العقوبة، حتى إذا طالتنا الدعوى حاولنا التنصل بحجة أننا لا نعلم بأن قولنا أو حديثنا يندرج تحت طائلة القانون. ويبدو أننا لم نستفد بتاتا من جلوسنا أمام الأفلام والمسلسلات التي تنقل لنا واقع مخترقي القوانين، كما أن جلنا يظن أن اختراق القانون مرتبط فقط بالأفعال، بينما (الكلام ليس عليه جمرك)، ولو جرب أحدنا انفلات لسانه في الغرب ــ كما هو حادث عندنا ــ لوجد أن الكلام يمكن له (يجمرك حياته) ويبقيه خلف القضبان لسنوات طويلة. أحد أصدقائي يعيش في فرنسا ذكر لي أن كثيرا من الجمل والتنابز الممارس لدينا يمكن له تغييب صاحبه في الزنازين، واقترح وسيلة تأديبية لأصحاب الألسن المنفلتة لدينا بجذبه لأي دولة من تلك الدول وتركه يجرب هل الكلام عليه جمرك أم لا. ومن يعيش في تلك الدول ولا يستطيع لجم لسانه سيعرف ميزة تواجده في بيئة تتجاوز عن سقطاته وعثرات لسانه ولا تشعره بفداحة ما يتفوه به، وهذا لا يعني أن ديننا لم يهتم بسقطات اللسان ومجازاة من يتفوه بما يضر الآخرين، وكلنا يقرأ الآيات والأحاديث الآمرة والمحذرة عن الإيذاء اللفظي، إلا أننا لا نلتزم بذلك. ولأننا نتعامل مع القانون باستهانة، فإن الأمر ذاته يحدث معنا حين نتعامل مع القضاء وأحكامه، وتغيب عنا قاعدة رئيسة بأن القضاء يمثل عين الحقيقة ولا انتقاد لحكم قضائي أو استخفاف بهيئة أو محكمة قضائية، فالأحكام القضائية يتم الطعن فيها داخل أروقة المحكمة وليس خارجها، فهناك مراحل تراتبية يلجأ إليها المتضرر للطعن في الحكم، حتى إذ أخذ الحكم صيغته النهائية أصبح ملزما، وكما نتعامل مع القوانين نتعامل مع القضاء، ولا نعرف أن تعاملنا المستخف قد يقودنا للسجن والتغليظ فيه. والآن، ونحن نعيش جميعا داخل مواقع التواصل الاجتماعي (انفلتت الألسن)، إذ تجد الكثير من المتحدثين يتورط في قضايا قانونية وقضائية من غير وعي حقيقي بالجرم المرتكب، ولهذا ولأننا حديثو عهد بالعقوبات اللفظية (المكتوبة في المواقع) يستوجب التوعية الدائمة بأن مخالفات النشر الإلكتروني يمكن أن تقود صاحبها للسجن، وأعتقد أن على الجهات المعنية تكثيف التوعية في هذا الجانب، وإن لم تحدث هذه التوعية، فقريبا سوف تجد المئات يقعون تحت طائلة القانون نتيجة الإيمان بأن الكلام ليس عليه

مشاركة :