يدلي البريطانيون بأصواتهم، اليوم الخميس، للاختيار بين الاستمرارية الممثلة بتيريزا ماي أو الثورة مع جيريمي كوربن، في انتخابات تشريعية مبكرة تجري وسط إجراءات أمنية مشددة وقبل المفاوضات حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. فتحت مراكز الاقتراع في الساعة السابعة على أن تغلق في الساعة 22,00 (06,00 إلى 21,00 بتوقيت جرينتش) في المملكة المتحدة التي هزتها ثلاثة اعتداءات أسفرت عن 35 قتيلا خلال أقل من ثلاثة أشهر. ومن المتوقع أن تعلن النتائج في عدد من الدوائر قبل الساعة 2300 بتوقيت جرينتش. فيما ينتظر إعلان نتائج الغالبية العظمى من الدوائر البالغ عددها 650 دائرة فيما بين الساعة 0200 و0500 بتوقيت جرينتش من صباح غد الجمعة. ولم تتحدث ماي مع الصحفيين عندما وصلت مبتسمة مع زوجها فيليب للإدلاء بصوتها في قرية سونينج على نهر التيمز في دائرة ميدينهيد الانتخابية. وابتسم جيرمي كوربين ابتسامة عريضة ورفع إبهامه للصحفيين وأعضاء حزبه في إشارة على الثقة عند إدلائه بصوته في إيسلينجتون بشمال لندن، وقال “أنا فخور جدا بحملتنا”. وقالت السلطات إنها ستفرض اجراءات أمنية “بالغة المرونة” في لندن ليتاح نشر قوات للشرطة بالسرعة القصوى، بعد خمسة أيام على اعتداء أسفر عن سقوط ثمانية قتلى في العاصمة البريطانية. ولن تصدر أي أرقام عن استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع قبل انتهاء التصويت. ويجري هذا الاقتراع الذي دعي أكثر من 47 مليون بريطاني للمشاركة فيه، قبل 3 سنوات من انتهاء ولاية رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي التي تأمل في تعزيز أغلبيتها في مجلس العموم لتتمكن من التفاوض من موقع قوة بشأن بريكست مع الدول الـ27 الأخرى في الاتحاد الأوروبي. وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المحافظين، لكنها تكشف عن تقلص الفارق بينهم وبين العماليين بقيادة جيريمي كوربن بمقدار النصف على الأقل، بعدما كان أكثر من عشرين نقطة عند الاعلان عن الانتخابات المبكرة في نيسان/ابريل الماضي. ويصعب معرفة تأثير الاعتداءات على الاقتراع. ويرى المحللون، أن المحافظين الذين يعتبرون “أكثر صلابة” في القضايا الأمنية يواجهون انتقادات لأنهم لم يتمكنوا من منع وقوع هذه الهجمات ولأنهم ألغوا 20 ألف وظيفة في أجهزة الشرطة منذ 2010. تفويض واضح يتجاوز رهان الانتخابات إلى حد كبير حدود البلاد بما أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يبدأ في أقرب وقت ممكن المفاوضات حول بريكست. وتأمل تيريزا ماي التي تولت رئاسة الحكومة خلفا لديفيد كاميرون بعد الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016، في تعزيز الأغلبية التي تتمتع بها في البرلمان بفارق 17 صوتا لتتجنب اي تمرد في معسكرها عند التفاوض حول بريكست “قاس”. وطلبت من الناخبين طوال حملتها “امنحوني تفويضا واضحا للتفاوض حول أفضل اتفاق ممكن للمملكة المتحدة”. أما خصمها العمالي جيريمي كوربن أحد أعمدة الجناح اليساري في حزب العمال ولم يشغل في الماضي أي منصب وزاري، فلا يشكك في “واقع بريكست”، لكنه يريد تبني موقف أكثر تصالحا مع المفوضية الاوروبية والمحافظة على منفذ إلى السوق الأوروبية الواحدة. ومع أن سبب التصويت هو بريكست الذي يشكل إحدى القضايا الرئيسية للبريطانيين، فقد غاب الموضوع عن المناظرات، وباستثناء الجدل حول المسؤول الأفضل لقيادة المفاوضات حول بريكست، لم يقدم كوربن ولا ماي رؤية مستقبلية للمرحلة التالية. وحدهم وسطيو الحزب الليبرالي الديموقراطي والقوميون الاسكتلنديون في الحزب الوطني الاسكتلندي وضعوا القضية في صلب الحملة. لكن الليبراليين الديموقراطيين لا يشغلون سوى نحو عشرة مقاعد، بينما الحزب الوطني الاسكتلندي هو حزب جهوي يبقى هدفه الرئيسي استقلال اسكتلندا. ضعيفة ومهتزة على الصعيد الوطني، تناولت الحملة التي سادها توتر وكانت قصيرة جدا وتخللتها اعتداءات، قضايا مثل الدفاع عن النظام الصحي الوطني الذي يعزز عادة موقع العماليين بقيادة كوربن. وبدا كوربن مرتاحا على الارض بعدما أدهش حزبه الذي حاول 80 % من نوابه الاطاحة به وهم على قناعة بان الحزب لا يملك أي فرصة للفوز اذا بقيى “جيز” على رأسه. وبرهن داعية السلام البالغ من العمر 68 عاما على براجماتية بدون أن يتردد في مهاجمة ماي في الملف الأمني مشيرا إلى الاقتطاعات التي فرضتها على ميزانية أجهزة الشرطة عندما كانت وزيرة للداخلية. من جهتها، واجهت ماي صعوبة في شحذ حماسة مؤيديها واكتفت بتكرار خطبها في تجمعات صغيرة. الساعات الأخيرة من الحملة الإنتخابية وفي الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية عاد كل من الزعيمين إلى رسالته الأصلية. فقالت ماي “إذا تفاوضنا بشكل صحيح على الخروج من الاتحاد الأوروبي فسنتمكن من بناء بريطانيا أكثر رخاء وأكثر أمنا”. وتسعى ماي، التي تولت رئاسة الوزراء دون انتخابات وسط حالة الاضطراب التي سادت بعد الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلى تفويض شخصي وأغلبية برلمانية أكبر من تلك التي ورثتها عن سلفها ديفيد كاميرون. واستندت حملتها إلى شعار “قيادة قوية ومستقرة” وقالت إنها الوحيدة التي يمكنها مواجهة زعماء دول الاتحاد الأوروبي والتوصل إلى اتفاق يعطي بريطانيا السيطرة على سياسات الهجرة مع ضمان شروط تفضيلية في التجارة. وتصور ماي كوربين باعتباره الزعيم الضعيف لحزب مسرف سيدمر الاقتصاد ويفسد الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي. ورد كوربين بأن سياسات التقشف التي ينتهجها حزب المحافظين منذ 2010 تضر بالفقراء وتعمق هوة التفاوتات الاجتماعية. أخبار ذات صلةحزب المحافظين بقيادة ماي يعزز صدارته في آخر استطلاع للرأي…بداية حذرة لأسهم أوروبا وسط اجتماع المركزي الأوروبي وانتخابات بريطانيافيديو| إجراءات أمنية مشددة في لندن لتأمين الانتخابات التشريعية
مشاركة :