فرانكفورت - لندن: «الشرق الأوسط» قفز المؤشر الرئيسي لبورصة «داكس» الألمانية فوق حاجز عشرة آلاف نقطة أمس، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيسه قبل نحو 26 عاما. وتراجع اليورو لأدنى مستوى له في أربعة أشهر، وذلك في أعقاب إعلان البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية وتقليص سعر الفائدة على الودائع إلى ما دون الصفر في محاولة للتصدي لخطر سقوط منطقة اليورو في دوامة انكماش أسعار، على غرار ما عانت منه اليابان. قال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي في مؤتمر صحافي في فرانكفورت: «في إطار سعينا لتحقيق استقرار الأسعار قررنا اليوم مجموعة من الإجراءات لتحقيق تيسير أكبر في السياسة النقدية ودعم الإقراض للاقتصاد الحقيقي». وأضاف: «أولا قررنا خفض سعر إعادة التمويل الرئيس في نظام اليورو بعشر نقاط أساس إلى 15.0 في المائة وسعر الإقراض الحدي 35 نقطة أساس إلى 40.0 في المائة وخفض البنك سعر الإيداع إلى 1.0 - في المائة». وهذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها البنك المركزي الأوروبي سعرا سلبيا للإيداع، وجاء ذلك استجابة لتراجع التضخم إلى مستوى أقل بكثير من الذي يستهدفه البنك المركزي. ومعنى خفض سعر الإيداع إلى 1.0 - أن البنك المركزي فعليا سيحصل أموالا من البنوك التي تودع أموالا لديه لمدة ليلة واحدة. ويحاول المركزي الأوروبي من خلال هذه الإجراءات مواجهة الانخفاض الشديد في نسبة التضخم، وهو الانخفاض الذي يعاني منه اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة، (اليورو)، منذ عدة أشهر. ويؤدي انخفاض معدل الفائدة إلى انخفاض سعر الحصول على قروض، وإلى زيادة الاستثمارات، وهو ما يمكن أن يحفز الاقتصاد ولكنه عادة ما يعزز التضخم أيضا. ومن المتوقع أن يؤدي فرض فائدة سلبية على الودائع إلى زيادة التضخم، حيث ينتظر أن يضعف اليورو مما يزيد من سعر الواردات. ويهدف مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي من وراء هذه الخطوة إلى دفع البنوك إلى عدم إيداع فائضها المالي لدى البنك المركزي الأوروبي وأن تمنح المصارف هذه الأموال الفائضة للأفراد والشركات على شكل قروض بدلا من إيداعه في البنك المركزي وهو ما من شأنه تعزيز الاستثمارات التي تؤدي بدورها إلى تحفيز الاقتصاد. وانخفضت نسبة التضخم في منطقة اليورو 5.0% في مايو (أيار) الماضي، أي أنها أقل بكثير من مستوى 0.2% الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي. وكان محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي قد قال الأسبوع الماضي: «لن نسمح بأن يظل التضخم في مستوى بالغ الانخفاض لفترة طويلة»، وذلك لأن انخفاض معدل التضخم يعزز القلق من حدوث كساد اقتصادي يتسبب في إحجام الأفراد والشركات عن شراء السلع والاستثمارات انتظارا لمزيد من انخفاض الأسعار وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى كبح الانتعاش الاقتصادي في أوروبا. ولم يستبعد ماريو دراجي أمس إطلاق برنامج للتيسير الكمي لشراء الأصول إذا كانت هناك حاجة إليه لدعم اقتصاد منطقة اليورو. وبحسب «رويترز» سئل دراجي في مؤتمر صحافي أمس الخميس، لماذا لم يتخذ «المركزي الأوروبي» قرارا بشأن برنامج أوسع لشراء الأصول؟ فأجاب قائلا عن الخطط التي أعلنها البنك: «نعتقد أنها حزمة مهمة.. هل انتهينا.. الإجابة لا لم ننته هنا. إذا كانت هناك حاجة - في إطار التفويض الذي لدينا - فإننا لم ننته هنا». وقال دراجي أيضا في بيان قرأه في بداية مؤتمره الصحافي إن المركزي الأوروبي مستعد لاتخاذ المزيد من الإجراءات بما في ذلك استخدام أدوات غير تقليدية عند الضرورة للتصدي لمخاطر استمرار التضخم المنخفض لفترة طويلة جدا. وقد رحبت الحكومة الفرنسية أمس بقرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية قائلة إن من شأنه أن يعطي دفعة لاقتصادها الراكد وللنمو في منطقة اليورو بوجه عام. وكانت فرنسا دعت الشهر الماضي إلى تغيير في السياسة النقدية وإلى إجراءات من المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي للمساعدة في خفض سعر اليورو، الذي تراجع لأدنى مستوى في أربعة أشهر أمام الدولار لدى إعلان المركزي الأوروبي إجراءات تيسير السياسة النقدية للتصدي لتهديد انكماش للأسعار. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للصحافيين في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لزعماء مجموعة السبع في بروكسل «البنك المركزي (الأوروبي) أدرك أن الخطر اليوم لا يكمن في التضخم وإنما في انكماش الأسعار». وقال ميشيل سابان وزير المالية الفرنسي: «هذه القرارات.. تقدم دعما مرحبا به للنمو في فرنسا ومنطقة اليورو». والصادرات الفرنسية أكثر تأثرا بسعر صرف اليورو من غيرها في منطقة العملة الأوروبية الموحدة - لا سيما ألمانيا - لأنها تنافس اعتمادا على السعر بدرجة أكبر من اعتمادها على القيمة المضافة المعروضة. ودعا هولاند الدول التي تتمتع بفوائض تجارية كبيرة - دون أن يذكر ألمانيا بالاسم - إلى البناء على الخطوات التي اتخذها المركزي الأوروبي ودعم الطلب المحلي. وأضاف الرئيس الاشتراكي أنه في حين أن البنوك تحتاج إلى دعم لضمان تدفق الائتمان إلى الاقتصاد الحقيقي إلا أنه ينبغي معاقبة المؤسسات المالية التي تتسبب في أضرار. ويواجه بنك «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي غرامة ضخمة محتملة تتعلق بانتهاك عقوبات أميركية.
مشاركة :