الدعاية القذرة: قطر تلجأ إلى جيوش إلكترونية لتشويه الخصومإغراق تويتر بجيوش من الحسابات الوهمية على خلفية الأزمة الخليجية وتردد تغريدات بعينها، مسألة تضع قطر في دائرة الاتهام خاصة أنها، وفق باحثين، ضليعة في هذا المجال. وسبق للسعودية أن فتحت قضية الحسابات الوهمية أكثر من مرة مؤكدة أنها تستخدم معرفات سعودية لكنها تغرد من خارج البلاد.العرب [نُشر في 2017/06/10، العدد: 10659، ص(18)]حسابات الخداع الرياض - تصدّر هاشتاغ “#أوامر_ملكية” فجر الجمعة موقع تويتر على الرغم من عدم صدور أوامر ملكية. وسرعان ما تفاعل السعوديون مع الهاشتاغ ليتصدر بشكل مفاجئ “الترند” السعودي على تويتر. وكان اللافت هيمنة حسابات بأسماء وهمية وبصور رمزية على أغلبية التغريدات. وقد اتضح أن الهاشتاغ وهمي تم ترويجه عبر حسابات منظمة تعمل في الموقع. وأوضح عدد من النشطاء عدم وجود أي معلومات حول صدور الأوامر الملكية الجمعة من الديوان الملكي السعودي أو وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” التي عادة ما تصدر توضيحا قبل صدور الأوامر بساعات، وهو ما حصل في آخر أوامر ملكية أصدرها الملك سلمان في أبريل الماضي. وسبق أن حذّرت وزارة الداخلية السعودية من أن “هناك الآلاف من الحسابات الوهمية التي تعمل بشكل منظم وتدار من خارج السعودية، بهدف الإساءة إليها وإثارة الشائعات حولها عبر إنشاء وسوم معينة والتغريد بكثرة فيها، للإيحاء بحقيقة محتواها”. كما حذّر مختصون، من الحسابات الوهمية التي تستتر بأسماء سعودية، محاولة الإيحاء بأن صاحب الحساب المعرف مواطن سعودي. وذكر تقرير لصحيفة “عكاظ” السعودية قبل أيام أن “حكومة قطر حوّلت مؤسسات إعلام عربية ودولية إلى أفاٍع تبث سمومها في جسدي الأمتين العربية والإسلامية، ثم انتقلت لبث سمومها في مواقع التواصل الاجتماعي عبر العشرات من الحسابات التي تعرّف نفسها بأنها سعودية، إلا أنها تدافع عن قطر”. وأظهر الرصد الذي أجرته الصحيفة، تشابهاً كبيرًا بين المعرفات التي تهاجم السعودية منذ أعوام وتحاول نشر الإحباط في الشارع السعودي. وتجندت هذه الحسابات للدفاع عن قطر منذ الليلة التي أطلق فيها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد تصريحاته التي هاجم خلالها دول الخليج وامتدح إيران، ووصف ميليشيات حزب الله “بالمقاومة”، واعتبر حركة حماس “الممثل الشرعي للفلسطينيين”.أساليب مفضوحة وبينت الصحيفة أنه اتضح جليًا بعد التدقيق في محتوى التغريدات أن هذه المعرفات تمثل توجهًا واضحًا، ومهمتها الأساسية التركيز على مهاجمة السعودية والدفاع عن قطر وتصريحات أميرها، ومهاجمة قناة العربية والدفاع عن قناة الجزيرة القطرية، علاوة على المشاركة في الهاشتاغات المسيئة للسعودية. كما تعمل الحسابات الوهمية على إعادة التغريدات للحسابات القطرية والإخوانية التي تهاجم السعودية. وتم رصد حسابات تقوم بطريقة ممنهجة بنشر ما يعادل 90 تغريدة مسيئة للسعودية في الدقيقة الواحدة، أي نحو 130 ألف تغريدة مسيئة يوميا. وقال المحلل السياسي والمتخصص في الشأن الإيراني، أحمد البحيري، لقناة الإخبارية السعودية إن قطر رصدت ملياري دولار لتنشيط حسابات وهمية بمواقع التواصل لدعم موقفها. وأشار البحيري إلى أن الحسابات الوهمية القطرية بمواقع التواصل، رفعت تنظيمات إرهابية وعزّزت توجهات البعض من الدول والزعماء. وأضاف البحيري أن الحسابات الوهمية القطرية سبق أن جعلت من الإرهابيين مجاهدين وثوريين. من جانبه غرد الأكاديمي الإماراتي علي النعيمي على حسابه الرسمي على تويتر “قامت المخابرات القطرية بإنشاء حسابات بأسماء سعودية وإماراتية للدفاع عنها فالحذر الحذر”. وكانت السعودية فتحت أكثر من مرة قضية الحسابات الوهمية على موقع تويتر آخرها العام الماضي. وتواجه السلطات الأمنية صعوبة في السيطرة على الوضع، إذ أن أغلب الحسابات الوهمية تدار من خارج السعودية وعبر شبكات منظمة ومدعومة من مؤسسات خارجية. ويؤكد خبراء ضرورة إيجاد حملة اجتماعية تركز على وقف تداول الشائعات بين أفراد المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك وقف استقاء الأخبار من المصادر المشبوهة. وتؤكد دراسات متخصصة أن نسبة انتشار تويتر بين مستخدمي الإنترنت في السعودية تعتبر الأعلى في العالم، ويرسل السعوديون ومن يقيم على أرضهم 500 مليون تغريدة شهريا.تأثير البوتات على السياسة والمجال العام قد بدأ للتو وسيتكشف المزيد منه خلال الفترة المقبلة وتكمن خطورة الحسابات الوهمية خاصة في إيهام متصفح الهاشتاغ عبر هذه التغريدات أن هناك رأياً قوياً يحمله عدد كبير من الناس بينما الحقيقة تقول إن صاحب هذه الحسابات هو شخص واحد أو مؤسسة أو جهة واحدة، بالإضاقة إلى المساهمة في إحجام المغردين عن التغريد بأفكار تخالف هذا التوجه العام وشبه السائد في هذا الهاشتاغ. وكان باحثون أميركيون في جامعة جنوب كاليفورنيا كشفوا في مارس الماضي أن حوالي 48 مليون حساب ناشط من أصل 319 مليون مستخدم في تويتر ليسوا حقيقيين. وطبقا لنتائج البحث فإن نسبة كبيرة من الحسابات على تويتر، تتراوح بين 9 بالمئة إلى 15 بالمئة هي حسابات وهمية. وتعمل الحسابات الوهمية على إغراق الهاشتاغات بتغريدات متتابعة ومتنوعة تدور حول فكرة واحدة واتجاه واحد، وإعادة تكرارها خلال اليوم والأسبوع من حسابات مختلفة بإشراك حسابات وهمية هائلة. وفي 2015، أقرّ الرئيس التنفيذي لموقع تويتر ديك كوستولو بأن الشركة المسؤولة عن موقع التواصل الشهير أخفقت في التعامل مع الإساءات والحسابات الوهمية. وقال في رسالة إلى العاملين بالشركة، سربت إلى موقع فيرج المعني بأخبار التكنولوجيا، إن مثل هذه الممارسات أسهمت في إبعاد المستخدمين عن الموقع بشكل كبير. وأضاف “لقد أخفقنا لأعوام في التعامل مع الإساءات والحسابات الوهمية على الموقع”. وأردف “الأمر ليس سرا فهو محور حديث بين الناس فنحن نخسر مستخدما تلو الآخر بسبب الفشل في التعامل مع مشاكل الحسابات الوهمية التي يواجهونها يوميا”. يذكر أنه يمكن لأي شخص لديه بضع ساعات من الفراغ إنشاء بوت تويتر بحيث لا يظهر كإنساني وحسب، ولكن، وفقا لأفضل الأدوات المتوفرة في الوقت الراهن، فسيظهر كيانا أكثر تأثيراً من الناس الفعليين. وباتت تجارة الحسابات الوهمية تجارة رائجة تدرّ الملايين من الدولارات. ويقول رئيس العلماء في شركة ليثيوم للتكنولوجيا مايكل وو الذي كان يحاول أن يفهم التأثير الاجتماعي في هذه الشبكات “مؤمّنو هذه الخدمات ليس لديهم تدابير جيدة لتحديد التأثير الحقيقي بدقة. ما يعثرون عليه هو نوع من التأثير، لكنه في كثير من الأحيان ليس النوع الذي يريدون”.وتتفوق البوتات على المستخدمين البشر بميزتين؛ الأولى حجمها الهائل، والثانية استفادتها من البيانات. ويتوازى تطور تقنيات اكتشاف الحسابات الآلية مع تطور البوتات نفسها، وبعضها ينجح إلى حدٍ كبير في محاكاة المستخدمين البشر، ويستهدف بعضها الأشخاص وفقًا لأساليبهم وما ينشرونه، وبالتالي تتزايد فرص نجاحها في خداع الكثير من المستخدمين. كما يُمكن برمجة البوتات لتنتج بوتات أخرى تنخرط في شبكات تُسمى botnet، ما يعني إمكانية استخدام أو شراء جيوش منها بمبلغ زهيد لإحداث التأثير المرجو. وتتخطى بوتات الإنترنت حدود الدول والثقافات وتُزوّر انطباعات بالغضب العام حيال أمر بعينه وتضر بمرشحين سياسيين بل بدول كاملة. وفي الواقع فإن تأثيرها على السياسة والمجال العام قد بدأ للتو وسيتكشف المزيد منه خلال الفترة المُقبلة.
مشاركة :