دافع رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال الخميس أمام البرلمان عن خيار الحكومة باستغلال الغاز الصخري بالرغم من مخاوف الخبراء من التلوث، معتبراً أن ذلك يعزّز مكانة الجزائر كقوة طاقة. وقال سلال في رده على نواب المجلس الشعبي الوطني: "يجب الثقة في الحكومة بأنها ستأخذ كل الاحتياطات اللازمة ونحن نستعمل تقنيات جديدة تمنع تلويث المياه الجوفية". وتابع "أما بخصوص المواد الكيميائية فيجب أن تعلموا أن المواد المستخدمة ليست بالخطر الذي يتم الحديث عنه، فبعض هذه المواد تستخدم في صناعة حفاظات الأطفال". وكشف رئيس الوزراء -وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية- أن شركة النفط والغاز العمومية "سوناطراك" سبق أن قامت بحفر استكشافي عمودي بعمق 1200 متر. وأضاف "في الأشهر المقبلة ستقوم "سوناطراك" بالتعاون مع خبراء (أجانب) بتنقيب آخر؛ بحفر عمودي بعمق 1200 متر وأفقي بعرض 1200متر أيضاً". ونفى سلال توقيع الجزائر أو "سوناطراك" "أي عقد مع أي شركة لاستغلال الغاز الصخري" وذلك رداً على معلومات أوردتها وسائل الإعلام حول عزم شركة "جي دي اف" الفرنسية العملاقة البدء في استكشاف الغاز الصخري في ستة بلدان منها الجزائر. وعاد سلال للتذكير بأن استغلال الغاز الصخري "لا مفر منه" لأن "الجزائر قوة طاقوية، وهي تستمد قوتها من الطاقة، فماذا سيبقى لنا إذا تخلينا عنها". وبمجرد إعلان قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 21 أيار (مايو) بدأ المعارضون من خبراء وجمعيات حماية البيئة بالتحرك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن "القرار متسرع ولا يأخذ في الحسبان كافة المخاطر". وصادق نواب المجلس الشعبي الوطني الذين حضروا الجلسة وعددهم 341 من أصل 462 بالأغلبية على برنامج الحكومة، بينما صوّت النواب الإسلاميون المنضوون تحت كتلة الجزائر الخضراء (49 نائباً) ضد البرنامج. وحذَّر الخبراء من عواقب الضوء الأخضر الذي أعطاه مجلس الوزراء لاستغلال الغاز الصخري بالجزائر، بينما ترى الحكومة أن اللجوء إلى هذا الخيار ضرورة ملحة في أفق 2030م في ظل تراجع احتياطات البلاد من الغاز التقليدي. وقرّرت الجزائر البدء باستغلال الغاز الصخري باعتبارها تملك ثالث احتياطي عالمي يقارب 20 ألف مليار متر مكعب، أي خمس مرات احتياطي الغاز التقليدي المقدر بأربعة آلاف مليار متر مكعب. أما احتياطي النفط فيبلغ نحو 12 مليار برميل، بحسب رئيس الوزراء عبد المالك سلال. وبمجرد إعلان قرار الحكومة بدأ المعارضون لهذا الخيار بالتحرك عبر مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أن "القرار اتخذ بشكل عشوائي" وأن ذلك "جريمة في حق الأجيال القادمة" وأن القرار "خطر" يتطلب "استشارة شعبية". وبالنسبة للمدير التنفيذي الأسبق لشركة النفط والغاز العمومية "سوناطراك نزيم زويوش" فإن "القرار متسرع ولا يأخذ في الحسبان كافة المخاطر". وتعليمات بوتفليقة بضرورة الحرص على احترام البيئة في عمليتي الاستكشاف واستخراج الغاز الصخري، لم تقض على كل القلق بهذا الشأن. وعارض شمس الدين شيتور مدير مخبر تطوير الطاقات الأحفورية في المدرسة المتعدّدة التقنيات، الطريقة التي يتم بها استخراج الغاز الصخري والمتمثّلة في استخدام الماء والمواد الكيميائية. وحذّر من أن "بعض المواد الكيميائية المستخدمة مسرطنة. وسيكون حتماً هناك تسربات في المياه الجوفية. ولا يمكن القول إنه لا يوجد أي خطر". وفي بلد يعد شبه صحراوي فإن "الوصول إلى بئر من الغاز الصخري يتطلب استخدام 15 إلى 20 مليون متر مكعب من الماء وأطنان من الرمال إضافة إلى مواد خطرة على الصحة والبيئة". وطلب منير بن شارف منسق جمعية تنشط في مجال الحفاظ على البيئة بـ"استفتاء شعبي باعتبار القرار أهم من أن تتخذه الحكومة والنواب وحدهم" مشيراً إلى ضرورة إدراج "الحق في البيئة" في الدستور الجديد الذي تجري مشاورات حول تعديله.
مشاركة :