تراجعت الجزائر عن قرارات وصفتها سابقاً بـ «السيادية» وأخرى كان من شأنها أن تحدث تغييرات في قطاعات استراتيجية، على أمل بإنقاذ خزينة البلاد. وأُعلنت رسمياً العودة إلى مشروع احتياطي البلاد من الغاز الصخري، بعد سنتين من تجميده إثر احتجاجات عارمة في محافظات جنوبية، وذلك بموازاة الكشف عن خطة لتعديل قانون المحروقات بسبب «عزوف شركات دولية عن المشاركة في مناقصات تعرضها الحكومة». وأعلنت الجزائر عن مشروع لتعديل قانون المحروقات والعودة إلى مشروع استغلال الغاز الصخري، بينما تراجع الرئيــس عبــدالعزيز بوتفليقة عن تعديل القانون المنظم لســــوق النفط في البلاد قبل نحو 10 سنـــوات بعد اعتراضات ســياسية كـــبيرة وتـــدخـــل وزيــر الداخلية حينها نور الدين يزيد زرهوني بتبريرات أمنية دفعت الرئيس إلى إلغاء التــعديلات، لتعود الجزائر مجدداً إلى صيغة التعديل الأولى بسبب ضغوط مالية. وأفاد وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيتوني بأن تعديل قانون المحروقات الحالي «يهدف إلى وضع حد لإشكالية عدم جدوى المناقصات الدولية التي طرحتها الجزائر للبحث والتنقيب عن النفط». وكان وزير الطاقة يتحدث أمام وفد من رجال الأعمال الأميركيين في إشارة واضحة إلى إمكان تعديل المواد «السيادية» التي تتحكم في الشراكة مع مؤسسات دولية. وسارعت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أمس، إلى رفض مشروع التعديل. وقالت: «إن تضمن المشروع فقدان الجزائر لسيادتها أمام مؤسسات النفط العالمية فنحن نرفض فكرة التعديل وسنقف ضدها». وصرح رئيس الحكومة أحمد أويحيى من وهران التي زارها منذ يومين أن «النفط سيبقى المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني وسترافق الحكومة شركة سوناطراك لتنشيط مشاريعه»، مضيفاً أن «الحكومة تشجع الاستثمار في مجال المحروقات لا سيما الصخرية منها لأنه سيضمن الاستمرار في ترقية المداخيل الوطنية في مجال الطاقة ويجلب لنا مستثمرين أجانب». وتستفيد الحكومة من خطاب «الصدمة» الذي يردده أويحيى منذ توليه منصبه، ما قد يزيل من أمامه بعض العراقيل. ويقدم أويحيى خطته على أساس أنها المسلك الوحيد للنجاة من إفلاس تام للدولة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بما في ذلك عدم قدرة الخزينة على سداد أجور الموظفين. وعلى رغم تراجع الرئاسة عن خطة استغلال الغاز الصخري، منذ سنتين، عادت إلى طرح الفكرة بصيغة الخطة المستعجلة. وناهض المشروع في عامَي 2014 و2015 آلاف المحتجين في الجنوب، قبل أن تعلن الرئاسة في كانون الثاني (يناير) 2015 بأن بوتفليقة وافق على مطلب المحتجين تجميد خطط استغلال الغاز الصخري، بعد تلقيه اقتراحاً بذلك من قبل مدير عام الأمن اللواء عبدالغني هامل. وكان آلاف من المحتجين نفذوا اعتصامات في ساحات عامة في محافظة عين صالح التي تبعد مئات الكيلومترات من موقع كان يُفترض استغلال غازه الصخري، وتحتوي المنطقة على أكبر خزان مائي باطني في الجزائر ما عزز موقف المحتجين في حينه، إثر تخوف من إمكان تضرر المخزون بيئياً.
مشاركة :