مكة المكرمة ( صدى ) : أوضح فضيلة إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الشيخ صالح بن محمد آل طالب أن مفهوم الأسرة في الإسلام يتميز عن بقية المفاهيم فالأسرة وحدة اجتماعية ممتدة تتكون من منها لبنات المجتمع المسلم وهي نواة أسست على بر وإيمان والتزام ووفاء دلت عليه آية الكتاب وتوجيهات الرسول الكريم، إنها منظومة عني الإسلام بأصل تأسيسها منذ أن حث على الزواج ورغب في النكاح وحسن الاختيار بين الزوجين وآداب الخطبة والنكاح وحسن العشرة والقوامة والوفاء بالحقوق والواجبات. وبين فضيلته في خطبة الجمعة اليوم بالحرم المكي أن الأسرة تمتد لتشمل وحدات مترابطة تضمن الأقارب والأرحام وتراقب ذاتها في سلوك أفرادها والتزامهم المبادئ والقيم في توريث للخير ورعاية لنبت الصلاح في أرض الأسرة المورقة يذكي ذلك التوجيه بصلة الأرحام وحسن التربية والرعاية الصحية والجسدية والغذائية والسكن وتوفير للحب والعطف والرحمة والراحة النفسية لكل الأفراد مهما كان موقعهم من الأسرة كما يلتزم الوالدان بتقديم العلوم الضرورية والخبرات الكافية لمن تحت أيديهم عن دينهم وتعاليمه وكل ما يؤدي بهم لأن يكونوا أفرادا صالحين وعبيدا لرب العالمين مع تهيئتهم لمعيشة كريمة في هذه الحياة. وأفاد فضيلته أن الحديث عن الزواج وتكوين الأسر مع إقبال موسم تكثر فيه مناسباته حديث ذو شجون وأكثر ما يشجي فيه ويؤلم كثرة الفشل فيه وتفشي المشكلات الزوجية وارتفاع نسب معدلات الطلاق، مما يكدر الفرح بكثرة الزواجات ويستدعي نظرة أهل العلم والفكر وتنبه أصحاب الرأي والقرار كما أن على رجالات التربية والتعليم أن يبذلوا مزيد عناية في هذا الجانب للبنين والبنات، ويتحمل الإعلام واجبا كبيرا ومسؤولية أخلاقية تجاه ذلك، كما أن على الأولياء مسؤولية عظيمة تجاه الخاطب. وأضاف فضيلته أن الزواج أمر إلهي وحض نبوي وسنة المرسلين وأن ميزان السعادة في الاختيار هو توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. ولفت النظر إلى أن إشاعة أجواء الأمان والعاطفة من علامات الزواج الناجح سيما وقد توعد الشيطان بإغواء بني آدم والعمل على التفريق بين المرء وزوجه. ودعا فضيلة إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الزوجين إلى مواصلة ما بينهما وبين الله ليصل الله بينهما، مفيداً أن تأليف القلوب ليس بالأثاث والملبوسات ومجرد الكلمات والعبارات وإن كانت أسبابها مطلوبة مرغوبة لكن الألفة من الله والحب عطاء منه مشيرا إلى أن الهدية مفتاح القلوب بها تستجلب المحبة وتعزز المودة وتدرأ بها الضغينة. وحث الشيخ آل طالب الزوجين على تجنب المراء والجدال وإحسان الأقوال بينهما والتحاور باللطف وعدم المجادلة لأن كثرتها تقل الحب والسعادة، لافتا النظر إلى أن الحياة الزوجية ليست مسلسلاً من المواقف العاطفية والأحلام الوردية، وأنه قد يختلف الزوجان وهذه سنة الحياة وطبيعة البشر إلا أن البيت الصالح المؤسس على التقوى والذي عرف فيه الزوجان ما لهما وما عليهما لا يتأثر سلبا بالخلاف بل يزيد ذلك تمسكا ويكسبه إدراكا ووعيا فيصلح الخطأ وتسد أبواب الشر. وبين فضيلته أن الاحترام المتبادل من أقوى علامات الاستقرار الأسري ومن دعائم تثبيته، يجب أن تعرف المرأة قدر زوجها وفضله ومكانته في البيت، كما يقدر الرجل وضع المرأة ويعاملها كشريك حياة ، وكل إحسان يقدمه أحد الزوجين فإنه يصنع به السعادة لنفسه قبل شريكه إلى جانب التغافل وغض الطرف عن بعض الهفوات مطلب أساسي في استقرار الأسرة لأن الحياة الزوجية مبنية على التلقائية وعدم التكلفة، موضحاً أن من كيد الشيطان ما علق بالناس من لوثات الأفلام والمسلسلات والقنوات التي أورثت ركاماً هائلاً من التصورات الخاطئة عن الحياة الزوجية وأفسدت أخلاق الناس. وأوضح فضيلته أن بعض الأعراس أحيطت بهالة من التكاليف والمبالغات والمنكرات والمخالفات وتضخمت المباهاة حتى تجاوزت مقدار المهر أضعافا وترك القياد فيها للنساء وللسفهاء، مبينا أن الاختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم وجلب المغنين والمغنيات بآلات الطرب والمعازف المحرمة وتضييع الصلوات وتساهل النساء في كشف العورات والتعري في لباس الحفلات والتصوير العلني والخفي كل ذلك يعد كفراً بالنعمة وتمرداً وبطراً.
مشاركة :