كشفت وثائق خصوصاً بوحدة التعاون الدولي بوزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية، عن حجم الدعم الذي قدّمته الدوحة للإعلام الإخواني إبان حكم التنظيم الإرهابي لمصر، من أجل تنفيذ مخططات قطر في مصر. ورصد محللون ومنشقون عن التنظيم الإخواني في السياق ذاته، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، استراتيجية وأهداف الدوحة من ذلك التمويل، والآليات اذي تم تقديمه من خلالها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وأظهرت إحدى الوثائق المسربة، التي ترجع تاريخها إلى فبراير 2013، تعليمات من رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لوزير الثقافة القطري بتخصيص مبالغ مالية لدعم المؤسسات الإعلامية والثقافية المصرية وإعطاء منح وهبات ومكافآت إلى بعض الإعلاميين والنشطاء العاملين بالصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون وكذا مواقع التواصل الاجتماعي وأصحاب المدونات في مصر. وتصل قيمة ذلك الدعم إلى نحو 200 مليون دولار. الدعم الإعلامي لتنظيم الإخوان الإرهابي في مصر وأذرعه لم يكن وليد التطورات السياسية التي شهدتها مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أو خلال عام حكم الإخوان لمصر وما بعد سقوطهم في 2013، فحسبما يؤكد نائب مرشد الإخوان السابق (المنشق عن التنظيم) د.محمد حبيب، فإن الدعم القطري الإعلامي للإخوان كان منذ قبل ثورة يناير، في غمار الدعم الذي تقدمه الدوحة للتنظيم بصفة عامة، إذ حرصت الدوحة دائماً على إفراد مساحات واسعة لعرض منهج الإخوان والترويج له. ويوضح - في تصريح خاص لـ«البيان» - أن دعم الدوحة للإخوان لم ينقطع، وفي عام حكم الإخوان دعمت قطر الإعلام الإخوانجي الذي كان يقوم بدور واسع في إبراز الدور الذي تقوم به الجماعة تجاه مصر. مشددا على أن قيمة الدعم الذي حصل عليه التنظيم منذ ما بعد ثورة يناير وحتى بعد سقوط حكم الإخوان غير معروف بالنسبة له تحديدا، لكنه وصفه بالدعم الكبير الذي لم يتوقف. بينما يوضح المحامي المصري طارق محمود - في تصريح لـ«البيان» - أن قيمة ذلك التمويل القطري للإعلام الإخواني تصل بالفعل إلى نحو ما يقارب الـ200 مليون دولار، حصل عليها إعلاميون وصحافيون بتمويل من المخابرات القطرية، من أجل اختراق الأمن القومي المصري والتدخل الكامل ونشر ما يصب في صالح دعم تنظيم الإخوان والمخططات القطرية التركية. وتكشف وثيقة أخرى عن تعليمات أصدرها وزير الثقافة والفنون والتراث في قطر برفع سقف المنح والهبات المقدمة للمؤسسات الإعلامية والثقافية المصرية بنسبة 50 في المئة اعتباراً من العام المالي 2013/2014، وبنسبة 100 في المئة بالنسبة للإعلاميين بالصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي وأصحاب المدونات والنشطاء السياسيين بمصر. كما كشفت الوثيقة ذاتها عن استثناء بعض الأسماء من تلك القيمة، ووضعهم في كشوف خصوصاً، واعتماد نسبة زيادة 150% بأثر رجعي اعتبارا من العام 2012/2013. وبدوره، يتحدث الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المنشق عن التنظيم الإخواني طارق أبو السعد، عن أهداف واستراتيجية قطر في إدارة ذلك التمويل الذي منحته لتنظيم الإخوان على الصعيد الإعلامي، سواء من خلال دعم منصات إعلامية إخوانية أو من خلال دعم الإخوان إعلاميا بإفراد المساحات لهم وتبني وجهة نظرهم والترويج لها لاسيما في قناة الجزيرة. ويقول أبو السعد لـ«البيان» إنه وفق المعلومات المتوافرة لديه فإن قناة «25» الإخوانية كانت مدعومة بشكل كامل ماليا وإجرائيا وإداريا من قبل الدوحة، وأمدت قطر القناة الناطقة باسم الإخوان خلال فترة حكم التنظيم الإرهابي لمصر بمعدات حديثة، وأجهزة تصوير متقدمة. مشددا على أن التمويل القطري للإعلام الإخواني كان يأتي في صورة مباشرة أو غير مباشرة، المباشرة مثل الدعم الذي حصلت عليه قناة «25» الإخوانية، وغير المباشرة على غرار استكتاب واستقطاب عناصر وشخصيات إعلامية للكتابة والترويج للإخوان سواء في مؤسسات إعلامية قطرية أو مؤسسات ممولة من قطر. ولم تكن الدوحة من خلال ذلك الدعم ساعية فقط من أجل الترويج للإخوان وتثبيت أقدامهم في حكم مصر، إلا أن أهدافا أخرى كانت تسعى إليها وراء ذلك الدعم، على رأسها دعم المشروع القطري التركي والخاص بدعم وإضفاء الشرعية على الحركات المسلحة في ليبيا وسوريا، وخلق رأي عام مصري داعم لذلك التوجه، حسبما يؤكد أبو السعد، الذي يوضح في معرض تصريحاته لـ«البيان» أن الإعلام الإخواني خلال فترة حكم التنظيم لمصر وبدعم من قطر كان يركز جل جهوده على الترويج لتلك الفصائل المسلحة، وقد حاول تشويش المصريين. وتواصل الدعم القطري للإعلام الإخواني حتى بعد العام 2013 الذي شهد في منتصفه سقوط حكم الإخوان، وكانت الاستراتيجية القطرية في توجيه الإعلام الإخواني الذي تموله ترتكز على ثلاث معالجات رئيسية، أولها نفي الشرعية عن النظام الحاكم في مصر بعد سقوط مرسي، وثانيها الترويج إلى أن هنالك عنفا في مصر يقوم به النظام، وأخيرا الترويج لوجود ضيق في الحياة في مصر بزعمهم فشل النظام الحاكم.
مشاركة :