تدخل بريطانيا مرحلة صعبة لم يستطع سياسيوها التأقلم معها في وقت استطاعت فرنسا التقاط أنفاسها والتأسيس لمرحلة سياسية جديدة بعد انتصار ايمانويل ماكرون على اليمينية مارين لوبن. ما كشفته الانتخابات الرئاسية الفرنسية انّ البلد قادر على مباشرة إصلاحات سياسية في العمق بدءا بإيصال رجل من نوع ماكرون الى موقع رئيس الجمهورية. تكمن اهمّية ماكرون، الذي كان الى ما قبل فترة قصيرة اشتراكيا، في انّه تجاوز صيغة اليمين واليسار في عالم تتغيّر فيه كل الأصول والقواعد التي تتحكم بالحياة السياسية بسرعة كبيرة. من كان يصدّق ان دونالد ترامب سيصبح رئيسا لاميركا وان يهزم كلّ تلك الشخصيات التي تنتمي الى الحزب الجمهوري، الذي لا ينتمي اليه أصلا، فضلا عن هيلاري كلينتون؟ اعادت تيريزا ماي تشكيل الحكومة البريطانية. احتفظت بالشخصيات البارزة التي كانت في حكومتها السابقة بدءا بوزير الخارجية بوريس جونسون ووزير المال فيليب هاموند ووزيرة الداخلية آمبر رود ووزير الدفاع مايكل فالون، إضافة الى الوزير المكلّف تنفيذ الخروج من الاتحاد الاوروبي ديفيد ديفيس. حسنا، ستخرج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. لكن الانتخابات الأخيرة كشفت ان هناك ازمة عميقة يعاني منها بلد صوت فيه المستفيدون من الانتماء الى الاتحاد الاوروبي مع الخروج منه. كذلك، استطاع، بعد سنة من ذلك، سياسي ينتمي الى يسار حزب العمّال إعادة الحياة الى حزب كان على زعيمه توني بلير ان يغيّر اسمه الى حزب "العمّال الجديد" كي يستطيع الفوز في انتخابات العام 1997 بعد سنوات طويلة من سيطرة المحافظين على الحياة السياسية في المملكة المتحدة. لا يمكن لبريطانيا الّا ان تتغيّر. هناك أمور غير مفهومة تجري في المملكة، من بينها العمليات الإرهابية الأخيرة وطريقة التعاطي معها. لم يعد مفهوما ايضا كيف تخرجها مجرّد اشاعات من نوع ان "المهاجرين سيجتاحون البلد" من الاتحاد الاوروبي وان تكون تيريزا ماي في وضع يسمح لها باكتساح حزب العمال وتدميره نهائيا ثم يحل موعد الانتخابات بعد ست أسابيع وتجد نفسها في منافسة حادة مع شخص يشكل خطرا عاما على اقتصاد البلد! خيرالله خيرالله
مشاركة :