مصيرنا واحد وشعبنا واحد... يعيش... يعيش... فليعيش... الله أكبر يا خليج ضمّنا... بهذه الكلمات بدأت أغنية «أنا الخليجي» التي أبدعت في غنائها فرقة التلفزيون عام 1984 بمناسبة انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت.لم تخطئ هذا الكلمات في تصوير الحالة الخليجية أبداً، فشعوب دول الخليج كلها من دون استثناء، إما أبناء عم أو خال أو يجمعهم رابط النسب، والموقع الجغرافي لدولنا بالتأكيد يجعل المصير واحداً، وأكبر دليل هو ما حدث أثناء الغزو العراقي للكويت بمحاولة احتلال الخفجي وضرب الرياض بصواريخ «السكود»؛ ولا ننسى أبداً وحدة دول مجلس التعاون في ذلك الوقت على الرغم من وجود خلافات كبيرة سبقت أزمة الاحتلال.اليوم نحن نتابع بأسف ما يحدث بين دول الخليج من خلاف قد تطور بشكل سريع وملفت ليصل لمرحلة قطع العلاقات وإغلاق الحدود واجبار المواطنين على مغادرة هذه الدولة او تلك، أما أخطر ما حدث ويحدث هو انتقال هذا الخلاف السياسي بين حكومات الدول إلى خلاف بين شعوبها نراه يومياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الشتم أو التخوين لبعضنا البعض؛ فهذا يشتم قطر وذاك يخوّن الامارات وذلك يترحّم على الطاغية صدّام!إن الأزمات والخلافات بين حكومات الدول ليست أمراً جديداً، فقد سبق أن حدثت أكثر من أزمة بين دول مجلس التعاون، آخرها كان عام 2014 بين قطر والمملكة العربية السعودية؛ حينها لعبت الكويت دور الوساطة لينتهي ذلك الخلاف، كما ستنتهي الأزمة الحالية عاجلاً أم آجلاً، فالخلاف السياسي لا يدوم للأبد، ولكن الخطر هو انجرار الشعوب لهذا الخلاف؛ وزرع الحقد والكراهية بين شعوبنا، على الرغم من تغييب الشعوب عن الحقائق والمعلومات وتهميش دورها في اتخاذ القرارات ووضع السياسات الخارجية، ناهيك عن تحميلهم تبعات ما يحدث... فهل من الحكمة أن نورط شعوبنا في هذا الصراع في ظل وضع إقليمي خطر بسبب الحروب وانتشار الإرهاب؟الحقيقة انا لم اكتب هذا المقال لأناقش الازمة الخليجية وأسبابها والسبل لحلها، فأنا كغيري من مواطني دول مجلس التعاون لا اعرف الأسباب «الحقيقية» لهذه الأزمة، وليس لي مصدر معلومات سوى وسائل الإعلام المملوكة لحكومات الدول المتنازعة، ولكنني اكتب لأنني أعلم أن المتضرر الأكبر هو شعوبنا، فكم من أسرة ستحرم من صلة أرحامها والتواصل مع أبناء عمومتها؟ وكم طالب سيضحي بمستقبله بسبب هذه الأزمة التي لا يعلم المواطن حقيقة أسبابها؟في الختام، علينا كشعوب أن نتوحد لا أن نقتتل في ما بيننا، وأن نتذكر بأن الشعوب مهمشة ومغيبة سياسياً في دولنا، والخلاف السياسي بين حكومات الدول سينتهي يوماً ما، بينما الحقد والكراهية بين الشعوب يستمران، كما أننا نعيش في إقليم مضطرب يحتاج تقوية جبهتنا الداخلية، لذلك يجب أن نتذكر دائما بأن «مصيرنا واحد وشعبنا واحد».dr.hamad.alansari@gmail.comtwitter: @h_alansari
مشاركة :