تكشف تجاذبات الأزمة القطرية المتشعبة عن ستاتيكو أبعد ما يكون عن زوبعة في فنجان ظنت الدوحة أنه يمكن لفلفتها بمناشدة أممية، أو تظلم أو إمعان في التعنت، وسط أحاديث عن نوع من الإذعان الدوحوي سعياً لتسوية تحفظ ماء الوجه. فبعد أن ثبت إيواء قطر الجماعات الإرهابية وتمويلها، لا سيما طالبان المسؤولة وفقاً لمارك دوبوويتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين الأحد الماضي، طالعتنا الصحف التركية بأخبار تشير إلى إقدام الشرطة القطرية على اعتقال عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص موالية لجماعة فتح الله غولن المناهضة للحكم التركي، على طريق مغادرتها الدوحة إلى جنوب إفريقيا. إلا أن المشهدية الأبرز سطرتها تغريدة إيرانية على لسان علي مطهري، النائب المعتدل في البرلمان الإيراني، ناشد فيها الانتحاريين توجيه اعتداءاتهم للإسرائيليين وليس لأبناء شعبهم. زواج مصلحة وفي حين تشير التحليلات، لا سيما تلك التي نشرها حسين إيبش، كبير الباحثين في معهد دراسات دول الخليج في واشنطن، عبر حسابه على «تويتر»، إلى أن أنقرة لا تملك القدرة ولا الجرأة على لعب دور الراعي الحاضن لقطر، أكدت الصحافية آنا فارفواوميفا من موقع «غلوب بوست» أن التقارب الإيراني التركي بشأن قطر ليس إلا زواج مصلحة تحدد أطره ديناميات إقليمية، علماً أن دعم تركيا لقطر يؤثر في مخططات أنقرة في المنطقة. ولم يشفع للدوحة التي أغرقتها سياساتها في عزلة عن جيرانها، مناشدتها اليائسة منظمة الأمم المتحدة إدراج الحظر الجوي المفروض عليها في خانة الممارسات اللاشرعية. وجاءها الردّ سريعاً حين طالبها وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون ببذل المزيد من الجهود لكبح مساعدة وتمويل الإرهاب، وحضّها على مراعاة مخاوف جيرانها لوقف وتيرة التصعيد. خضوع قطر وفي سياق مغاير، ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن قطر خصصت للمحامي العام الأميركي السابق جون آشكروفت بمبلغ 2.5 مليون دولار على أن يتابع مكتبه التدقيق حسابياً في مساعي الدوحة لوقف دعم الإرهاب. وتتزامن هذه التطورات مع بروز تقارير تشير إلى بداية خضوع قطر للضغوط متمثلاً بحض قادة حركة حماس على مغادرة البلاد، وأن رئيس المكتب السياسي السابق للحركة خالد مشعل وكبار قادته سيغادرون على الأرجح إلى كل من تركيا وماليزيا ولبنان. وتناول حاييم مالكا، كبير الباحثين ونائب مدير برنامج الشرق الأوسط في موقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، المسألة القطرية من بوابة غزة فقال: «إذا ما تمخض النزاع الخليجي الداخلي عن ضغوط على قطر لوقف دعم حماس، فإن التوازن الحساس في غزة سيكون عرضة للتزعزع. وقد يطلق شرارة مواجهة جديدة بين حماس وإسرائيل، تسفر عن عواقب وخيمة تطال المدنيين». وتجدر الإشارة في هذا السياق ربما إلى ما لفت إليه المحلل أنطوني كوردسمان في مقاله الأخير بعنوان «إيران قطر الإرهاب والحروب التي تخاض لمستقبل الإسلام»، حين ختم قائلاً: «إن الأزمة الراهنة في إيران حول الشأن القطري ليست إلا أحد مؤشرات التحذير الأحدث على وجود مشكلات تخطى بأشواط الحرب على الإرهاب».
مشاركة :