الكتاب يشتمل على رؤية نقدية للأديب الموريتاني الراحل، يقدّم من خلالها ولد عبدي نظرته للواقع الشعري الموريتاني الحديث، مُتناولا بالتحليل محاور قصيدة النثر.العرب [نُشر في 2017/06/14، العدد: 10663، ص(15)]أفق التخطّي أبوظبي - يتناول كتاب “محمد ولد عبدي.. مُقاربات ونصوص جديدة” من جمع وإعداد ابنة الشاعر الراحل عائشة محمد عبدي، حياة الشاعر الموريتاني محمد ولد عبدي، ليس من منطلق السيرة بل من منطلق آراء الشاعر النقدية والفكرية التي تسردها ابنته بكل تجرد، لتقدم صورة متكاملة عن أبيها الشاعر. ويشتمل الكتاب على رؤية نقدية للأديب الموريتاني الراحل، بعنوان “أفق التخطّي”، قدّم من خلالها ولد عبدي نظرته للواقع الشعري الموريتاني الحديث، مُتناولا بالتحليل محاور قصيدة النثر، والاقتصاد اللغوي، والموروث الشعبي. كما ضم الكتاب، الصادر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، سبعة نصوص شعرية للراحل، وفصلا بعنوان “اللطائف العبدية” وهي مجموعة خواطر نادرة كتبها في أواخر أيام حياته، عبارة عن تأملات في النص القرآني والكون والوجود والحياة، وقد صاغها بأسلوب لغوي عميق، وبثّ فيها من رؤيته الفكرية ونظراته الثاقبة، مما يجعلها مزيجا من الأحاسيس والأفكار تخاطب قلوب القراء وأذهانهم في آن واحد. وتضمّن الكتاب قصيدة مطوّلة للشاعر بعنوان “النظم الموثوق في اللفيف المفروق”، وباقة من أبيات شعرية شكلت أجوبة لأسئلة المسابقة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حول “السيرة النبوية”. يقول الباحث ولد متالي لمرابط بن أحمد في تقديمه للكتاب، إن أعمال ولد عبدي تُعلن عن نفسها عبر إشراقاتها اللغوية والفنية الفاتنة، وتحاور القارئ لتغريه بملامسة البهاء الذي تحتضنه، فهو في كتاباته النقدية الباحث العلمي الذي ينطلق من تصوّرات ومفاهيم نقدية واضحة، محللا الوقائع النصية عبر رؤية خاصة تنطلق من أسس قرائية عتيدة، وبأسلوب شاعري جذاب، وهو في مجال الإبداع راهب الفن السحري الذي يتصوّف في صومعة الذات بحثاً عن مجهول القصيدة وكيمياء الإبداع. إنّه الشاعر الذي يمتلك أسلوبه ولغته الخاصة، ورؤيته النظرية والإبداعية لكتابة جديدة، فيما يظل باستمرار متأبطا روح الجمال، ومُعانقاً سحر الكلمة، بحثاً عن الشعر، ذلك الكائن اللازوردي الذي يأتي ولا يأتي. رحل الناقد والشاعر والأديب محمد ولد عبدي في 28 ديسمبر 2014 بأبوظبي بعد صراع مع المرض، عن عُمر ناهز الـ 50 عاما، وقد ساهم ولد عبدي في العديد من المشاريع الثقافية الناجحة، حيث كان مُحاضرا في أكاديمية الشعر بأبوظبي وعضو الهيئة التدريسية فيها، وعضوا في اللجنة العليا المشرفة على برنامج أمير الشعراء، كما كان مسؤولا عن تنظيم العديد من الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية في أبوظبي، حيث عمل باحثا في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وساهم في أنشطة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كما سبق أن ساهم في الإشراف على عدد من الفعاليات الثقافية المُصاحبة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب. نال محمد ولد عبدي شهادة الدكتوراه في الآداب عام 2007، متخصصا في المناهج النقدية الحديثة والنص العربي القديم، وذلك من كلية الآداب، بجامعة محمد الخامس بالرباط، وقد تقدم بأطروحة بعنوان “السياق والأنساق في الشعر الموريتاني في القرن العشرين”.الكتاب تضمن قصيدة مطوّلة للشاعر بعنوان (النظم الموثوق في اللفيف المفروق)، وباقة من أبيات شعرية شكلت أجوبة لأسئلة المسابقة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حول (السيرة النبوية) ومن الجدير بالذكر أن لمحمد ولد عبدي مجموعات شعرية ودراسات نقدية عديدة منها في مجال الشعر: ديوان “الأرض السائبة” وكتاب “الرحيل”، وغيرهما، وفي مجال النقد الأدبي نذكر كتابه “ما بعد المليون شاعر”، وهو كما جاء في عنوانه الفرعي مدخل لقراءة الشعر الموريتاني المعاصر، وقد حصل من خلاله مؤلفه على جائزة الشارقة للإبداع العربي عام 1999، وكتاب “تفكيكات، مقاربات نقدية في نصوص إماراتية”، إضافة إلى كتاب “فتنة الأثر، على خطى ابن بطوطة في الأناضول”، وغيرها من البحوث والقراءات النقدية والدراسات المنشورة في عدد من المجلات المحكمة. درس الراحل القرآن الكريم ومتون اللغة العربية والفقه المالكي على يد والده ومشايخ مدينته في موريتانيا، ثم دخل التعليم النظامي، وحصل على شهادة الأستاذية في الآداب العصرية 1985- 1986 من جامعة نواكشوط، وعلى شهادة الدراسات العليا (الماجستير) 1988 من جامعة محمد الخامس-الرباط، وكان عضوا في رابطة الأدباء الموريتانيين، وفي اتحاد الكتاب العرب. وقد شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الثقافية في الدول العربية. وتعتبر أكاديمية الشعر التي أصدرت الكتاب، الأولى من نوعها في العالم العربي، وحازت الريادة في المحافظة على الموروثين الشعبي والعربي، وتعزيز مكانة الشعر النبطي أكاديميّا وفق معايير بحثية وعلمية دقيقة. وتقع إصدارات الأكاديمية في إطار الكتب ذات القيمة الأدبية والثقافية والتاريخية والعلمية، وساهمت حتى اليوم برفد المكتبة العربية بـ160 إصدارا مُتخصّصًا، من دواوين شعر فصيح ونبطي، وبحوث مُختصّة ودراسات أدبية نقدية وتحليلية.
مشاركة :