الغزيون محبطون فاقدون للثقة بمستقبلهم

  • 6/15/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يبدأ قطاع غزة اليوم، عامه الحادي عشر تحت سيطرة حركة حماس، التي اختارت في 14 يونيو (حزيران) 2007 طريق القوة العسكرية، لحسم خلافاتها مع السلطة الفلسطينية، مخلِّفة مئات القتلى وآلاف الجرحى، وجرحاً غائراً في الجسد الفلسطيني.يمكن القول إن الحركة الإسلامية أقامت «دولتها» هناك: حكومة، وموظفين، وشرطة، وأجهزة أمنية، وقضاء مستقلاً. وهي تجربة يبدو أنها فشلت بعد 10 أعوام، تردى فيها مستوى المعيشة، وارتفعت خلالها نسب الفقر والبطالة والاعتماد على المساعدات، وتخللتها ثلاث حروب طاحنة خلفت دماراً ومشردين.ولم يعد سرّاً أن المواطن الغزي العادي، لا يجد شربة ماء نظيفة، ولا يحصل على كهرباء لأكثر من ساعتين أو ثلاث في أحسن تقدير، في مشهد يرسم إلى حد كبير، حجم المعاناة التي يغلِّفها حصار إسرائيلي مطبَّق وطويل.وفي حين تحاول السلطة الفلسطينية استعادة قطاع غزة عبر إجراءات اقتصادية ضاغطة، وترفض حركة حماس الاستجابة، متهمة إياها بالمشاركة في حصار القطاع، يدفع الفلسطينيون المزيد من الأثمان الكبيرة وسط غياب كامل للأفق.يقول علي مشهور (41 عاماً) الذي يعمل في القطاع الخاص، وعايش حقبتي حكم السلطة، والعهد الجديد لحماس، إن «الأزمات المتلاحقة تجعلنا نفكر فقط في تأمين احتياجاتنا اليومية، بصراحة، لم يعد هناك أي تخطيط للمستقبل.. أصلاً لم نعد نستطيع ذلك». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الحياة لا تُطاق، لا يوجد حاضر ولا مستقبل، ولا نعتقد أن هذا يمكن أن يتحسن في ظل انعدام إمكانية تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام».ويعتقد مشهور أن حماس خسرت أكثر بعد حكمها القطاع. ويقول: «حماس فشلت في إدارتها لغزة، وأهم فشل هو توفير ظروف مناسبة للحياة... أعتقد أن عليها أن تدرك أن الواقع تغير وتعمل على تحسين الظروف الحياتية للحفاظ على قوتها وجماهيريتها». ويضيف: «حتى قاعدتها الجماهيرية تزعزعت بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار والأوضاع المعيشية التي يعيشها السكان هنا».ويرى مشهور أن الحل الأمثل أمام حماس، هو إنهاء الانقسام. ويقول: «من دون ذلك، الوضع سيزداد سوءاً. كل شيء يتراجع إلا أرقام الفقر والبطالة. الأجيال تفقد الثقة بالمستقبل وهذا وضع مخيف». وتشير الإحصاءات الفلسطينية المنشورة بمناسبة 10 أعوام على «انقلاب» حماس، إلى حقائق صعبة ومُرّة.وقامت الحكومة الفلسطينية بنشر أرقام مقارنة بين وضع قطاع غزة عام 2007، قبل أن تسيطر عليه حماس، ووضعه في 2016، جاء فيها أن نسبة البطالة وصلت في 2016 إلى 41.7 في المائة بعدما كانت في 2007 تبلغ 29.7 في المائة، والفقر وصل إلى 65 في المائة بعدما كان 38.3 في المائة، والصادرات تراجعت إلى 3.997، بعدما كانت في ظل حكم السلطة تصل إلى 33.956.وتظهر إحصاءات أخرى أن 70 في المائة من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 89 في المائة لا يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية.تقول عبير سامي (32 عاماً) وهي طالبة ماجستير إدارة واقتصاد: إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة منذ بدء الانقسام حولت غزة إلى طبقات... فقد أغنت نتائج حكم حماس البعض من المستفيدين وأفقرت آخرين. وهي ترى أن هذا الوضع الصعب، هو ما رفع من معدل حالات الانتحار والقتل والهجرة. وتقول إن البديل الوحيد لإنهاء الواقع الحالي، هو إجراء انتخابات عامة لإخراج الفلسطينيين من حالة التشرذم التي يعيشونها، وإنه من دون انتخابات، فإن غزة تتجه للأسوأ، خصوصاً في ظل القرارات الأخيرة للسلطة الفلسطينية في محاولة للضغط على حماس. وتضيف عبير: «للأسف المواطن الفلسطيني وحده يدفع الثمن، بالكاد تصل إليه الكهرباء والمياه، وبالكاد تستطيع السيدة في بيتها إنجاز أعمالها البيتية، منذ 10 أعوام، يوجد دائما هموم جديدة ولا تزول أو تتغير».وعلى الرغم من أن الفلسطينيين تعودوا، إلى حد ما، على الحصار الخانق ومشكلات أخرى لا حصر لها، فإن التأقلم مع انقطاع الكهرباء وشحة المياه يبدو أمراً مستحيلاً.ويحصل الفلسطينيون في غزة اليوم، على 3 ساعات كهرباء فقط في اليوم، ولا يحصلون على ماء شرب نظيف من أي مصدر أساسي. ويحول هذا حياة معظم سكان القطاع إلى مأساة، مع نقص ملحوظ في كثير من الأحيان، في الغاز أو الوقود أو مواد البناء أو حتى الأموال النقدية.ويصف حسام عابد (20 عاماً)، وهو طالب هندسة، الحياة في غزة، بأنها بائسة. ويقول: «المواطن الغزي فاقد لكل مقومات الحياة.. كل شيء في تراجع». ويشير عابد إلى أن والده، الذي يملك محلاًّ تجاريّاً بمدينة غزة، بات لا يستطيع توفير لقمة العيش اليومية لأبنائه، بسبب انعدام الحركة التجارية في الأسواق. ويرى أن ذلك سيستمر ويتضاعف، في ظل الإحباط الشديد والقلق من حرب جديدة محتمَلَة.ولا تقتصر أوجه المعاناة في غزة على الوضع الاقتصادي وانعدام الآفاق السياسية، بل تتعدى ذلك إلى الشروخ المجتمعية، التي سببها الاقتتال والثارات، واعتقاد كل طرف بأحقيته في حكم القطاع، إضافة إلى الضغوط التي تمارسها كل من السلطة ومصر على حماس، وتنعكس بالتالي على حياة الناس.يقول المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إنه توجد جهات عديدة من مصلحتها بقاء الأوضاع في قطاع غزة، على ما هي عليه اليوم. ويضيف: «أهمها إسرائيل التي لا تزال تلعب دوراً في تعميق الانقسام». ويرى إبراهيم أن الوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام ويردم الفجوات الكبيرة بين فتح وحماس، بات مسألة صعبة للغاية، في ظل وجود إسرائيل، وبعدما تمأسس الانقسام. وسألت «الشرق الأوسط»، القيادي في حماس عطا الله أبو السبح، عضو المكتب السياسي للحركة، عن مستقبل غزة في ظل حكم حماس، فقال إن «حماس حققت الكثير من الإنجازات للفلسطينيين خلال حكمها، على الرغم من الحصار المشدد من قبل الاحتلال الإسرائيلي. فهي استطاعت الصمود والحفاظ على الثوابت، رغم الحصار والحروب الإسرائيلية المتكررة، التي كان آخرها عام 2014 واستمرت 51 يوما، حققت فيها حماس صمودا أسطوريا».ويضيف المسؤول الحمساوي: «كما أن حماس حققت اكتفاءً ذاتيّاً على المستوى الحياتي بغزة، فقد عملت على الانفتاح على العالم، وحافظت على الثوابت الفلسطينية ولم تعترف بإسرائيل، رغم كل ما تعرضت له». وأردف: «حماس حافظت على سمعتها لأنها حركة مقاومة وليست إرهاباً، والمقاومة مكفولة في كل الشرائع والقوانين، وحافظت على نهجها ووسطيتها، رغم كل العوائق التي تعرضت لها». وأرجع أبو السبح فشل جهود المصالحة، على الرغم من توقيع 7 اتفاقيات في دول مختلفة، إلى وجود فيتو أميركي - إسرائيلي. ورفض الاتهامات الموجهة لحماس بالتدخل في شؤون العرب، قائلاً: «الحركة لم تتدخل في أي من الشؤون الداخلية للدول العربية طوال فترات حكمها، وحافظت على علاقات متزنة مع الجميع، دون الانحياز لأي طرف على حساب آخر، وإنها لم ولن تحرف البوصلة، وسلاحها موجَّه للاحتلال الإسرائيلي فقط».

مشاركة :