البرلمان المصري يقر اتفاقية تيران وصنافير ويؤكد تبعيتها الى المملكة العربية السعودية

  • 6/15/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أقر البرلمان المصري اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي وقّعت في نيسان (أبريل) العام الماضي خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز القاهرة وآلت بمقتضاها ملكية جزيرتي «تيران وصنافير» للمملكة. وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي أحالت الاتفاقية إلى الجلسة العامة للبرلمان، بعد جلسة استغرقت أقل من ساعة، انتهت بتأييد كل أعضاء اللجنة عدا نائب واحد، الاتفاقية. وفي الجلسة العامة، تلا المقرر الاتفاقية، ثم طلب رئيس البرلمان علي عبدالعال من النواب التصويت عليها، ودعا الموافقين إلى الوقوف، متجاهلاً طلب المعارضة التصويت نداءً بالاسم، وبعدها أعلن موافقة البرلمان على الاتفاقية التي بقي لدخولها حيز النفاذ مصادقة رئيس الجمهورية والنشر في الجريدة الرسمية. وساد ارتباك أعضاء البرلمان أمس، إذ لم يكن نواب تكتل «25 – 30» المعارض للاتفاقية على علم بالتصويت عليها أمس، فيما تم حشد نواب تكتل «دعم مصر» المؤيد للحكم، مساء أول من أمس لحضور الجلسة، وأبلغوا بأن الاتفاقية ستحال من لجنة الدفاع والأمن القومي بعد اجتماع واحد على الجلسة العامة للتصويت النهائي عليها. وكانت لجنة الشؤون التشريعية ناقشت الاتفاقية على مدى 3 أيام في 4 جلسات، شهدت آخرها اشتباكات بالأيدي بين النواب، وأقرتها هذه اللجنة ورفعتها لجلسة عامة أحالتها للجنة الدفاع والأمن القومي، التي تضم في غالبيتها ضباطاً سابقين في الجيش والشرطة، التي أقرت الاتفاقية في اجتماع واحد وأحالتها فوراً إلى الجلسة العامة. وقال عبدالعال: «نحن برلمان عريق يجب أن يتحلى بالديموقراطية. أتمنى أن أقدم الجلسة للعالم في شكل حوار ديموقراطي يعكس تاريخ المجلس النيابي الذي مضى 150 عاماً على تأسيسه. كل من لديه رأي يعبر عنه، وكل النواب وطنيون، ولا فارق بين مؤيد ومعارض». ثم تم استعراض تقريري لجنتي «الشؤون الدستورية والتشريعية» و «الدفاع والأمن القومي» حول الاتفاقية. وتحدث خلال الجلسة العامة رئيس هيئة المساحة البحرية في القوات المسلحة العميد بحري أشرف العسال، فأكد أن المسافات لا تحسم السيادة وأن قرب أو بعد جزيرة عن ساحل الدولة لا يعني سيادتها عليها، إذ إن السيادة أمر يحسمه نقاط الأساس والاتفاقيات السياسية وليس المسافات. وأضاف أن مصر حسمت حدودها البحرية في البحر الأحمر بقرار جمهوري صدر في العام 1990 وتم إيداعه الأمم المتحدة، وتضمن 56 نقطة أساس لا تقع أي منها على الجزيرتين. وأسهب في شرح الأسس الفنية والقانونية التي استندت عليها المفاوضات مع السعودية. بعدها أعلن النائب محمد السويدي رئيس ائتلاف «دعم مصر»، صاحب الغالبية الكاسحة في البرلمان، موافقة الائتلاف على الاتفاقية. وقال السويدي إن هذا الملف من أصعب الملفات التي يتخذ فيها البرلمان قراراً، موضحاً: «النواب مدركون أنهم سيخسرون جراء هذا القرار، لكن الأمانة في العمل تتطلب هذا الأمر». وأضاف: «الحكومة فشلت في تقديم هذا الملف ونحن نتحمل مساوئها. المصريون لا يسرقون مال أحد، والقوات المسلحة دافعت عن هذه الاتفاقية ونحن معها. لو كانت القوات المسلحة تدرك أن الاتفاقية خاطئة لم تكن لتصمت إطلاقاً». وقال: «أعلم أن قرار البرلمان بالموافقة على الاتفاقية سنعاني منه شعبياً، لكن المسؤولية الوطنية تحتم علينا ذلك». وقبل انعقاد الجلسة العامة سعى نواب تكتل «25 – 30» إلى جمع توقيعات من النواب للتعبير عن معارضتهم الاتفاقية. وقال بعضهم إن تلك التوقيعات ستعلن للرأي العام، كي يعلم الناخبون أياً من النواب أيد الاتفاقية ومن عارضها. وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي عقدت اجتماعاً صباح أمس شاركت فيه هيئة مكتب لجنة الشؤون التشريعية، ووزير شؤون مجلس النواب المستشار عمر مروان. وقال رئيس اللجنة اللواء كمال عامر إن الوثائق والخطابات المتبادلة والمودعة في الأمم المتحدة تؤكد تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، مضيفاً: «نثق في مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، ولا يمكن أي مصري أن يفرط في الأراضي المصرية». واعتبر أن شهادة الخبيرة في ترسيم الحدود هايدي فاروق أمام لجنة الشؤون التشريعية عن مصرية الجزيرتين «لا تستند إلى وثائق مدققة». ورد المستشار عمر مروان على تلك الشهادة بالتأكيد أن فاروق لم تعمل في الاستخبارات العامة، ولكن تمت الاستعانة بها في شكل موقت، وأن ما قدمته بخصوص الجزيرتين «أوراق عرفية متداولة ليس فيها أي جديد». وشهدت الجلسة تساؤلات عن أسباب الاستعجال في إقرار الاتفاقية. وسأل عضو اللجنة اللواء محمد عقل: «أرفض الاستعجال في عرض الاتفاقية. لماذا تتم الموافقة عليها في 48 ساعة؟». واستبق ائتلاف «دعم مصر» المؤيد للحكم جلسة التصويت على الاتفاقية ببيان أكد فيه أن نوابه تلقوا «تهديدات من الداخل والخارج ومحاولات ابتزاز متعددة» مع بدء مناقشة الاتفاقية في البرلمان. وقال إن «الحكومة حضرت جميع الجلسات وقدمت من خلال خبراء ومختصين من أجهزة الدولة رؤية كاملة ومتكاملة من الناحية الجغرافية والتاريخية والقانونية وهو ما يدعو للدهشة والاستغراب، ويطرح السؤال: لماذا لم تقدم إلى الرأي العام هذه الإيضاحات والمستندات وسمحت بسيطرة رأي واحد على جميع وسائل الإعلام؟»، معتبراً أن هذا الأمر «جعل مجلس النواب في حرج بالغ، وسمح لأعداء الوطن من الإرهابيين بالقفز على هذه القضية وترك المجال واسعاً للنيل من الجميع». وأضاف أن «بعض النواب يريدون فرض آرائهم على الآخرين عنوة، على رغم أنهم لم يتمكنوا من إقناع زملائهم بوجهات نظرهم، فعمدوا إلى افتعال المشكلات وتعطيل المناقشات، وتعرض كثير من النواب لمحاولات عديدة للاستفزاز». وقال: «إذا كان الرأي للجميع فإن القرار للغالبية، وعلى الجميع احترام ذلك، وإلا تعرضت الدولة ونظامها السياسي للانهيار وكان ذلك نذيراً بالفوضى وهو ما لا يقبله الائتلاف أو سيسمح به». ودعا إلى قبول نتائج الديموقراطية وعدم محاولة فرض الرأي عنوة وبالإكراه، محذراً من احتكار صكوك الوطنية والدفاع عن أرض الوطن. لكن حزب «الوفد» المؤيد للحكم قال في بيان إن الجزيرتين تخضعان للسيادة المصرية ما يلزم الحكومة والبرلمان بعرض الاتفاقية على استفتاء شعبي، وفقاً لنص المادة ١٥١ من الدستور. اللافت أن الأمين العام لحزب «الوفد» هو نفسه رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان بهاء الدين أبو شقة الذي خلُص في تقرير اللجنة إلى أن النص الدستوري لا ينطبق على تلك الاتفاقية، ومن ثم فلا حاجة لطرحها على استفتاء. ميدانياً، تحولت وسط القاهرة إلى ثكنة أمنية، إذ تراصت حاملات الجنود في محيط ميداني التحرير وعبدالمنعم رياض، وزادت كثافة التواجد الأمني في محيط نقابة الصحافيين، الذي شهد اشتباكات مساء أول من أمس، بين الأمن ومتظاهرين تجمعوا أمام مقر النقابة. وألقت الشرطة القبض على عدد منهم. وفيما أغلقت بعض الطرق انتشرت قوات الأمن بكثافة في شارع قصر العيني حيث مقر البرلمان والحكومة، في ظل دعوات نشطاء إلى اعتصامات وتظاهرات في مواقع عدة في وسط القاهرة والإسكندرية. وكان عشرات النشطاء والصحافيين تجمعوا أمام مقر النقابة مساء أول من أمس، بينهم المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي ورموز التيار الناصري واليساري. وطوقت قوات الأمن المتظاهرين، وجرت اشتباكات بين المتظاهرين والأمن والمارة، فيما ألقت الشرطة القبض على عدد من المتظاهرين بينهم صحافيون تم إطلاقهم بعد توقيفهم لأكثر من ساعة، وأحيل 8 متظاهرين إلى النيابة العامة بتهمة «التظاهر من دون تصريح». ودعا نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة في مؤتمر صحافي إلى النأي بالنقابة عن الخلاف بخصوص اتفاقية تيران وصنافير، مشدداً على أنه لن يسمح بأي اعتصامات أو تظاهرات لنشطاء داخل النقابة، فيما نظم محامون في الإسكندرية وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية في المدينة، رفعوا فيها لافتات كُتب عليها: «تيران وصنافير مصرية».

مشاركة :