بضائع مكدسة وأسواق خاوية من الزبائن مع انهيار اقتصاد جنوب السودان

  • 6/15/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

اويل (جنوب السودان) (أ ف ب) - قبل ستة أشهر كان البائع الشاب جيمس دينغ يبيع زجاجة زيت الطعام في مدينة أويل في جنوب السودان مقابل 70 جنيها لكنه الآن يبيعها ب 140 جنيها بسبب التضخم القياسي في البلد الذي يعاني من حرب أهلية منذ قرابة أربع سنوات. وفي هذا السوق الرئيسي في شمال غرب البلاد كما هي الحال في سوق كونيوكونيو في العاصمة جوبا، وعلى بعد حوالي 800 كلم منها الى الجنوب، وفي عديد من المدن، تضاعفت أسعار السلع الأساسية كنتيجة مباشرة للحرب الأهلية المستمرة منذ كانون الأول/ديسمبر 2013. انهارت عملة جنوب السودان من 18,5 جنيها مقابل الدولار في كانون الأول/ديسمبر 2015 إلى 140 جنيها مقابل الدولار في السوق السوداء في جوبا. وبلغ التضخم مستويات قياسية إذ ارتفع بنسبة 730% في أخر 12 شهرا، حسب أرقام البنك الدولي. ويبيع آدم عمر البصل الأحمر مقابل 500 جنيه لكل "مالوا" وهو وعاء حديدي يحتوى على أربعة كيلوغرامات ويستخدم كوحدة قياس، في حين كان يبيعه قبل ستة أشهر مقابل 70 جنيها فقط. ويقول عمر "إن البصل الآن غال جدا ولا أحد يستطيع شراءه". وكان عمر يتحدث أمام محله الممتلئ بالبضائع كالمحلات المجاورة له والتي تفتقد جميعا للزبائن. وفي كونيوكونيو، كان يوم السبت دوما الأكثر ازدحاما في هذا السوق الحيوي، لكن في أوائل حزيران/يونيو كان قلة من الزبائن يتنقلون بين الأكشاك التي تبيع الملايات والأطباق البلاستيكية والملابس المستعملة ويديرها تجار سودانيون. وتباع الخضروات في مناطق ينتشر فيها تجار اوغنديون. وقالت المدرسة الأربعينية كمالا أن زيارة السوق أصابتها بمزيد من الإحباط. وأضافت وهي تحمل سلة تسوق في يدها "جئت ومعي 6000 جنيه لكن أنظر السلة لم تمتلئ". وقالت كمالا إنها لم تحصل على مرتبها منذ كانون الثاني/يناير الفائت وإن الأمور تزداد صعوبة لشراء الأساسيات. - تبديد المدخرات يبلغ مرتب كمالا الشهري 2000 جنيه، وهو على ما هو عليه منذ سنوات. ولكن في بداية 2016، كان راتبها يساوي 65 دولارا (58 يورو)، أما الآن فيساوي بالكاد 15 دولارا. وتتفاقم المشكلة في جنوب السودان حيث كل شيء تقريبا مستورد من الخارج. وتقول كمالا "المال الذي نصرف منه الآن كان مدخرا للمستقبل، للصرف على احتياجات الصغار، والعلاج، أو تعليمهم. لكننا الآن نصرفه على الطعام". وتابعت "الحل الأول لهذه المشكلة هو وقف النزاع. هذا سيعطينا الفرصة لزراعة ما نأكل". يعمل 85% من العمال في جنوب السودان في أعمال خاصة، والغالبية العظمى من السكان منخرطون في أنشطة زراعية صغيرة، لكن النزاع الدائر أثر سلبا على الانتاج الزراعي وسبب أزمة غذاء طاحنة وصلت حد المجاعة في بعض المناطق. وتتفهم حكومة الرئيس سيلفا كير حساسية المسألة لذا أمرت بتوفير شاحنات أغذية من اوغندا المجاورة. وكان من المفترض أن يؤدي تدفق الغذاء المدعوم إلى المساعدة في تقليل الضغوط على الأسعار، لكن أثره بقي محدودا. وطالت الأزمة أيضا قطاع النفط، مصدر البلاد الوحيد للنقد الأجنبي، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط عالميا. وقال وزير المال في جنوب السودان ستيفن ديو "قبل الأزمة في 2013 كنا ننتج 240 ألف برميل يوميا. في 2014 وحتى النصف الأول من 2015 كنا ننتج 160 ألف برميل يوميا. حسب معرفتي فاننا الان ننتج أقل من 130 الف برميل يوميا". وأضاف ان الحكومة تسعى لإعادة تأهيل المنشآت النفطية التي تضررت بفعل القتال وزيادة الانتاج لحوالي 160-180 ألف برميل يوميا. وجنوب السودان أكثر دول العالم اعتمادا على عائدات النفط التي تشكل تقريبا كل صادرتها ونحو 60% من الانتاج المحلي الاجمالي، وفق البنك الدولي. ويكافح سائقو الشاحنات وسيارات الأجرة والسيارات الخاصة لملء خزانات الوقود، إذ ينتظرون لساعات في طوابير طويلة خارج محطات البنزين القليلة التي يتوافر فيها الوقود. ولتفادي ذلك فإن البديل هو اللجوء للسوق السوداء. وفي مدينة اويل على سبيل المثال، يبيع صديق (26 عاما) صفيحة تسع 16 لترا من البنزين مقابل 2800 جنيه بدل 1700 جنيه قبل 6 أشهر. وتشكل هذه السوق السوداء سوقا موازية تعمل في وضح النهار في شوارع المدينة المزدحمة. والمفارقة أن صديق لا يواجه أي مشكلة مع المسؤولين إلا حين يأتون للشكوى من أن التجار يخزنون الوقود لجعل أسعاره ترتفع، تماما كما يفعل هو لكسب قوت يومه. © 2017 AFP

مشاركة :